المطامر أو الامراس ديال تخزين الحبوب
المطامر أو الامراس ديال تخزين الحبوب
Bouabid Tarqi
الأمراس عند زعير
المرس هو مكان تُحدث به مجموعة من المطامير تعد لتخزين الحبوب لمدة طويلة، كما تعد في بعض الحالات الاستثنائية (السيبة، النزاعات القبلية...) لتخزين المؤن والدخيرة والأشياء النفيسة... والمطمورة عبارة عن حفرة تبلط جوانبها بالطين المبلل الممزوج بالتبن، وهي على شكل قنينة زجاج قد يصل قطرها الأوسع إلى 1 متر وعمقها من 1 متر إلى 3 أمتار، وقد يتعدى القطر أحيانا 3 أمتار، أما سعتها التخزينية فتتراوح ما بين 25 و35 قنطار من الحبوب، وعند ملإها بالحبوب تغلق بالطين المبلل والتبن أو غيره كعروش الأشجار. وتمكن المطمورة من المحافظة الجيدة على الحبوب مدة سنوات، وفي أسوأ الظروف تصل أقصى نسبة الضياع 20 في المائة من محتوى المطمورة.
وعند زعير يتم اختيار موضع الأمراس في مكان آمن من السرقة، وهي أمراس قد تكون جماعية لفرقة أو دوار أو قبيلة أو بضعة أفراد من عائلة واحدة... وفي الغالب كانت كل فرقة من القبيلة تملك مرسا خاصا بها، ولكن في حالة التسيب وانعدام الأمن وكذلك ظروف القحط والجفاف وانتشار المجاعة يعمد السكان إلى وضع أمراس عديدة يسهل التزود منها إذا ما اضطروا إلى الابتعاد ومغادرة المكان من أجل الرعي أو الهروب من حركات المخزن... وتظل الأمراس تحت مراقبة مستمرة، بحيث يخصص لها حراس= المراسون (مفرد مراس) حسب عدد المطامير، فينزل المراسون أو العسس بخيامهم بالقرب منها، ويتقاضى هؤلاء الحراس 24 كلغ من الحبوب سنويا عن كل مطمورة محروسة. كما كانت تقام الأمراس في الغالب في أماكن منبسطة ذات تربة لا تسمح بتسرب المياه وتكون بعيدة عن الأماكن التي تقام فيها الأسواق وقد توضع في بعض الأحيان بمقربة من ضريح ولي من الأولياء...
وقد بدأت هذه الظاهرة عند زعير تنقرض بشكل تدريجي بعد فرض الحماية الفرنسية على المغرب واستقرار الساكنة وتحولت إلى أمراس أو أهراء مخروطية الشكل تهيأ على سطح الأرض وتعد بأعواد شجر الدفلا والتبن وتطلى بالطين المبلل وتوضع بجانب المسكن. وهذا النوع من الأهراء، هو بدوره انقرض أو في طريق الانقراض في زمننا هذا بسبب تطور وسائل التخزين...
كانت أمراس قبائل زعير، تتعرض في كثير من الأحيان إلى عمليات النهب والسطو من طرف الحركات والمحال المخزنية التي كانت تجوب القبائل الزعرية بين الفينة والأخرى، وكانت تنهب بالخصوص أمراس القبائل أو الفرق أو الدواوير التي كانت ترفض أداء الواجبات الشرعية (الزكاة، الأعشار...)، والأمثلة على ذلك كثيرة، منها: بتاريخ 24 حجة عام 1308هـ الموافق 19 يونيو عام 1890، أغار السلطان الحسن الأول على قبيلة الحلاليف من زعير، واستمرت المحلة المخزنية في إفراغ المطامير من الحبوب لمدة يومين...
