الفرق بين الحال والتمييز
الفرق بين الحال والتمييز:
قال ابن هشام :
مَا افترق فِيهِ الْحَال والتمييز وَمَا اجْتمعَا فِيهِ:
اعْلَم أَنَّهُمَا قد اجْتمعَا فِي خَمْسَة أُمُور، وافترقا فِي سَبْعَة،
فأوجه الِاتِّفَاق:
أَنَّهُمَا اسمان نكرتان فضلتان منصوبتان رافعتان للابهام.
وَأما أوجه الِافْتِرَاق:
فأحدها:
أَن الْحَال يكون جملَة كـ جَاءَ زيد يضْحك. وظرفا كـ رَأَيْت الْهلَال بَين السَّحَاب وجارا ومجرورا كقوله تعالى{فَخرج على قومه فِي زينته}
والتمييز لَا يكون إِلَّا اسْما.
وَالثَّانِي:
أَن الْحَال قد يتَوَقَّف معنى الْكَلَام عَلَيْهَا كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلَا تمش فِي الأَرْض مرحا} {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى}
بِخِلَاف التَّمْيِيز.
وَالثَّالِث:
أَن الْحَال مبينَة للهيئات،
والتمييز مُبين للذوات.
وَالرَّابِع:
أَن الْحَال تَتَعَدَّد كَقَوْلِه:
(عَليّ إِذا مَا زرت ليلى بخفية ... زِيَارَة بَيت الله رجلَانِ حافيا)
بِخِلَاف التَّمْيِيز،
وَلذَلِك كَانَ خطأ قَول بَعضهم فِي
( ... تبَارك رحمانا رحِيما وموئلا)
إنَّهُمَا تمييزان وَالصَّوَاب أَن رحمانا باضمار أخص أَو أمدح ورحيما حَال مِنْهُ لَا نعت لَهُ.
وَالْخَامِس:
أَن الْحَال تتقدم على عاملها إِذا كَانَ فعلا متصرفا أَو وَصفا يُشبههُ نَحْو {خشعا أَبْصَارهم يخرجُون} وَقَوله
( ... نجوت وَهَذَا تحملين طليق)
أَي وَهَذَا طليق مَحْمُولا لَك وَلَا يجوز ذَلِك فِي التَّمْيِيز على الصَّحِيح.
وَأما قَوْله
( ... وَمَا ارعويت وشيبا رَأْسِي اشتعلا)
وَقَوله
(أنفسا تطيب بنيل المنى ...
فضرورتان.
والسَّادِس:
أَن حق الْحَال الِاشْتِقَاق وَحقّ التَّمْيِيز الجمود وَقد يتعاكسان فَتَقَع الْحَال جامدة نَحْو هَذَا مَالك ذَهَبا {وتنحتون الْجبَال بُيُوتًا} وَيَقَع التَّمْيِيز مشتقا نَحْو لله دره فَارِسًا.
والسَّابِع:
أَن الْحَال تكون مُؤَكدَة لعاملها نَحْو قوله تعالى {ولى مُدبرا} و قوله {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكا} وقوله {وَلَا تعثوا فِي الأَرْض مفسدين} وَلَا يَقع التَّمْيِيز كَذَلِك.
انتهى.
مغني اللبيب عن كتب الأعاريب
تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد