مــــع أحــــد قــــادة التـــاريخييـــــن الكبــــار / في كتــــاب قيـــم للأستاذ عمر تابليت : الشهيــــد مصطفــى بن بولعيــــد (1956-1917)
مــــع أحــــد قــــادة التـــاريخييـــــن الكبــــار / في كتــــاب قيـــم للأستاذ عمر تابليت : الشهيــــد مصطفــى بن بولعيــــد (1956-1917)
كتبت مقالات ودراسات عديدة حول الشهيد مصطفى بن بولعيد وهي كلها تصب في نهر تاريخ الحركة الوطنية وثورة نوفمبر 1954 التاريخية، وهي أم الثورات التي أنهت قرنا وربع قرن من الظلم والظلام، وأعادت للجزائر عزتها وكرامتها وبوأتها المقام الذي تستحقها بين شعوب وأمم العالم، ونحن اليوم مع موعد مع التاريخ، وتأصيل الذاكرة وتدوينها حتى تبقى حية في ذاكرة اليوم وذاكرة المستقبل، وفي هذه الأجواء ظهر في المكتبة التاريخية للثورة الجزائرية كتاب قيم يؤرخ للذاكرة ويبعث الأبطال حيا ومن أرخ لشخص فكأنما أحياه، وصديقنا الأستاذ عمر تابليت أطال الله عمره أخذ على عاتقه السباحة في بحر التاريخ ليعيد الحياة إلى أمجادنا وأبطالنا الذين دخلوا التاريخ من بابه الواسع بفضل تضحياتهم وجهودهم
فالأستاذ عمر تابليت (1945) أحد أبناء غسيرة والأوراس آل على نفسه ألا يغادر هذه الحياة وألا يترك حياته تذهب سدى، فكان حقا نموذجا في مجال تدوين سيرة عدة شخصيات تاريخية في الأوراس، فقد أرخ أولا لقريته غسيرة ودورها في ثورة التحرير الكبرى في جزأين وهو أول كتاب من نوعه يؤرخ للدور الذي قامت به غسيرة دائرة آرييس ولاية باتنة، التي قدمت عشرات من المجاهدين البعض منهم درس في معهد ابن باديس والقاهرة، مثل الشهيد محمد زعروري ومحمد بخوش اللذين درسا في القاهرة بعد معهد ابن باديس، وبلقاسم بن المبروك الذي درس في معهد ابن باديس فقط، ولا ننسى محمد بن سعا د بن حركات أول طالب من غسيرة يلتحق بمعهد ابن باديس والزيتونة، وكاتب هذه السطور كان من تلامذة معهد ابن باديس والمشرق العربي.
ومن كتب الأستاذ عمر تابليت التاريخية: عاجل عجول أحد قادة الأوراس التاريخيين.
العقيد الحاج لخضر قائد الولاية الأولى الذي تحمل كل من جامعة باتنة ومسجد باتنة الكبير اسمه.
الأوفياء يذكرونك يا عباس لغرور، ولعل كتابه الذي صدر مؤخرا حول بن بولعيد من آخر إصداراته والكتاب بعنوان: «مصطفى بن بولعيد عضو لجنة 22 و6 التاريخيين قائد الولاية 1، الأوراس، وأبرز هؤلاء القادة هو الشهيد مصطفى بن بولعيد الذي يلقب بـ «أسد الأوراس». وقد صدرت الطبعة الأولى لهذا الكتاب القيم للأستاذ عمر تابليت ولاحظت عليه أنه ركز فقط على جهاد بن بولعيد في الحركة الوطنية وفي ثورة نوفمبر 1954، وكان من الذين أعدوا لها واستعدوا لها أيضا والجانب الذي ينساه كثير من الذين تحدثوا عن الشهيد مصطفى بن بولعيد هو جانبه الإصلاحي وحبه للعلم والعلماء وهو متميز على غيره من قادة «حزب الشعب» فقد أسس جمعية دينية إصلاحية وأقام مسجدا في آريس مسقط رأسه من ماله الخاص، وكان منزله مأوى للعلماء الذين يزورون آريس، ويذكر شيخنا سي أحمد بن السعدي الميموني الذي درست عليه مبادئ اللغة العربية والفقه في قرية غوفي وهو من تلامذة ابن باديس أنه كثيرا ما يستشيره في أمور الدين وينزل عليه ضيفا في آريس، وصدق الأستاذ عمر تابليت عندما قال: «إن الكتابة عن بن بولعيد ليست أمرا هينا».
ماذا قال لي المستشرق الفرنسي المسلم فانسان منتاي ونحن في ساحة السوربون وهو يروي لي كيف كلف من مصالح الأمن الفرنسية في الجزائر حيث كان مستشارا للشؤون الإسلامية للحاكم العام في الجزائر: «قابلت مصصطفىى بن بولعيد في زنزانته وجرى بيني وبينه حديث طويل وبالشاوية، وأعاد نشره بالفرنسية في مجلة….».
