كثرت الحروب في القرنين الماضي والحالي، وارتفع مستوى اختراع الأسلحة الفتاكة المدمّرة للإنسانية، ويمكن أن تصيب الأرض بالهلاك والفناء.
لم يأخذ هؤلاء الموقدون لنيران الحروب، وسفك دماء الشعوب من هذا كله درسا ولا موعظة تردعهم، ليكفوا عن إيقادها، لكنهم يزدادون تفننا في اختراع الصواريخ القاطعة لأبعاد القارات، والطائرات السيارة، والمتفجرات المقطّعة لأوصال البشر وطحنها، انتفت أية قيمة أخلاقية إزاء هذا الحرق للأجساد، وإزهاق أرواح العباد.
ولم تُراع القوانين الدولية ولا مواثيقها التي وافقت عليها الأمم المتحدة، وتعاهدت على مراعاتها، حتى لا ترتكب الجرائم في هذه الحروب، ولا يصاب الأبرياء بنيرانها، وذهب التشدق الغربي بحقوق الإنسان، وكرامته، وهؤلاء الكبار من الطغاة وجبابرتهم، يوقف بعضهم أي قرار في مجلس الأمن يدعو إلى وقف القتال، وإنهاء الحرب، لا لشيء سوى مصلحتهم الخاصة، وطغيانهم، فأصبح مجلس الأمن بهذه التصرفات مجلساً لإيقاد الحروب، ولاختراق الأمن، والعدوان عليه، وأصبح ميزان القوة فوق ميزان الحق، والمصالح هي الميزان والمعيار، التي يزن بها هؤلاء التكتلات في العالم، وأصبح القانون الدولي حبرا على ورق، وحب السيطرة، وشهوة الحكم، والتسلط السياسي والاقتصادي هو السائد في ميزان التصرف الدولي.
وأوضح مثال لهذا في زماننا هذا، وفي جوارنا هو ما يحدث لشعب ليبيا الشقيق من نفاق دول كبرى، تعلن الاعتراف بالشرعية، وتوقد نيران الحرب، وتمدها بالأسلحة والطائرات السيارة لتدمير هذا البلد، طمعاً في ثرواته، إذا تولى من يسعى لحكمها عسكريا، وإن كانت هذه الدول ترى فساد هذا الذي تتخذه أداة طيّعة لها، يفسد في الأرض بجنون، ويهاجم مدينة طرابلس لقتل الآمنين، وتدمير منازلهم عليهم، بدون رحمة ولا شفقة، وتتخذه بعض الدويلات العربية أداة لها بالمال والأسلحة، بالتعاون مع الصهاينة، وشراء ذمم المرتزقة من كل مكان من روسيا، ومن السودان، وغيرهما.
ولعلّ الله سلّط على هذا العالم جنداً صغيراً في ذاته، ضئيلاً في حجمه، لكنه كان قوياً في تأثيره، لا يكاد يُرى، ولكن أثره يُرى أشد ما تكون الرؤية، اكتسح العالم من أقصاه إلى أقصاه، ويعجز كل جيش جرار على هزيمته، سلّطه الله تأديبا لهؤلاء، ولإشعارهم بأن طغيانهم ضعيف وهزيل، حتى عِلم العلماء وبحث الباحثين لم يصل بعد إلى التقليل من شأنه، أو اختراع دواء للشفاء من دائه، لعل العالم أن يدرك عاقبة سوء تصرفاته، وعدوانه على القيم الأخلاقية والدينية، إنها تنتقم، وتؤدب من كان له عقل أو رشد، فقد انهار الاقتصاد، ويكاد يضيق بالناس سبيل العيش، وسبل تحصيل مواد الحياة، وخسرت الدول ما خسرت من آلاف الملايير، وتوقفت المصانع، والشركات عن الإنتاج، وانهار سعر النفط، مدد حياة الدول المنتجة، وأساس ميزانيتها، وميزان اقتصادها.
إن المفسدين في الأرض يرتد فسادها عليهم، وآثاره تؤول عليهم بالخسران المبين، والإفلاس الكبير.
فهل يتعظ هؤلاء الطغاة دعاة العدوان وشن الحروب في العالم؟ ?وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً..?[الأنفال/25].
وهذه غزة محاصرة سنين عددا، وفقدت كل المدد، والشعب السوري مدمر، واليمن تتأجج فيه نيران الحرب، تأتي على الأخضر واليابس.
إنّ نجاة العالم لا تتم إلا بجنوحه إلى السلم، والعدل، والحق، إذ أنه إذا انعدمت القيم الأخلاقية أصبح الإنسان يصنع ما يشاء، بلا قيود ولا حدود، وفي الحديث: “إذا لم تستح فاصنع ما شئت”، وها نحن نرى الإنسان اليوم يصنع ما يشاء من الفساد والتخريب، ما تعود عليه عواقبه الوخيمة، وسوء آثاره العظيمة.
فليكف المفسدون في العالم عن فسادهم، ومن يشن الحروب والفتن عن صنيعهم، فإن العالم لا ينعم فيه الإنسان، ولا يسعد إلا في ظل القيم، وأعلاها قيم السلام والأمن وطمأنينة النفس البشرية من كل ألم وخوف وحزن.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.