قبيلة الميدوب
قبيلة الميدوب بشمال دارفور متمسكة بارث قديم لم يتخلوا عنه ، وهو حياة البداوة المتأثرة ببيئة رعاة الإبل في الصحراء ويعتبرون سعاية الابل ثروة مهمة ويهتمون بتربيتها عبر مساحات الارض الممتدة الى حدود ليبيا ومصر التي ينمو فيها العشب الصحراوي.
الابل الميدوبي لها علامات خاصة ومميزة: هي (الخطان) الظاهران، وهي عبارة كي بنارعلى فخذتي البعير، وهو الوسم التي تتميز به عن الإبل الأخرى.والإبل الواردة الى المشروع يتم حجزها قريباً من البئر، ويرسل بنظام دفعات قليلة حتى تمكن سقاية الجميع في (كرمي) وتعني الحوض الذي يصب فيها الماء بواسطة الدلو حتى ترتوي كل الابل خلال يوم تقريباً في ساحة البئر ، والإبل السادرة من البئر الى الاماكن البعيدة من القرى حيث العشب غالباً ما يكون استقرارها في الصحراء حيثما وجد العشب. وفي اثناء انتشار الابل في المراعي لا تجد
الشخص الراعي في وسط مراح الابل؛ بل يكون بعيداً عنها لاجل مراقبة اللصوص. ويكون في حالة استعداد للتصدي للعدو باسلحة تقليدية، وأخرى حديثة "بندقية مرخصة من الدولة." وفي اثناء الاصطياد لا يكتفي بقتل صيدة واحدة بطلقة واحدة؛ بل يعتبر ذلك خسارة ،،الطلقة لابد ان تصيب اثنين أو ثلاثة غزلان .. رعاة الإبل أهم شئ لديهم الشاي بالسكر إن وجد. فهم لا يجدون السكر إلا نادراً لغيابهم وبعدهم عن القرى لفترات طويلة في الخلاء، ومن عاداتهم أنهم حتى لو امتلك أحدهم من جميع انواع المواشي يكون متواضعا ولا يتفاخر ولا يتظاهر. وقد حدث أن حضر ذات يوم جماعة من خارج المنطقة كانت تقلهم عربة. و وجدوا مراحا من الابل يخص أحد ابناء الميدوب، وقالوا للراعي: أين صاحب هذا الابل؟ قال لهم الراعي: انا صاحب هذه الابل، لم يصدقوه، وقالوا له: خلاص أحضر لنا اللبن. وذهب الراعي وحلب لهم اللبن، وذهبوا ولم يصدقوا أن الراعي هو صاحب مراح الابل. رعاة الابل لا يستخدمون الأواني الفخارية والقرعة؛ لقابليتها للكسر في حالة ترحالهم، هم يستخدمون إناء لحلب الناقة يسمى (تيدي) مصنوعة من عروق الشجر وآخر يسمى (أوور) منحوت من ساق شجرة الكفل وهو متين وغير قابل للكسر ، ولا يستخدمون الأواني الحديدية الا لاغراض شرب الشاي وطبخ اللحوم والعصيدة وتسخين اللبن. ولبليلة الدخن ـ بلبن الابل شأن عظيم حيث مصارعة الملاعق المصنوعة من الشجر الكفل، وجِمال الميدوب مشهورة بسرعة الحركة في المشي، وروعة اشكالها. وهى تتحمل العطش والجوع لايام عديدة، وكانت تنقل بها الخطابات الرسمية من المنطقة الى الفاشر وكتم. عرف الميدوب الدامر وعطبرة منذ عشرينيات القرن الماضي.وبدأ استجلاب الجمل البشاري عن طريق سوق امدرمان والدامر في الشمالية. وهجنت بعض الابل وليس كل الابل؛ لكل من الجمال المستجلبة والجمال الميدوبي مزايا.. ومن مزايا الجمال البشاري كونه سريع الحركة ويمتاز بقوة التحمل، اما مزايا الابل الميدوبي فهي ضخامة الهيكل وغزارة اللبن وكثرة اللحم وعلو في السنام. ومن القصص القديم: ضل خروف من أهله وأصابه العطش وذهب إلى شاطئ البحر وظل واقفاً في صخرة عالية ولم يحصل على الماء حتى مات من العطش في احدى المواقع البحرية. ولذلك سمي (اتبار) تخليداً لذكرى الخروف الذي مات في حالة مأساوية، من المحتويات التي يحملها الجمل السرج والجراب والمخلاة للملابس واغراض الطعام. والاشياء التي يتم فرشها بترتيب فوق السرج هي المشمع والسجادة المصرية والفروة المصرية وكذلك بطانية وثوب صوفي ثم يعلق السيف والبندقية المرخصة. وفي بعض الحالات يعلق على السرج (تركاش) هي عبارة عن مجموعة من الحراب الصغيرة الحجم. وتوضع رؤوس الحراب في جراب أشبه بسلة صغيرة عليها. اقرب وصف لها: انظر الى العملة القديمة (قرش ابو جمل). راعي الابل يغضب حينما يشاهد الجمل يحمل عليه الحطب والقش والفحم. وخاصة الجمل المقيد ومحبوس في داخل اسوار البيوت والاعمال الشاقة: مثل عصارة الزيوت. هذا في نظره إهانة وسجن للجمال فيعطف عليه ويتمنى إطلاقه صوب الخلاء حراً طليقاً، والحقيقة لدى الميدوب بعض من الجمال يخصص للشيل يسمى (سبيدي) متوسطة الاحجام ويستحمل الحمولة الزائدة مثل الماء والعيش والعطرون والملح في حالات ترحالهم. والخصي من الجمال يسمى (بيراوندي) هذا فقط للتشحيم من اجل التصدير أو النحر. هناك من الاسماء القديمة منسوبة للابل يقال مثلاً كلوغي، كولي اوندي، كولمني، اوندي كيمي، اوندي كوري، اوندي تسي، اوندي سري، اوندي بروا، اوندي كيري، اوندي ادي، هذه الاسماء هي مركبة من اسمين في الغالب اسم وصفة، الاسم الاول تعني الجمل والثاني صفة له.رعاة الابل نشطون في اوقات الشدة دفاعاً عن البلاد في الفزعة، وحضوراً في كل مناسبات الافراح، ومن عاداتهم أنهم يحملون العريس فوق الجمل، ويسيرون بموكب من زغاريد واغانٍ ورقصات، وسباق الجمال وضرب اعيرة نارية مكثفة. ويزفون العريس الى داخل البيت الجديد، واهل العريس يقومون بدعوة الناس من المناطق المختلفة، ويكرمون ضيوف المناسبة بذبح الخراف والابل، ويتم توزيع اللحوم بنظام الاكوام والسكر والشاي وتقسم على حسب المجموعات. ومن العادت والتقاليد التي تمارس حتى الآن ـ يكرم الضيف بذبيح الضأن او الماعز او نحر الابل حتى لو لشخص واحد. اما الضيوف من شخصيات الدولة والزوار فلا بد من نحر الشاة والبعير، ويكون اكثر من واحد أو على حسب عدد الضيوف، وبدون ذلك يعتبرونه في عاداتهم تقصيرا في واجبات تكريم الضيوف.