فقد حصلت على العدد وقدمته هدية للمجاهد وكاتب بن بولعيد الشيخ محمود الواعي –رحمه الله- بصفته رئيسا لجمعية الحفاظ على مآثر الأوراس التاريخية، ولعل أهم ما قاله لفانسان مونتاي: «إن وجودي لا يساوي شيئا أمام مطالب الشعب الجزائري من أجل الحرية والكرامة» وبحسب ما قال لي مونتاي «أبلغت القيادة في الجزائر ونصحتهم بالتفاوض مع هؤلاء وغيرهم، ولكن كأن في آذانهم وقرا، وإثر ذلك قدمت استقالتي وأخذت في نشر سلسلة مقالات باسم مسستعار» وهو SARASIN مؤكدا في هذه المقالات أنه لا حل للقضية الجزائرية إلا بالتفاوض مع جبهة التحرير. ويبدو أن الشهيد بن بولعيد لم تمهله الظروف لكتابة مذكراته أو سيرته الذاتية على غرار زملائه من قادة الثورة الذين منحهم القدر مزيدا من العمل فعاش بعضهم استقلال الجزائر وكتب البعض منهم مذكراتهم، مثل الحاج لخضر رئيس الولاية الأولى، وعاجل عجول الذي قدم معلومات قيمة للدكتور، والمجاهد محمد العربي مكاسي صاحب ككتاب «مغربلو الرمال» الذي أصدره بالفرنسية وترجم إلى العربية وفيه معلوومات قيمة عن ولاية أوراس تلاقاها الطبيب محمد العربي من فم عاجل عجول رفيق بن بولعيد في الحركة الوطنية وفي ثورة نوفمبر 1954 وعاجل عجول الذي عاش بعد الاستقلال لم ينل اهتماما من المهتمين بتاريخ ثورة نوفمبر 1954، فلعل أهم من اهتم به هو كاتبه الخاص المجاهد محمد الصغير هلايلية في كتابه «شاهد على الثورة في الأوراس» وثاني كاتب هو الأستاذ عمر تابليت. وعاجل عجول هو كما ذكرت أعرف المجاهدين بالشهيد وزعيم ثورة نوفمبر 1954 مصطفى بن بولعيد رحمه الله ورحم جميع شهداء حرب التحرير.
قبس من سيرة وحياة وجهاد الشهيد مصطفى بن بولعيد
ولد مصطفى بن بولعيد 1917 في قرية ابكركب إحدى قرى مدينة آريس وينتمي إلى قبيلة التوابة الأوراسية، التحق أولا بالمدرسة القرآنية شأنه في ذلك شأن الكثير من أبناء الشعب الجزائري في ذلك العهد، فحفظ ما تيسر من القرآن الكريم ثم انتقل بعد ذلك إلى مدينة باتنة مع أسرته بإحدى المدارس الفرنسية التي تسمى اليوم مدرسة الأمير عبد القادر بباتنة.
هجرته إلى فرنسا والاحتكاك بالبروليتارية من عمالنا في فرنسا التي أرغمها الاستعمار الفرنسي على الهجرة بحثا عن القوت بسبب قساوة الحياة وشظف العيش في الوطن الأم، وكانت هذه الهجرة قد فتحت عينيه على مأساة شعبه، فكانت مدينة MEEIZ بالشرق الفرنسي محطته الأولى، وكان ذلك سنة 1937، وخلال فترة قصيرة التحق به شقيقه عمر الذي عاش بعد الاستقلال ومات في حادث سيارة، وقد عاد معه سنة 1938 إلى مسقط رأسه آريس.
انخراط بن بولعيد في الحركة الوطنية
يذكر الباحث عمر تابليت في كتابه الوارد الذكر ص 18 أن الفضل الكبير لظهور البذرة الأولى للحركة الوطنية في آريس ولاية باتنة إلى المناضل محي الدين بكوش العنابي الذي نفته السلطات الاستعمارية إلى آريس سنة 1943 رفقة العربي رولان من جيجل، وكان نفيه هذا سببا في نشر الأفكار الوطنية في المناطق الأوراسية المجاورة، ورافق ذلك تشكيل خلايا للحزب على نطاق واسع شملت كل منطقة الأوراس، وقد تدعم صف الحركة الوطنية في الأوراس بانضمام بن بولعيد إلى التنظيم، وكان ذلك مكسبا للحركة الوطنية وخاصة وأن بن بولعيد ليس مجرد شخص عادي بل هو رجل يتمتع بذكاء، ووطنية متدفقة بحيث وضع ماله الخاص ومزارعه في خدمة الثورة، ولطالما تم اجتماع الوطنيين في إحدى مزارعه في المدينة وفي مزرعته الأخرى بتازولت لاميز ولاية باتنة، ويذكر الباحث عمر تابليت في ص 19 من كتابه السابق الذكر أنه لولا بن بولعيد لما أمكن تحقيق ما تحقق سواء على الصعيد المحلي أو الوطني حيث قدم بن بولعيد للحركة الوطنية الشيء الكثير حيث قام بأهم عمل قبل اندلاع الثورة بإيواء عدة شخصيات وطنية كانت قد التجأت إلى الأوراس هروبا من تعقب السلطات الاستعمارية لهم وخاصة بعد اكتشاف تنظيم L’OS التنظيم السري للحركة الوطنية، ومن هذه الشخصيات بن عودة، كريم بلقاسم بن طوبال وغيرهم رحمهم الله جميعا، وعندما تأسست المنظمة السرية سنة 1947 تم تعيين بن بولعيد على رأس هذه المنظمة في الأوراس وعندما تم اكتشاف هذا التنظيم ألقي القبض على العديد من أعضاء المنظمة وقد أشيع يومئذ أن الذي أفشى السر وراء عملية إلقاء القبض على العديد من أفراد التنظيم هو المناضل رحيم عبد القادر وهو مما نفاه شخصيا في حياته، وقد تعرفت عليه شخصيا في باريس وكان مداوما على صلاة الجمعة في مسجد باريس وحاولت الحصول منه على معلومات فيما يتعلق بالتهم الموجهة إليه فلم أنجح وذات يوم كتب الدكتور العربي الزبيري مقالا برأ فيه ساحة رحيم عبد القادر، وحملت إليه مقال العربي الزبيري وربطت الاتصال بينهما فتم الاتصال وتم ذلك قبل رحيل رحيم عبد القادر الذي مات في فرنسا ودفن فيها.
بعد تبرئة المؤرخ د العربي الزبيري
لماذا التجأ العديد من المناضلين إلى الأوراس بعد اكتشاف التنظيم السري ولماذا الأوراس بالضبط دون غيره من المناطق في ربوع الوطن الجزائري على اتساع رقعته وشساعة مساحته؟ يقول الأستاذ عمر تابليت إن قيادة التنظيم في الحزب قررت توجيه مجموعة من هؤلاء المناضلين إلى الأوراس الذي كان قد استعصى في ذلك الوقت على العدو فلم يتمكن من اكتشاف مناضليه على الرغم من حملات التفتيش الواسعة التي شنتها القوات الفرنسية والأمر يعود إلى طبيعة المنطقة في الأوراس المحصنة بغاباته وكهوفها العديدة، والسرية التي يمتاز بها أهل المنطقة وكرههم للعدو، الجاثم على رقاب الجزائريين وهؤلاء الأشخاص الذين استضافهم بن بولعيد والحركة الوطنية في الأوراس البعض ذكرنا فيما سبق أسماءهم والبعض منهم هذه أسماؤهم؛ عبد السلام حديثي، بوزيد محمد المبروك، وديدوش مراد، وحسب عمر تابليت فإن منطقة الأوراس قد استفادت من هؤلاء المناضلين سياسيا في توعية المناضلين للقيام بدورهم في حرب التحرير وفي سنة 1953 وضع بن بولعيد ضيعته بأسلاف قرب قمم الطوب مقرا لصناعة القنابل تحت مسؤولية عنتر الذي كان هو الآخر قد التجأ إلى الأوراس ضمن الواردة أسماؤهم سابقا، ودوره كان عسكريا يتمثل في صنع الألغام وتدريب المناضلين على هذا العمل قصد تزويد المجاهدين بالألغام.
بن بولعيد ورئاسة الوفد للاتصال بمصالي الحاج في فرنسا
كان مصالي الحاج يوجد في مدينة نيوز الفرنسية في فرنسا حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية، وذلك قصد تصفية الأجواء وإقناع مصالي الحاج ليتراجع عن موقفه ولوضع حد لأزمة كانت تفتك بالحزب وتعرقل عملية اندلاع الثورة.
وفشلت مساعي بن بولعيد مع مصالي الحاج وقال عند عودته إلى الوطن لا نترجى من مصالي شيئا والثورة هي المخرج الوحيد وكان الأمر كذلك، ووجد مصالي نفسه خارج التاريخ فداس على نضاله وكانت نهاية تاريخه مؤلمة.
موعد مع التاريخ وكتابة صفحة ناصعة
في ثورتنا المباركة
ومن هي الأسماء لـ 22 شخصية جزائرية التي دخلت التاريخ من بابه الواسع، والتي كانت وراء تشييع جنازة الاستعمار الفرنسي في الجزائر بعد قرن، وربع.
وإلى القارئ أسماء هذه الأشخاص وهي:
مصطفى بن بولعيد
محمد بوضياف
مراد ديدوش
العربي بن مهيدي
رابح بيطاط
عبد الحفيظ بوصوف
عمار بن عودة
بن عبد الملك رمضان
بوشعيب الحاج
زيغود يوسف
لخضل بن طوبال
عبد القادر العمودي
محمد مشاطي
عبد السلام حباش
السعيد بوعلي
رشيد ملاح
سويداني بوجمعة
بلوزداد عثمان
مرزوقي محمد
الزبير بوعجاج
مختار الباجي
إلياس دريج........
المحرر الأثنين 23 شعبان 1442? 5-4-2021م
تقديم وقراءة سعدي بزيان/
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.