الشاعر والفنان :احمد موسى الحشوش
الحياة الثقافية والأدبية
تمهيد:
مع مطلع التسعينات أخذت الساحة الأدبية والثقافية تحظى باهتمام وعناية أبناء الاغوارالجنوبية وان كانت المعيقات والتحديات تحول دون اخذ المساحة الكافية لإبراز مواهبهم سيما وان ظروفهم المادية وبعدهم عن العاصمة عمان مركز الاشعاع والحضارة والثقافة تلعب دورا مؤثرا في ذلك علاوة عن عدم وجود جهة رسمية في الأغوار تهتم بابدعاتهم 0غير أن النابهين منهم اخذوا على عاتقهم ضرورة الخروج من عزلتهم الأدبية وحاولوا جاهدين تعريف الأخر باهتماماتهم وابدعاتهم الادبية0بيد انه وحتى هذه اللحظة لا زالت الحياة الثقافية والأدبية في الأطوار الأولى من النمو والظهور هذا وقد قامت مجموعة منهم بمحاولات كثيرة للولوج إلى عالم الثقافة والأدب والتعبير عن مواهبهم التي بدأت تشق طريقها إلى عالم وفضاءات الابداع0
وكان لبعض المؤسسات الثقافية كمنتدى الشباب العربي ونادي شباب غور الصافي دورا بارزا في احتضان الكثير من المناسبات الثقافية كإقامة الندوات والأمسيات الثقافية المختلفة 0
فقد قام ملتقى الكرك الثقافي في أواسط التسعينات بعقد أكثر من لقاء ثقافي مع مبدعين وكتاب من محافظة الكرك الشماء 0حيث ألقى الدكتور سليمان الطراونه والقاصة د 0 رفقه دودين والكاتب الباحث الدكتور احمدالطروانه ود حسين المحادين والقاص نايف النوايسه وغيرهم من المبدعين بقراءة نماذج ابدعية من أعمالهم القصصية والروائية مما كان له الدور البارز في حفز الشباب وفتح أفاق الإبداع لهم 0 كما وتم إلقاء محاضرات من قبل معالي رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابده والدكتور عبد اللطيف عربيات رئيس مجلس النواب الأسبق والسيدة توجان فيصل والمرحوم سليمان عراروالدكتور سليمان عربيات والدكتور فواز طوقان- تناولت الهموم الثقافية والوطنية وسبل الاستفادة منها كما , كما وتم تأسيس فرقة الأغوار الجنوبية للفلكلور الشعبي وقد عمل على تأسيسها كل من السادة , جمعه عوده المعاقله ( المخ) والأستاذ صالح جمال عقله العشوش والأستاذ عرار عطيه العشوش,وقد عملت الفرقة على إعادة وصياغة الفلكلور الشعبي من دبكات وأغاني وأهازيج من ثراث الأغوار الفني0
من هنا قمنا بتسليط الأضواء على بعض الرموز الإبداعية والتي تتلمس الطريق في محاولة منها للتعبير عن الهم الثقافي والأدبي لأبناء الأغوار 0
ولاننسى دور الصحافة في تعزيز مكانة الإبداع والمبدعين ومن هنا برزت أسماء لامعة في عالم الصحافة لعبت دورا مهما في تغطية الأحداث الساخنة وتسليط الضوء عليها 0
ففي مجال الشعر برز احمد العشوش كواحد من الشباب الذين حملوا على عاتقهم مهمة رسم الطريق للأجيال القادمة كواحد من الشعراء البارزين الذي اخذ يحظى باهتمام المؤسسات والجهات الرسمية المختلفة بالإضافة إلى كونه فنان تشكيلي متعدد المواهب والرؤى يحسن استخدام الألوان ويجسد بريشته الأبعاد الإنسانية بشفافية عالية جدا 0
أما في مجال القصة القصيرة فقد اخترنا مجموعة من القصص القصيرة والتي جاءت من بيئة الأغوار كتعبير منا عن هذه البيئة الغنية بالصور والدلالات وكتوثيق لعنصر المكان الغني بالمعاني التراثية من حياة أبناء الأغوار وحاولنا إعادة الحياة للكثير من المفردات التي تكاد تختفي من المعجم اللغوي 0وتسليط الضوء على شخوص كانوا رموزا تراثية شعبية للأغوار
إن بيئة الأغوار لا تقل أهمية عن أي بيئة أخرى ولعل من أهم نجاحات أي عمل أدبي هو الاهتمام بعنصر المكان والتعبير عنه كما هو, وهذا ما فعله نجيب محفوظ الروائي العالمي في اغلب رواياته ومنها الثلاثية الشهير ( السكرية , وبين القصرين وقصر الشوق) واللص والكلاب وزقاق المدق0
أولا : الشاعر والفنان التشكيلي : احمد موسى العشوش
السيرة الذاتية :
ولد الشاعر والفنان التشكيلي احمد العشوش في مدينة دمشق السورية في 19/ 12/ 1971 حيث سافر والده في مطلع شبابه إلى سوريا واستقر هناك وتلقى احمد تعليمه الابتدائي والثانوي في المدارس السورية ليكمل دراسته بعد ذلك في المعهد المتوسط للفنون التطبيقية قسم النحت في دمشق للعام 1996 0
وقد اجتاز احمد الكثير من الدورات الفنية في مجال اختصاصه منها
دورة في الحفر الطباعي على الخشب / الجامعة الأردنية 2004
دورة في الرسم والتصوير / وزارة التربية والتعليم 2005واحمد عضو بارز في
في اتحاد الكتاب والأدباء العرب 1997
في رابطة الكتاب والأدباء الأردنيين 1997
في أسرة الكرك للفنون التشكيلية 2002
في جمعية البلقاء للفنون التشكيلية 2007كما حصل الشاعر والفنان التشكيلي على الجوائز التالية وهي:
الجائزة الأولى في الشعر في مسابقة رابطة الكتاب الأردنيين
للكتاب غير الأعضاء في الرابطة 1993
الجائزة الأولى في حقل اللوحة التشكيلية /جائزة الناصر صلاح الدين 2004
الجائزة الأولى في القصة القصيرة / مديرية ثقافة الكرك 1991
كما وصدرت له مجموعة شعرية ( جمهرة الصمت ) عن وزارة الثقافة الأردنية 1995 وأقام معرضين فنيين :
معرض فني في اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين ( الحمام هنا ) 2005
معرض فني في غاليري سيزان /الأردن 2007 ولاننسى انه تمت الكتابة عن هذا الفنان الرائد في أكثر من مكان وخصوصا في معاجم التراجم الأدبية ومنها معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين1وكذلك معجم الشعراء العرب من العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث 2
_______________
1- انظر معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين ص / 186و 187
2- انظر الشعراء العرب من العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث / المجلد الأول/ ص 235و236
نشرت اغلب أعماله الأدبية ومنها ديوانه جمهرة الصمت1عن وزارة الثقافة كما ونشر في العديد من المجلات الأدبية منها أفكار 02
وأدخلت رسوماته في تصميم أدلة المعليمين03
بقي أن نذكر أن احمد فنان متعدد المواهب لا حدود لابدعاته ورسوماته ولديه المزيد بإذن الله
يعمل حاليا في مديرية التربية والتعليم للواء الأغوار الجنوبية / مسؤول النشاط الثقافي وقد حصل على العديد من الشهادات التقديرية04
1- صدر هذا الديوان عن وزارة الثقافة في سبعين صفحة من القطع المتوسط وتضمن مجموعة من القصائد الغنائية التي تهتم بالإيقاع الخارجي والقافية
2- انظر مجلة أفكار العدد العددان 2007 / ص 221و222
3 انظر دليل المعلم للتربية الفنية / لوحات فنية ص 90
4 منها جائزة الناصر صلاح الدين الأيوبي للإبداع
ورابطة الكتاب الاردنين لمسابقة الشعر وحصل على المركز الأول
رؤيـــا:2
ليل يترنح في أفق الشرفة
ومواعيد بللها المطرالمتساقط لهبا أسود
وقياصر تتمطى في زي امرأة
وكوابيس تزحف في حمى الأعصاب
وأراني أتضائل
أتضاءل
من ينقذني مني ؟
من ينقذني مني ؟
يمضي على تعب خريف
يمضي على تعب خريف
ويلم أوراقا رماها قبل عام
وأساي أحضنه
ويتركني أنام ولا أنام
كمكنت مني ياأساي
كم أنت مني ياأساي
يمضي على تعب خريف
دمع ووجه شاحبوأنين ناي
يمضي على تعب أساي
وأنا ووجهي هائمان على الرصيف
يمضي علىتعب خريف
إنسانية
أفتح الأفق لعصفور جريح
أطلق في آخرالعالمين
من يد نازفة
إفتح القلب لأوجاع
الغصون الراعفة
واشتعالالحنين
1- انظر الدراسة السابقة/ الدراسة التطبيقية في الشعر الأردني الحديث د0 لقمان الشطناوي ص 53و54و95
تسألني جارتي1
...ثم أسأل عن جارتي مالها لاتقيل الكلام كعادتها
حين أعبر من نومها ناهدا كالحنين
ومشاغلا بالنبات المؤرق في قعر أجفانها
"وأنا ما أنا "!
مالها لا تطيل الوقوف على ألمي حين تلمحني ساقطا مثل آنية فوق ظلي
وأنا أصعد الدرج المستطيل إلى غيمة نسلت من ثيابي
.....
وأسأل عن جارتي أين خبأتها حين عاثت يدي بالمساء الشفيف
الذي فر من شرفتي قبل أن أحتفي بجناحيه
أو احتسي قهوتي في ثنايا تجاعيده
وأصر دخان حرائقه حول ظني المهدهد بالجوع ؟!
.....
