أَبْلَغ من قُسٍّ
أَبْلَغ من قُسٍّ
هو قُسُّ بن ساعدة بن حُذافة بن زهير بن إياد بن نزار الإيادي، وكان من حكماء العرب، وأعقل من سمع به منهم، وهو أول من كتب "من فلان إلى فلان"، وأول من أقر بالبعث من غير علم، وأول من قال "أما بعد"، وأول من قال "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر" ، وقد عُمِّر مائة وثمانين سنة.
وأخبر عامر بن شراحيل الشعبي عن عبد الله بن عباس رض? الله عنهما أن وفد بكر بن وائل قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من حوائجهم قال:
هل فيكم أحد يعرف قس بن ساعدة الإيادي؟
قالوا: كلنا نعرفه، قال: فما فعل؟
قالوا :هلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"كأني به على جمل أحمر عكاظ قائمًا يقول:
أيها الناس، اجتمعوا واسمعوا وعُوا، كل من عاش مات، وكل من مات فات، وكل ما هو آت آت، إن في السماء لخبرًا، وإن في الأرض لعبرًا، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، وبحار تموج، وتجارة تروج، وليل داج، وسماء ذات أبراج،
أقسم قسٌّ حقًّا لئن كان في الأرض رضًا ل??ونن بعده سخط، وإن لله - عزت قدرته - دينًا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه، ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون؟ أَرَضُوا فأقاموا، أم تركوا فناموا؟
ثم أنشد أبو بكر رضي الله عنه شعرًا حفظه له، وهو قوله:
في الذاهبين الأولي ن من القرون لنا بصائر
لما رأيت مواردًا للموت ليس لها مصادر
ورأيت قوم? نحوها بشتى الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي إلى ولا من الباقين غابر
أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر
وهو مثل يُضرَب للرجل الموصوف بالبلاغة.
_____________________
مجمع الأمثال.
وفي تخريج الحديث الوارد في قصة هذا المثل كلام يرجى الرجوع إليه لمعرفة مدى صحته.