من لم تكن بوصلته فلسطين وعاصمتها القدس الشريف -فهو الى مزبلة التاريخ **
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد مسجــل منــــذ: 2010-10-19 مجموع النقط: 3384.92 |
ملحمة رمضانية في الأقصى وغزة
حسين لقرع
2021/05/11
234
0
بعد جولة باب العامود التي دامت 13 ليلة كاملة وانتهت بإرغام شرطة الاحتلال على الانسحاب وإزالة حواجزها الحديدية، بدأت جولة مواجهاتٍ جديدة في الأيام الأخيرة من رمضان بين آلاف المرابطين الفلسطينيين وقواتِ الاحتلال والمستوطنين.
النتائج الأوّلية للجولة الجديدة تؤكّد تحقيق انتصار آخر على العربدة الصهيونية؛ فقد أجبِرت شرطة الاحتلال مراتٍ عديدة على الانسحاب من المسجد الأقصى، وأجّلت محكمةٌ صهيونية جلسة تتعلّق بطرد 28 عائلة فلسطينية في حيّ الشيخ جرّاح، ومنعت الشرطة نحو ثلاثة آلاف مستوطِن من اقتحام الأقصى للاحتفال بـ”يوم القدس اليهودي”، وقد شاهدنا العشرات منهم وهم يهربون في كلّ اتجاه للاختباء من صاروخ أطلقته المقاومة من غزة على مدينة القدس، ولم يقتصر الهروب عليهم، بل شاهدنا أيضا كيف فرّ النواب الصهاينة من مقرّ الكنيست كالفئران المذعورة باتجاه الملاجئ، ليؤكّدوا فعلا أن “دولتهم” أوهنُ من بيت العنكبوت.
صحيحٌ أنَّ الفلسطينيين دفعوا ثمنا باهظا في ظرف ثلاثة أيام، بعد أن استُشهِد العشراتُ في غزة وجُرح المئاتُ في القدس وفي مدنٍ منتفِضة بالضفة وأراضي 1948، ويُنتظر أن تتضاعف خسائرُهم أكثر في الأيام القادمة؛ فالحربُ الرابعة في بدايتها، والعدوّ عوّدنا في الحروب الثلاثة الماضية على نازيته ووحشيته التي لا تعرف حدودا في ظلّ التواطؤ المخزي للمجتمع الدولي والعجز العربي والإسلامي المهين.. كلّ هذا صحيح، لكنّ لا مناص من دفع الثمن وتقديم التضحيات لنصرة الأقصى وإفشال مخطط تهويد القدس وإفراغها من الفلسطينيين وجعلِها عاصمة خالصة للصهاينة؛ فلولا إقدام الجزائريين على تقديم 1.5 مليون شهيد خلال الثورة لما تحرّرت الجزائر من الاستعمار الفرنسي.
لقد كشّر الاحتلالُ عن أنيابه منذ بداية رمضان وشرع في تنفيذ مرحلةٍ أخرى من خطّته العنصرية الإجرامية الرامية إلى تنفيذ “صفقة القرن”، وكان لا بدّ من التصدّي لها، وإلا ضاعت القدس ونجح مخططُ التهويد، فنفر آلافُ المقدسيين للرِّباط في الأقصى وواجهوا وحشية شرطة الاحتلال بصدورٍ عارية وشجاعةٍ نادرة، ولم يُرهبهم الرصاصُ المطاطي ولا قنابل الغاز والصوت، ولم يُربِكهم كثرة سقوط الجرحى بينهم، وبقوا صامدين ثابتين، وهبّت المقاومة في غزّة لقصف الاحتلال بمئات الصواريخ يوميا قصد شدّ أزر المرابطين في الأقصى ورفع معنوياتهم والتأكيد لهم أنّهم ليسوا وحدهم في المعركة، وستخوضها إلى جانبهم بكلّ شجاعة بإمكاناتها العسكرية البسيطة.
إنها ملحمةٌ حقيقية نتابع أطوارها في المسجد الأقصى وباحاته وحي الشيخ جراح وغزة المحاصَرة، وحتى المدن المنتفِضة في الضفة وأراضي 1948.. الجميعُ توحّد اليوم حول القدس، وتجاوز خلافاتِ السياسيين، وانتبه إلى أنّ المزيد من السكوت عن عنصرية الاحتلال، أو الاستمرار في المراهنة على السلطة الفلسطينية ومسارِها “السلمي” العبثي، يعني اندثارَ القضية وتصفيتها نهائيا؛ فحكومة الاحتلال اليمينية العنصرية تريد ابتلاع القدس كلها وضمَّ الضفة وتحويل سكانها إلى هنودٍ حمر جدد في فلسطين أو خدمٍ للمستوطنين كما يقول حاخاماتُهم، ولذلك هبّ الفلسطينيون لإفشال المخطط، وصمدوا بشكل أسطوري في الأقصى، ونجحوا مجدَّدا في إجبار الاحتلال على التراجع ظرفيا، فضلا عن إحياء قضيّتهم وإعادتها إلى صدارة الاهتمامات العربية والعالمية بعد طول تغييب.
أخيرا، نأسف كثيراً لوقاحة المتصهينين العرب الذين لم يكتفوا بخذلان المرابطين في بيت المقدس وأكنافه ووصفِ صمودِهم بـ”الإرهاب العبثي”، وفتحِ “هاشتاغ” بعنوان “صِفر تعاطف معهم”، بل رفع بعضُهم أيضاً كفيه بالضراعة إلى الله أن ينصر الاحتلال على “الإخوان المسلمين” في غزة، وكأنّها معركةُ إخوان فقط وليست معركة الفلسطينيين الذين يدافعون وحدهم عن شرف الأمّة المستباح في الأقصى، وهنا لا يسعنا إلا أن نذكّر هؤلاء الأنذال الخونة بمقولة الكاتب الصهيوني شاي غولد بيرغ: “لقد لاحظتُ أنّ نسبة العرب الموالين لإسرائيل تتضخّم بصورةٍ غير منطقية.. أنا كيهوديّ عليّ أن أوضّح نقطة مهمّة: عندما تخون أبناء شعبك وتقبل بآراء عنصرية صهيونية، فنحن نحبُّك مباشرة، ولكن كحبِّنا للكلاب”.