أ. لخضر لقدي/ في ذكرى المولد ومولد الذكرى… نور ولد على ضوء الشمس
في ذكرى المولد ومولد الذكرى… نور ولد على ضوء الشمس
المحرر الأثنين 9 ربيع الأول 1442? 26-10-2020م
أ. لخضر لقدي/
سيرة نبينا هي أصحّ سيرة لتاريخِ نبي مرسل، أو عظيم مصلح، فحياته واضحة كل الوضوح في جميع مراحلها منذ تزوج عبد الله بآمنة، إلى وفاته، ونحن نعرف ولادته وطفولته وحياته شابا أمينا مستقيما، وزواجه ومكسبه ومأكله ومشربه ومنطقه وسلاحه وعبادته وشكله ومعاملته… ونعرف رحلاته وغزواته ومراسلاته، ونعرف متى بعث، وكيف بعث، ولمن بعث، ونعرف تفاصيل حياته الخاصة في بيته ومع نسائه وأولاده وأحفاده، ومع كل ذلك فسيرته لا تضفي عليه جوانب أسطورية ولا خيالية فهو بشر رسول، أمر أن “يقف عند حدود بشريته، ويعمل وفق تكاليف رسالته، لا يقترح على اللّه ولا يتزيد فيما كلفه إياه…”قُلْ: سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا”.
أما ما يتصل بسيرته نبيا ورسولا فقد بلغت من الكمال الإنساني والجمال البشري حدا جعل أتباعه يتعلقون به ويحبونه حبا ملأ وجودهم، وجعل الأعداء يهابونه ويخشونه.فـ “مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ،وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ،يَقُولُ نَاعِتُهُ:لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ “، إنّها سيرة الداعية السالك أجدى الوسائل لقبول دعوته، وسيرة الحاكم العادل الناجح المتبصر، والمربي المرشد، والأب الحنون والصديق الوفي والخل الذكي.
إنّها أشمل وأدق سيرة بين سير من سبقه أو جاء بعده، وصلت إلينا بأصح الطرق العلمية وأقواها ثبوتا، ونتيجة لوضوح سيرته وتمامها وكمالها نحا بعض الكتاب المعاصرين نحوا جديدا في استخلاص يوميات نبوية مؤرخة ومفصلة من روايات سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
هذه الميزة في السيرة لم تتسن لنبي قبله، ولا لعظيم قبله ولا بعده، بل أغلب الأنبياء لا نعلم من أحوالهم بعد النبوة إلا ما يتصل بدعوتهم، لا نعرف إلا النزر القليل من أسلوب معيشتهم، وما عدا كل ذلك فأمر يغطيه الضباب الكثيف.
إنّها السيرة التي دفعت الأمريكي مايكل هارت (عالم الرياضيات) أن يضع محمدا -صلى الله عليه وسلم – على رأس قائمة الأشخاص الأكثر تأثيرا في التاريخ ضمن كتابه: الخالدون مائة أو العظماء مائة نظرا لأنه تحدى البيئة الصحراوية في مجتمع قبلي قاس تحكمه العصبيات فلم يتأثر ببيئته بل أثر فيها، ولأنه ملك الحكمة ورجاحة العقل، ومع كونه أميا كان إماما، فأثر في البشرية وأسس حضارة،وما زال دينه يزداد اتساعا، وأتباعه يزدادون كثرة رغم كثرة العوائد التي تحكمت في الناس وكثرة العوائق التي تقطع الطريق إلى الله، وكثرة العلائق التي جعلت المسلم يتعلق بغير الله ورسوله.
إنّها السيرة التي جعلت مصطفى صادق الرافعي يقول: “ليس المصلح من استطاع أن يفسد عمل التاريخ؛ فهذا سهل وميسور حتى للحمقى، ولكن المصلح من لم يستطع التاريخ أن يفسد عمله من بعده”.
لقد حلت ذكرى المولد ومولد الذكرى فمتى يردد المسلمون صيحة وليد الأعظمي:
فوق المنابر يا بلابل غرّدي في مولد الذكرى وذكرى المولدِ
يا هذه الدنيا أصيخي واشهدي أنّا بغير محمد لا نقتدي
سلامنا نور يضيء طريقنا. إسلامنا نار على من يعتدي.
أم أن أبيات أحمد شوقي ما زالت تصف الحال والمآل:
شُعوبُكَ في شَرقِ البِلادِ وَغَربِهاكَأَصحابِ كَهفٍ في عَميقِ سُباتِ
بِأَيمانِهِمْ نورانِ ذِكرٌ وَسُنَّةٌ فَما بالُهُمْ في حالِكِ الظُلُماتِ
وَذَلِكَ ماضي مَجدِهِمْ وَفَخارِهِمْفَما ضَرَّهُمْ لَو يَعمَلونَ لِآتي
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.