من أهم مقاصد التربية في الإسلام قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتـــمم مكارم الأخــــــلاق»
من أهم مقاصد التربية في الإسلام قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتـــمم مكارم الأخــــــلاق»
خلق الله الإنسان ليعمل بإرادة تأتمر في تحريك الأعضاء على العمل بأمر العلم، الذي تنكشف الظلمات كل الظلمات بفضل نوره الساطع فتتبين المصالح والمنافع، ومتى كان علم الإنسان في أفراده ومجموعه صحيحا، منطبعا في النفس بتكرار العمل الطيب الصالح، تصدر عنه أعمال جليلة، وآثار جميلة. ومتى كان العلم مضطربا بامتزاجه بالأوهام، أو غير منطبع في النفس؛ لعدم التربية عليه، والعمل به، والنظر فيه بعين التأمل والاعتبار، فلا جرم أنَّ العمل يأتي مختلا سيئا.
والسعادة إنما تُنال بالأخلاق الطيبة؛ فالأمة الجاهلة بعيدة عن الرقي والازدهار، وهكذا يكون هذا المدار مع الإنسان طوال عمره الذي يقضيه بين المد والجزر، بين الصعود والنزول، ومعلوم أنَّ سعادة الأمم بأعمالها، وأعمالها لا ترتقي في مدارج الكمال إلا بالثبات على الفضيلة والطاعات، وحسبنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:( إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق). فثبت بهذا كله أنَّ ما حل اليوم بالمجتمعات التي تأخرت وانحطت، إنما كان بسبب ابتعادها عن فضائل الأخلاق، وجميل الخلال، التي ينبغي أن يُنشّأً عليها الفرد وهو بعد في المهد، وأن يغذى بها مثلما يغذى بحليب أمه، وهو ما زال لا يعي شيئا عن هذا الوجود …
فتربية الوالدين لأبنائهم على مكارم الأخلاق، بكل ما تحمله هذه الجملة الثمينة في طياتها من معان ينبغي إذن أن تبدأ مع بداية مجيئه إلى الدنيا، فذلك الذي يكفل للإنسانية أن تعيش في نظام محكم.
ونحن بمجرد التطلع إلى حياتنا اليومية وما نكابده فيها من نفاق، وكذب، وعدم انضباط، وهدر للوقت، وتسمية للأمور بغير اسمها الحقيقي، وإخلافنا للوعد، ولسان حالنا يقول: الظروف قهرتنا، وما قهرتنا ظروفنا، ولكننا نختبئ وراء ستارتها… وهذا ما جعلنا نعيش في فوضى تامة في حياتنا كلها، وطبعا هذا يعود سلبا علينا وعلى مجتمعنا بكل شرائحه… فلا تجد الانضباط في مدارسنا، والدليل الحي هم أبناؤنا، حيث التلميذ يدخل إلى المدرسة سليم اللسان ويخرج منها بذيء اللسان، وجامعاتنا أصبحت تصدر لنا كتلة من البشر لا تعرف عنها أهي شرقية أم غربية …
إن شعورنا بالمسؤولية تجاه أنفسنا وديننا ومجتمعنا من القيم الجوهرية، إذ أن من أهم سمات الإنسان الحر أن يملك حساسية فائقة نحو الواجبات المترتبة عليه، وكيفية النهوض بها، وطريقة التعامل مع غيره، فهو لا يعيش وحده على وجه هذا الكون.
إن تحميل شريعتنا الإسلامية الإنسان كفرد المسؤولية الكاملة عن تصرفاته منذ بلوغه إلى آخر يوم في حياته، دليل واضح وقوي على ضرورة تربية أبنائنا وطلابنا على الاستعداد لتحمل تبعات أقوالهم وأفعالهم، فما الذي أوصلنا إلى هذا المأزق من التنكر لمكارم الأخلاق، الذي جاء لإتمامها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ألأن الوازع الديني عندنا غير موجود تماما، وحتى إن وجد فهو موجود بنسبة ضئيلة؟
وللأسف قد نعتبر ذلك شيئا هينا، وما هو بهين… لأننا إذا فكر كل واحد منا في طريقة تعامله مع الآخر، فسنكتشف أننا نخدم أنفسنا، إذا صدقنا، وإذا وفينا بعهودنا، فإن ذلك يعود علينا قبل غيرنا بالنفع والبركة.. ولكن للأسف يوجد من يظن نفسه قد نجح عندما يغش في سلعة حتى يربح، أو في شهادة حتى يتغلب على خصمه… ويعتبر نفسه ذكيا وقد نجا وخرج من ورطة… ولم يخطر بباله قط أنه دخل في ورطة أكبر مع من لا يغفل ولا ينام…
أليس هذا كله يمثل قناعاتك وصلب شخصيتك في تعاملك مع خلق الله؟ فما بالك في تعاملك مع خالقك ورازقك….!! أو لاَ يكفينا ما قاله المصطفى عليه الصلاة والسلام تنويها بالأخلاق وتنويها بقيمتها: «إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا» أو لا يكفي أنه عليه الصلاة والسلام قد حصر الدين كله في المعاملة فقال:» إنما الدين المعاملة» حتى ننضبط ونكون أكثر التزاما في تعاملنا مع الله وخلقه فنكون بذلك مسلمين حقا…/
المحرر الثلاثاء 11 رجب 1442? 23-2-2021م
أمال السائحي/
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.