أين أطلقتها في المساء الرشيق الذي لم شمل الخليقة:
أصداءها وتراتيلها, استعاراتها في الكلام, وإيهامها في الحواس
انبناءاتها في القياس, انكفاءاتها في التضاريس,
آمادها في الخيال, اندفاعاتها في انتباهي السخي, انسحاراتها بالصدى ...
كل ليل الزمان وإبصاره الثاقب الذائب في رفة العين
.....
أي شيء ترى يصنع العارف الواقف في أول الدرج المستطيل
وفي الرأس ينقر طير السلام الرهيب
وفي ساحة القلب تندلع الكائنات..
اندلاع الرجاء على لثغة في اللسان وفي عثرة القلب
ماترى يصنع العارف الزاحف نحو ملامحه السائلات
على وتر مرسل في مساء شجي كهذا المساء ؟!!
.....
سوف أخون الحياة
وأنشرها مثل غيم الرمل أو ساعد زل بالأمنيات السحيقة
أيام عسفي الصبي بأروقة المستحيل, وركضي على رقة العيش منفلتا مثل خيل وليل ..
وبرق على حافة الرأس يهمي بأنوائه الخابيات
وخوفي على كسرة الحب من عضة الجوع
سوف أخون الحياة
لأني هناك.. أرى مايراه الغزاة على جسدي من فلول وما تذر الذاريات
***
هناك على تلة في الزمان سأصعد
اصعد هذا العذاب الوحيد الذي يتناسل من شرفتي حين ادني الطريق ولا يستجيب الصدى لندائي الحثيث
ولا يستجيب الندى لانكفائي على حطب الذكريات
هناك على تلة في الزمان.. يضيع الزمان..
فلا قرب أو بعد لاقادم سوف يعبر أحزانه المصطفاة
***
في انتظاري المديد
اعلق صمتي على غيمة في الطريق
واهجس فيما سيحمله القادمون على مهل من هنا أو هناك
***
بعد حين من الصمت اشرع نافذتي ليمر الهواء
كعشب على كتفي المساء النحيل
وأطلق ذاكرتي في مساء يعاجلني بالغناء ويسلمني لانهياري الثقيل
هاهنا أو هناك جرح الصبر انتظاري
وظنون شاخصات في فضاء زاخر بالمستحيل
كم يمر العام اثر العام لاعام لقلبي
لا رداء لانبعاثي في الطريق ولا حسيس أنامل تمتد نحوي
لا نهايات لحزني المستطيل
دثريني.. دثري أوهام قلبي
انه ماكان عصفورا فيهوي في مدارج عزلتي
ما كنت أحزاني فيرميني الصبا بأيائل بيضاء تذروني قتيلا في الهوى فقتيل
دثري ظلي على طول الطريق وعرضها
لتفيض قطعان من السماق فوق ملامحي ويشف صمتي عن كلام واهن :
لا تتركي جسدي بلا ماء ولا خيل وليل ...
***
بعد حين من الصمت أشرع نافذتي وانشغالي
وألقي على حلكة الأرض بعض التحية
كي تترك الأرض بعض الصبا لاكتهالي
وتسألني جارتي عن مساء يعلقني في فراغ الطريق
وعن شجر لا يرى في تعاقب وحدتي وزوالي
وتسألني كيف حالي
وكيف ارتقى سلم عاثر ماء قلبي وآلي
وكيف انكفأت على قمر فاجع وانكشفت على غبطة واحتمال
أحبك ياجارتي لم تقولي سوى الصمت
ولم تفعلي غير أن تكسري ياسمين احتفالي
ولم تبصريني على شارع وارف أعزل القلب والعين
أمضي بلا هدف نحو ظلي وحول ارتحالي
***
_______ نشرت هذه القصيدة في مجلة أفكار الصادرة عن وزارة الثقافة الأردنية
الأنثى:
والأنثى في غسق ِ المرآة تُراجعُ بهجتها
والأنثى في حضرتها
ويغالبها الدّمعْ
لو يأتي
لو يأتي الآن
يحملني بين أصابعهِ كالوردةِ
يُطلقني في أفق ِ براءته قمرا ً
لو يأتي الآن
يحملُ في قبضته الأرض
لو يقرأ حزن العين
ويَمسحُ دمعتها
لو يُطلق من شرفته عصفورا ً أخضرْ
لو يعرف أنّ العمر تخثرْ
لا تتأخرْ
لو يأتي الآن
يحملني ملءَ ذراعيه وأكثرْ
سيّان إذا ًسيّان
أن تحملنا الأرضُ وأن نحملها
***
تدنو وأدنو:
تدنو وأدنو
والفضاء معلق مابين خطوتها وخطوي
والنجوم مبعثرات مثل عينيها ومثلي
وانحنى شجر
وأرسل ظله حول انتباهتها وحولي
ياه ...
كدت أنساك حبيبي
في انتظار طال آلافا من العبرات
تفرك وحدتي وتهز ليلي
كدت أنساني
وأضرب في الجهات
ميمما شطري... ومجرورا بهزلي