في الوقت الذي تحرّك جميع الجزائريين في هبّة تضامنية غير مسبوقة لجمع التّبرعات واقتناء تجهيزات الأوكسجين من مكثّفات ومولّدات وحقائب تنفّس، ظهرت فئة قليلة في المجتمع تحرّكت في الاتّجاه المعاكس بنية التربّح من الأزمة بطريقة لا تمت بصلة لا لتقاليد المجتمع الجزائري ولا لتعاليم ديننا الحنيف، والأغرب أنْ يتحرك تجّار الأزمة لدخول بورصة الأوكسجين وهي المادة الأكثر طلبا هذه الأيام في المستشفيات والمصحات وحتّى في البيوت.
على الذين يضاربون في مادة الأوكسجين أو يعرضونها للبيع خارج إطارها الرّسمي العودة عن هذا الفعل الشّنيع، لأن الأمر يتعلق بحياة النّاس ولا يصح أخلاقيا ولا دينيا أن يكسب الإنسان رزقه بالاستثمار في الأزمات والكوارث الوطنية.
الشّيخ شمس الدّين بوروبي أطلق فتوى على الهواء قائلا: إن الذي يملك مكثف أوكسجين ويرفض منحه لمريض إلا بمقابل مادي هو في حكم القاتل، واستند في ذلك إلى القانون الذي يدين شخصا لمجرد عدم تقديم المساعدة لشخص آخر وهو في حالة خطر، وهو محق؛ لأن الأمر هنا لا يتعلّق بسلعة عادية وإنما بالهواء الذي وهبه الله عز وجل مجانا وبلا حساب، فكيف يأتي من يبيعه لشخص هو في أمس الحاجة إليه.
إنّ هؤلاء الذين يتاجرون في الأزمة تجاوزتهم الهبّة التّضامنية الوطنية التي اندمج فيها الجميع بمن فيهم مشاهير “السوشل ميديا” إذ تحوّل هؤلاء في لمح البصر إلى نشطاء في المجال الخيري والإنساني ووظّفوا شهرتهم في التّحسيس بخطورة الوضع، والعمل على جمع التّبرّعات وتوزيع المستلزمات الضّرورية لمواجهة الوباء من معقّمات وكمّامات ومكثّفات أوكسجين.
أمّا الأثرياء وأرباب المال والمستثمرون؛ فقد ضربوا أروع الأمثلة بإنفاقهم الذي لا حدود له، وقد تابعنا ما حدث خلال الأيام الماضية التي شهدت حملات تبرّع على مستوى المدن وحتى القرى، وكان رجال المال في المقدّمة متبرعين بالملايير لاقتناء مولّدات ومكثفات الأوكسجين.
أمّا الجالية الجزائرية في الخارج فقد تنبأت بالأزمة منذ أكثر من عام، حين أرسل المغتربون من السوق الدولية أنذاك 1500 حقيبة تنفس في وقت كان العالم كله يتسابق للحصول عليها، وأرسلوها إلى الجزائر بالتّنسيق مع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وتم توزيعها على المستشفيات ما ساعد الأطقم الطبية على التّكفل بالمرضى، وأعادوا الكرّة قبل ستة أشهر بـ5200 حقيبة تنفس، ولولا هذا الجهد الذي قام بها المغتربون لكانت ضريبة الضّحايا في صفوف الجزائريين أكبر.
هؤلاء جميعا خفّفوا من هول المأساة على الجزائريين وأعادوا لهم الأمل الذي بخّره تجار الأزمة المضاربون في قارورات الأوكسجين ومعدات مواجهة الوباء، بمن فيهم أصحاب بعض مخابر التحاليل الذين بدل أن يقدّموا خدمات مجانية كمساهمة منهم في مواجهة الوباء، استغلوا الإقبال الكبير للمواطنين على التّحاليل ليضاعفوا الأسعار…. فعلا “عام الجيفة تسمن الكلاب”.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.