كالمُستَجيرِ مِن الرَّمضاءِ بالنارِ
تَقول العَرَب في أمثالِها: "كالمُستَجيرِ مِن الرَّمضاءِ بالنارِ" وهَذا المَثَل شَطرٌ مِن بَيت شِعر، وَيُضرَب هَذا المَثَل لِمَنْ يَعدِلُ عَن أمرٍ فِيهِ مَشقَّةٌ عَلَيهِ أو خَطرٌ أو نَحوَ ذلك إلى أمرٍ يَظُنُّ أنَّهُ أهوَنُ مِن الأولِ وأنَّهُ يَصلُحُ أنْ يَكونَ بَديلاً عَنهُ، فإذا بِهِ قَدْ وَقَعَ في أمرٍ أشَدُّ مِن سابِقهِ، فهذا مثله كمثلِ الذي كان واقفاً في الرَمضاءِ -وهي شدةُ الحرِّ- فأرادَ أن يَحمي نَفسَهُ مِنها فاستجارَ بالنارِ.
وقصته أنَّ عمرو بن الحارث مَرَّ على كُليبِ وائل وفيه رَمَقٌ مِن طَعنَةِ رُمحٍ طَعَنَهُ إيّاها جَسّاس، فاستسقاهُ كُلَيب، فألوى عَليهِ الحارثُ فأجهَزَ عَليهِ.
وقيلَ:
المُستجيرُ بعمروٍ عِندَ كَربَتِهِ...كالمُستَجيرِ مِن الرَّمضاءِ بالنارِ
والرَّمضَاءُ مِن الرَّمَضْ وهِيَ التُّراب الحارّ ومِنهُ سُمِّيَ رَمَضان لأنَّهُ جاءَهم في شِدَّةِ الحَرِّ.
وَذَكْرَ البُحتريّ هذا البَيت في قصيدَتهُ الّتي مَطْلَعها "يا مَن يُماطِلُني وَصلي بِإِنكارِ" والّتي يَقول فيها:
يا مَن يُماطِلُني وَصلي بِإِنكارِ
ماذا الجَفاءُ وَما بِالوَصلِ مِن عارِ
إِنّي أُعيذُكَ أَن تَزهو عَلى دَنِفٍ
حَيرانَ قَد صارَ بَينَ البابِ وَالدارِ
أَو مُستَجيراً بِوَصلٍ مِنكَ تَرحَمُهُ
مِثلَ الَّذي قالَ في سِرٍّ وَإِجهارِ
المُستَجيرُ بِعَمروٍ عِندَ كُربَتِهِ
كَالمُستَجيرِ مِنَ الرَمضاءِ بِالنارِ