بل
الحرف (بل).
-وتستخدم بل، في النّفي والنّهي، فتشبه (لكن) في أنّها تقرّر حكم ما قبلها، وتثبت نقيضه لما بعدها، نحو: ( ما قام زيدٌ بل عمرٌو )، و( لا تضرب زيدًا بل عمرًا )، فقرّرت النّفي والنّهي السّابقين، وأثبتت القيام لعمرو، والأمر بضربه، وتنقل الحكم إلى الثّاني حتّى يصير الأوّل كأنّه مسكوتٌ عنه، نحو: ( قام زيدٌ بل عمرو، واضرب زيدًا بل عمرًا ).¹
•إذن قلنا أنّها تفيد:
1- الإضراب، وذكرنا معناه أعلاه، ويكون عادةً بسبب الغلط أو النّسيان، كما نقول: ( جاء زيدٌ، بل عمرٌو ).
2- الاستدراك، إن سبقها نفي، أو نهي، تنفي الحكم للأوّل وتثبته للثّاني، كقولنا: ( ما زيدٌ خطيبٌ بل شاعرٌ )، و ( لا نَزور أخاك، بل أباك ).
-وإن كان الكلام قبلها منفيًّا ب(ليس)، أو (ما) العاملة عملها، فيكون ما بعدها مرفوعٌ وجوبًا، مثل القول: ( ليس زيدٌ كاتبًا بل شاعرٌ )، بتقدير مبتدأ محذوف، أي هو شاعرٌ.
وإن دخلت (بل) على الجملة لا المفرد، فإنّها تفيد:
1- الابتداء، كقولنا: ( ما قامَ زيدٌ، بل قعدَ ).
2- الإضراب الإبطاليّ، أي الإبطال المعنى الّذي قبلها بردّ بعدها، ويكثر ذلك في القرآن،
كقوله تعالى: { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } (26 الأنبياء)،
وقوله تعالى: { أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُم بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } (70 المؤمنون).
3- الإضراب الانتقاليّ، وهو الانتقال من معنًى لآخر، وورد نحو قوله تعالى: { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } (169 آل عمران).
-وقد تزاد (لا)، بعد (بل)، نحو: ( وما هجرتك، لا بل زدتني شغفًا ).
-وتتبع (بل) الواو، فتفيد الاستدراك مع الإضافة، كقول أبي نوّاس:
ما حُجّتي فيما أتيتُ وما
قَوْلي لربي، بل وما عُذْري؟
فلو قلنا: ( باع الرّجل أرضه، بل ومنزله )، فدلّ هذا الاستدراك الإضافيّ على أنّ الرّجل باع أرضه، ومنزله، فلو حذفنا الواو، لبطل حكم البيع عن الأرض، ولثبت للمنزل.
-ويلحق (بل)، (كلّا)، إذ تجيء قبلها، وتفيد وقتذاك الرّدع والزّجر، وورد كثيرًا، وذلك نحو قوله تعالى: { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ } (14 المطفّفين)، وتعرب في هذي الآية حرف استئناف.
.
----------
¹ شرح ابن عقيل، بتصرّف.