اللوحة الباديسية المتكاملة…
اللوحة الباديسية المتكاملة…
المحرر الأثنين 21 رمضان 1442? 3-5-2021م
مداني حديبي/
لم يكن الشيخ الرئيس عالما متدفقا فحسب بل كتلة جمالية متناغمة وشمولية متوازنة متفردة..دمعة الرباني ودقة الفقيه وحرارة الداعية و إشراقة الأديب و جرأة الوطني الصادق و لوعة الأم الثكلى.. فلو تجسدت شخصيته في ألوان
وأنغام لكانت لوحة فنية جذابة ساحرة ولحنا جميلا بديعا..
كالبدر من حيث التفت رأيته
يهدي إلى عينيك نورا ثاقبا
كالشمس في كبد السماء وضوؤها
يهدي الأنام مشارقا و مغاربا
لا يمكننا اختصار الباديسية في نقاط وكلمات ومقالات
ومحاضرات ومجلدات لكننا نقتبس من أنوارها على قدرنا
لا على قدره.. فسالت أودية بقدرها..
– اللمسة الروحية: التي اقتبس أحوالها وعبيرها من شيخه حمدان لونيسي الرباني الثائر.. فاغترف من عذوبتها وحولها إلى تيار إيجابي متحرك ومنهج عمل متدفق.
_الهمة العالية والعمل المتواصل: فقد كان الشيخ الرئيس عبد الحميد بن باديس شعلة من النشاط الدؤوب.. ليله نهاره وحله وترحاله وغدوه و رواحه.. لله وبالله ومع الله.
_غرس القيم وتكوين الرجال: كان همه أن يربي رجالا.. لا أن يكتب نصوصا.. ويُكِوٌن أبطلا لا أن يؤلف كتبا… ومع كل هذا الجهد العظيم كان يخطب ويكتب ويؤلف ويبدع.
_وطنية الحنين وحب الوطن من الإيمان: لم أر مثل الباديسية في الجزائر.. عبر جمعية العلماء المسلمين وأعمالها المتلاحقة..
غرست في قلوبنا حب الجزائر إلى حد التضحية والاستشهاد للحفاظ على وحدتها ولغتها وقيمها.
وهذا ما جعل أحد جنرالات فرنسا يصرخ بغضب: وماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا.. بعد حفل أرادت منه فرنسا مسخ قيم الشعب وتقديم نموذج لذلك.. فخرجت الفتيات الجزائريات باللباس التقليدي المحتشم.
_ أعيش للإسلام والجزائر: هذه القاعدة الذهبية والغاية العظيمة عاشها ابن باديس بلحمه ودمه ونبضت مع كل عرق من عروقه.. وأكلت من عمره واقتاتت من كٌلِه..
_إنما بعثت معلما:استثمر ابن باديس كل نفس من أنفاسه في تعليم الصغار والكبار.. فلم يكن ينم من الليل إلاّ قليلا..
_هكذا ظهر الجيل الباديسي المتصل… لم يكن ابن باديس زعيما روحيا وطنيا يعمل بمفرده.. بل كان حريصا على رص الصفوف وجمع كل الطاقات العلمية في عمل تراكمي إيجابي بالسند الذهبي المتصل فكانت جمعية العلماء التي ضمت أفضل ما أنجبت الجزائر من علماء وحلماء وحكماء.
_فخرج عليهم من المحراب: انطلق ابن باديس من المسجد.
والمحراب وجلسة الحصير.. فكانت البركة في كلماته وهمساته وجمعيته وأعماله…
وكن رجلا من أتوا بعده يقولون مر وهذا الأثر: فالمنهج الباديسي ما زال ثابتا وفيا عميقا عبر جمعيته المباركة
وشُعبها البديعة وأعمالها القيمة وخطها الحكيم الأصيل الذي تعبر عنه جريدة البصائر وبيانات قيادتها العاملة الثابتة.
فرحم الله الطود الباديسي الشامخ ورزق جمعيته الأنوار
والانتشار.