كما كانت أمراس قبائل زعير هدفا رئيسيا لقوات جيش الاحتلال الفرنسي سنوات 1911- 1912- 1913، لقد اتبعب هذه القوات الغازية خطة حرب اقتصادية، أساسها تجويع مجاهدي زعير ودفعهم إلى الاستسلام، وذلك بتخريب الحقول وحرق المزارع ونهب الأثاث والاستيلاء على قطعان الماشية وأمراس تخزين الحبوب... ولم يجد أحد ضباط جيش الاحتلال أنجع من هذه الحرب التي رآها ضرورية لمواجهة تكتيك القبائل المغربية، فدافع عنها بقوله: “لأجل إخضاع عدو عنيد– على الأقل لبعض الوقت– يجب إصابته في مصالحه الحيوية، التي لا يستطيع الاستغناء عنها، ويجب أن نشد في ذلك إلى أبعد الحدود، فلابد إذن من حرق زرعه ونهب مواشيه، وتجويعه”. والأمثلة على ذلك كثيرة، منها:
- يومي السبت- الأحد 21 -22 غشت 1911: في يوم 21 غشت، توجهت سريتان من معسكر "مرشان" (الرماني حاليا) في اتجاه قبيلة النجدة، فتعرضتا لهجوم في طريقهما قرب موقع "كلتة الفيلة" (جمعة مول البلاد حاليا). وانتقاما من مجاهدي قبيلة النجدة، تمكنت قوات المحتل الفرنسي يومه من إفراغ المطامير من الحبوب رغم الهجومات التي قام بها مجاهدو النجدة، لإبعاد العساكر الفرنسية عن أمراسهم. ويوم 22 غشت، نهج طابور الكولونيل Brulard سياسة الأرض المحروقة، حيث قامت قواته بحرق ما تبقى من المحصول الزراعي بقبيلة النجدة، ثم غادر منطقة "كلتة الفيلة"...
- يوم الاثنين 9 شتنبر 1912: في صباح هذا اليوم، توجهت قوات عسكرية تحت قيادة الكولونيل Blondlat ومتعاونين من زعير، إلى موقع "طالع كرماط" حيث توجد أمراس قبيلتي الرواشد والغوالم، وقامت بالسطو على مخزونها من الحبوب، كما استحودت على قطعان ماشيتهم...
- يوم السبت 14 شتنبر 1912: في هذا اليوم، وعلى الساعة الرابعة صباحا، غادر طابور الكولونيل Blondlat مخيم حجرة بناصر بقبيلة الغوالم متجها إلى هضبة سيدي قاسم بقبيلة النغامشة، قصد القيام بعمليات تمشيطية يتعقب خلالها المجاهدين ويستعرض فيها قواته أمام الدواوير الثائرة والسكان العزل، وكذلك اختيار موقع استراتيجي لإنشاء معسكر قار. وأقدمت هذه القوات خلال هذا اليوم على الاستيلاء على قطعان ماشية قبيلة النغامشة وإفراغ المطامير من مخزونها من الحبوب...
بعض أمراس قبائل زعير:
- مرس البعض من المخاليف (أولاد موسى والنغامشة وأولاد عمران والغوالم) يوجد بالمحل المعروف بـ "احمر الخدود" قرب "المرس البيض" بقبيلة النغامشة؛
- مرس البعض من الرواشد والغوالم يوجد بموقع "طالع كرماط"؛
- مرس بعض فرق قبيلة أولاد عمران يوجد قرب ضريح سيدي العربي بفرقة أيت موسى؛
- مرس البعض من الرواشد يوجد قرب ضريح سيدي حشلاف؛
- مرس قبيلة السلامنة يوجد بـ "النويسرة" بناحية "الحويمل" وهناك مطامير أخرى بمرس الزاوية؛
- مرس فرقة الزعريين من قبيلة بني عبيد يوجد بأولاد خلاطة، وفرقة العبادلة من بني عبيد أيضا يوجد مرسهم بسيدي عبد الرحمان والشكران من بني عبيد كذلك توجد أمراسهم بشمال عركوب السلطان؛
- مرس فرقة الشليحيين من قبيلة أولاد خليفة يوجد على بعد نحو خمسة كلم من عين الصباب بفرقة أيت الجيلالي؛
- مرس البعض من قبيلة أولاد كثير يوجد قرب موقع "طليعوك"؛
- مرس البعض من قبيلة الحلاليف يوجد بـ "تيفسرين" بتراب فرقة العطاطرة؛
- مرس أولاد رزك من قبيلة أولادكثير يوجد بـ "سبع رواضي" بمحاذاة منطقة تغراست؛
- مرس الكطاطشة من قبيلة النغامشة يوجد على مشارف واد كرو، وأعتقد أنه لا يزال يستعمل إلى يومنا هذا لخزن الحبوب، وعليه حارس (المراس) بأجرة قارة...