كلمة حق الغــــرب والحـــــرب!
الأربعاء 6 شعبان 1443? 9-3-2022م
كلمة حق
الغــــرب والحـــــرب!
أ د. عمار طالبي/
ها هي الحرب تتقد ولا تبرح ساحتها، لكن من أوقدها، وأشعل نيرانها، وسفك دماء الأبرياء من الأطفال الرضع، والشيوخ العجّز، ودمر المدن، وقطع الماء والكهرباء على السكان، ودمر الجسور، والموانئ، إنه الغرب المسيحي، وشرقه المسيحي أيضا مشتركان معا، ويتهمون المسلمين بالعنف إذا قامت جماعة مجنونة منهم بالتفجير، وقتل الأبرياء والمسلمين لا يقرونهم على ذلك، ولا يقبلون صنيعهم وأعمالهم الشنيعة، وصنع الإعلام الغربي صناعة كاذبة سماها إسلاموفوبيا، وأخذت العنصرية تنشب أظفارها، في مضايقة من لبس الحجاب من الشابات المسلمات، وهن طالبات مسالمات، ومن حقهن الحرية في اللباس، إذ أنه لا يضير أحدا، فهل السيخ الهنود الذين يلبسون عمائمهم، ويطيلون لحاهم يمنعون من ذلك؟ وهل الراهبات المتحجبات يمنعن كذلك، وهل هؤلاء الذين يحملون الصليب في أعناقهم من ذهب أو فضة لا يقبل منهم، بدعوى أنه رمز ديني؟ وهل حرية التدين أمر قبيح، وحرية العهر والعُري شيء جميل مباح؟
إن الغرب هو الذي شن الحرب الأولى وبعد مدة غير طويلة شن حربا ثانية قتل فيها الملايين، وشرد آخرون، ودمر ما دمّر في العالم من الناس، ومن معالم الحضارة، ومن الفساد في البر، والبحر، وفي الجو، وها هي حرب على الأبواب في عالميتها، ويتوعد أصحابها باستعمال النووي، في حرب عالمية ثالثة، لا تبقي ولا تذر، أخذت شهوة التوسع والتسلط من نفوس هؤلاء الطغاة الغربيين تدفعهم للحروب والفساد في الأرض.
هذا التقدم العلمي، وهذا التدمير للعالم الذي يسكنه البشر فقد كل قيمة أخلاقية، فإذا فقدت القيم الأخلاقية والدينية، فإن العلم المادي وحده خاليا من هذه القيم الإنسانية يؤدي إلى دمار الإنسان وهذا العالم الذي هو بيتنا، منه نتغذى وفيه نتنفس ونحيا.
إذا كان التاريخ لم يخل من الحروب، فإنها كانت حروبا شنيعة أيضا، ولكنها لم تبلغ هذا المستوى من الدمار والهلاك، أسلحتها بسيطة، وقادتها ذوو شجاعة، أما الآن فإن الطائرات المسيرة آلات مدمرة للناس أصاب أصحابها الجبن فلم يركبوها، وبذلك يقتلون الناس، ويدمرون المؤسسات وهم بمنجاة من كل ذلك.
وما وقع في العراق من التدمير، والقضاء على الدولة، ليس عنا ببعيد، وما حدث في أفغانستان لمدة عشرين عاما من القتل، والتشريد أمره واضح، في مظالمه وفساده وفي النهاية رحل الجيش الأمريكي وترك الخراب والدمار، ثم تأخذ الولايات المتحدة أموالهم على أن تعوض بها ما ارتكب من مجازر، وتصرفها كما تشاء فهل من ظلم وعدوان أكثر من هذا؟ تأخذ أموال شعب يشكو الفقر، والجوع وتدعي الديمقراطية، والإنسانية.
وما وقع في سوريا من الفظائع، والهلاك، أليس ذلك عدوانا على شعب سوريا، للتمكن من الحفاظ على حكم، ولغرس قواعد عسكرية بحرية، وبرية، وجوية.
يبدو أن هذا القرن، قرن الحروب، والتسلط، والإيمان بالقوة وحدها، يُستعمل العلم والتقنية في الفساد بدل الخير، إن غياب القيم الأخلاقية هو سبب هذا الدمار، العلم الحقيقي بريء من الفساد، ولكن الإنسان هو الذي يحوله وهو خير إلى آلة حرب ودمار وشر مستطير.