أ. أمال السائحي / مسؤوليتنا تجاه الجزائر و أبناء الجزائر…
مسؤوليتنا تجاه الجزائر و أبناء الجزائر…
المحرر الأثنين 16 ربيع الأول 1442? 2-11-2020م
أ. أمال السائحي /
إن الأعياد والمواسم التي تمر عبر كافة السنة، لا تمر هكذا مرور الكرام، مجرد ذكرى محسوبة على الرزنامة السنوية، ولكنها تحمل في طياتها الكثير من الذكريات عن الشجاعة، والمواقف، والبطولات التي سطرت بأيدي وعرق أناس عرفوا قيمة الوطن، وما تحمله هذه الكلمة من معنى سام، وعرفوا قيمة اللغة، وعرفوا قيمة الدين، ومن ثمة عرفوا معنى قيمة التضحية عن كل هذا أو ذاك، وقاموا بالواجب على أتم وجه، وكان النصر المضفر، وكانت الفرحة الكبرى، باستقلال الجزائر الحبيبة…
وجاء شباب الاستقلال، وما يحمله من أفكار وقيم عن هذا اليوم، أو عن تلك الأيام التي مضت من عمر كل مجاهد كافح من أجل الوطن، واللغة، والدين.. ولكن- مع كل أسف- جاء هذا الجيل هشا، ضعيفا، واهنا، لا يعرف من الذكرى إلا اسمها، ولا يعرف من التضحية إلاّ رسمها…
فهذه الذكرى عنده لا تتجاوز تلك الصور التي تُعلق في بعض المعارض، التي تقوم بعرض بعض الذكريات والمواقف لشهدائنا الأبرار، أو بعض الجداريات التي تمثل ملحمة كانت تسمى الثورة الجزائرية …..
ويبقى الشاب أو الشابة الجزائرية في حيرة من أمرهم، ما يعرفونه عن بطولات الخصم – وهو العدو الفرنسي- الذي كافحه الرجال والنساء وحتى الأطفال في هذا الوطن، أكثر مما يعرفونه عن بطولات أسلافهم الأماجد، ومن الطبيعي أن يكون الأمر على هذا النحو، ما دام معامل مادة التاريخ ضعيفا قياسا إلى معاملات المواد الأخرى، وما دمنا لم نول في إنتاجنا الثقافي والفني أهمية خاصة لتاريخنا الوطني، حتى يتسنى للناشئة الالتفات إليه، والتعرف عليه، والاهتمام به، والتمكن من حسن تقديره.
أضف إلى ذلك عدم استغلال المناسبات التي تتجدد فيها هذه الذكريات، فبدلا من توظيفها في فعاليات تسلط الضوء على بطولاتنا الوطنية، وما لنا من مواقف مشرفة عبر التاريخ القديم والحديث، حتى يتأكد لأبناء الجزائر أن دولتهم كانت قبل أن تكون فرنسا ذاتها، بدل ذلك ركزنا فيه على التسلية، فشغلناهم بالألعاب النارية، ويا ليت الأمر توقف عند هذا الحد، إذ تعديناه إلى الإساءة إلى الأخلاق العامة، إذ نظمنا لهم حفلات الفن الهابط الذي يضر ولا ينفع، ويضع ولا يرفع.
لقد أحدث المشروع الاستعماري الفرنسي في الجزائر جروحًا عميقة في بناء المجتمع الجزائري، حيث عملت فرنسا على إيقاف النمو الحضاري والمجتمعي للجزائر مائة واثنتين وثلاثين سنة، وحاولت طمس هوية الجزائريين الوطنية، وتصفية الأسس المادية والمعنوية التي يقوم عليها هذا المجتمع، بضرب وحدته القبلية والأسرية، وإتباع سياسة تبشيرية تهدف إلى القضاء على دينه ومعتقده الإسلامي، وإحياء كنيسة إفريقيا الرومانية التي أخذت بمقولة «إن العرب لا يطيعون فرنسا إلا إذا أصبحوا فرنسيين، ولن يصبحوا فرنسيين إلا إذا أصبحوا مسيحيين».
وإذا أخذنا بعين الاعتبار ما نراه اليوم ونعيشه من تطاول باللفظ والصورة على سيد البشرية صلوات ربي وسلامه عليه، من قبل صبي شاذ ويميني متطرف لا تصدر عن حقد صليبي فقط، بمقدار تعبيرها في الوقت ذاته عن انحطاط حضاري وانتكاس نحو البهيمية والغرائزية العنصرية والرد على هذا يجب أن يصدر عن هياكل الدولة الرسمية لا هياكلها الاستشارية فقط .. كما صدرت الإساءة عن هيكل الدولة الفرنسية الرسمية.
من الجميل أن تكون هناك ميزانية للتعريف بهذه الثورة الماجدة، وجعل دور السينما، والمسرح، والجمعيات مركزا هاما، للتعريف بثورتنا المجيدة، ولنعطي الصورة الحقيقية عنها، خاصة وأن معظم تاريخها الخالد غير مصور، وغير موثق؟
علينا أن نتوقف عن التركيز دائما على امتصاص الفراغ الذي يعيشه الشباب وملئه بما اتفق، فالأولى أن نملأه بما يفيدهم، ولا أهم ولا أولى من التاريخ، حتى نضمن أن يكملوا هم المسيرة بعدنا، أليس هذه مسؤوليتنا قبل الجزائر وأبناء الجزائر…؟
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.