اولياء عبدة
مول البركي
الولي الصالح مول البركي
الولي الصالح سيدي عبد الرحمان مول البركي : تشير كل الدلائل إلى تأسيس مول البركي لإمارة جهادية ، تقع شمال أسفي ، كانت مهمتها متعددة الأهداف ، فبالإضافة إلى بعدها التربوي التعليمي، الذي يتجلى في نشر الدين ، وتربية المريدين والأتباع والخدام وفق تعاليم الإمام محمد بن سليمان الجز ولي، نذرت على نفسها مقاومة البرتغال في ثغر أسفي والأراضي الداخلية المحيطة به، على امتداد عبدة ودكالة وبلاداحمر. قبل أن يصل مول البركي إلى حيث سيبني زاويته، نزل على حافة جرف مطل على أرض منبسطة، يقال بأنه ضرب الأرض بسيفه فانبجس الماء منهمرا من عيون مختلفة ونبتت دوالي الكروم والعنب. ولازال هذا المكان يسمى بجنان السيد ، حيث يقع في الجهة الغربية الشمالية من الزاوية، وهو مزار لكثير من العائلات في فصلي الربيع والصيف، يتبركون بالمكان الذي كان يتعبد فيه جدهم ويجتمع بباقي الأولياء لتدارس أمور جهاد برتغالي أسفي ومن يدور في فلكهم من الخونة، ويقتفون أثاره، حيث يقصدون كل المزارات التي مر منها أو أقام بها، ومما لاشك فيه، أن وجود هذا المزار الذي يحمل اسم السيد، له أكثر من دلالة ، فإضافة إلى كونه من المآثر السياحية، التي تجب المحافظة عليها ورد الاعتبار إليها، فإنه من الحرم المعظمة التي لا يتطاول عليها أحد ، إلا نالت منه غضبة السيد الولي سيدي عبدالرحمن مول البركي، وهذا ما تؤكده كثير من الوقائع، فالناس لا يجرؤون على جمع الحطب المتناثر في جنبات هذا المكان، حتى في فترة القر والبرد والعواصف، ومن فعل أصابته اللعنة وحل به الغضب، كذلك الذي ماتت بناته جميعا، ولم يتبق من أولاده إلا واحدا ففر هاربا به إلى وجهة غير معلومة، وذاك الذي استعمل بعض العصي المأخوذة من أشجار جنان السيد، في سوق بهائمه، وضربها، فما كان إلا أن تراجعت ثروته وأصابه الإفلاس. وكون مول البركي نزل بهذا المكان لما جاء المنطقة ، فذلك يؤكد أنه لما غادر شيخه سيدي علي السايح عبر الجحوش، واتجه شرقا ‘لم يمر عبر الغنيميين ، على الأقل في رحلته الثانية، مودعا شيخه لتأسيس زاويته. وجبت الإشارة كذلك، أن صاحبه سيدي مبارك البحتري مدفون، على ما يبدو، فرب هذا الجنان وعليه حوش من الحائط الحرفي، وقد أشار الكانوني إلى ذالك. مما يؤكد كذلك أن هذه الصحبة ظلت مستمرة ولم تنقطع.
ويزعم البعض أن جنان السيد هو تمرة جهد مشترك بين سيدي عبد العزيز بن يفو وسيدي عبد الرحمن مول البركي، ويفسرون ذلك كالتالي: أطلق مول البركي نبالا ثلاثة، ضربت الأرض فانبجس الماء من ثلاثة عيون وانهمر منحدرا، بينما أمر سيدي عبد العزيز بن يفو الجن فأنبتوا العنب والرمان.إلا أن الوقائع على الأرض تكذب هذه الخرافة الشعبية و تضحدها، إذ لا يوجد بهذا المكان سوى عين واحدة تنبع من جرف صخري مرتفع في اتجاه الشمال الغربي وتنحدر نحو الجنوب الشرقي في بسيط من أرض التيرس. ويوجد فوق منبعها مباشرة ما يسمى بمجمع الصالحين، وهو تجويف صخري بطول خمسين مترا تقريبا ن له باب منحوت على ما يبدو وسط الصخر.هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فلو كان هذا العمل من صنيع سيدي عبد العزيز بن يفو وسيدي عبد الرحمن مول البركي، لسمي بجنان السيدين ولما سمي بجنان السيد، مفردا لا مثنى، والسيد لا تقال إلا لكبير القوم وسيدهم، وكبيرهم آنذاك كان هو مول البركي صاحب الإمارة الجهادية المترامية الأطراف. أضف إلى ذلك أن اسم مول البركي يختصر عند الجميع في ( السيد) فيقال ، مثلا، هل ذهبت إلى السيد أو عند السيد؟ هل رأيت السيد؟ ويقصدون بذلك ضريح مول البركي وتلك صفة يعرفها بها خدامه ومريدوه المنتشرون في كل مناطق المغرب من أولاد الحسن إلى أولاد يرو إلى أولاد اعمارة إلى أولاد فرج إلى هشتوكة إلى تادلا بل يوجد خدامه بالصحراء المغربية وبسوس و بمالي والنيجر والسودان، ثم إن السيد عند اللغويين هو من " ... يملك تدبير السواد الأعظم... "[1]، وتلك كانت حالة مول البركي، الذي ترامت أطراف مملكته، وساد نفوذه مناطق متعددة كان يطوفها على ظهر فرسه مصلحا وواعظا ومرشدا وحاثا على الجهاد، وتشهد بذلك الكثير من الوقائع التاريخية، من ذلك ما يحكيه سكان المنطقة أن الخلافات كانت قد استحكمت بين دواري أولاد محيا و الزحاحفة، فاحتكما إلى مول البركي فقدم إليهم ونزل بين ظهرانيهم وأصلح ذات البين بينهم وصادف أن مات فرسه فدفن حيث مات وأقام له السكان مزارا يلوذون به إلى اليوم وهذا تقدير منهم لمول البركي و لدوره الإصلاحي والإرشادي بين المداشر والقبائل المختلفة[2].
معاصروه
وقد عاصر مول البركي كثير من الأولياء الصالحين المنبثين في ربوع دكالة وعبدة والشياظمة وحمير، وهكذا عاصر سيدي ذي النون الحضري الخنبوبي ، وهو من الأدارسة الخنابيب، وله مع سيدي عبدالرحمن مول البركي حكايات وكرامات كثيرة حيث دعا فيه هذا الأخير. وقد أنشأ سيدي ذي النون الحضري زاوية بالحضر شمال جمعة سحيم، بمنطقة الشهالي. طبقت شهرته الآفاق وجاءته الركبان، وأمه ولازمه المريدون، وبقي بزاويته إلى أن توفي ودفن بها، وضريحه ملاذ يحتمي به من يعاني عوارض الجن، وتزوره النساء المرضعات لاستدرار حلبيهن[3].
وعاصر سيدي أبو ربيعة الدغوغي الذي يعتبر ضريحه مزارا للعاقرات من النساء وللمصابين بالحمى[4].
كما عاش في نفس الفترة مع سباعي آخر، هو سيدي عيسى بن مخلوف، الذي تجعله الذاكرة الشعبية من حفدة سيدي محمد بن عيسى مؤسس الطريقة العيساوية، عرف عنه ترويضه للأسود التي كان يستغلها لدرس الزرع والحبوب بدل البهائم، وقدرته على شفاء حروق النار ولسعات الزواحف. وقد استقر سيدي عيسى بن مخلوف بدوار الحنيشات بالإضالعة، وكرس نفسه، في البداية، لتحفيظ القرآن الكريم والقراءات وأصول الدين قبل أن يشتهر و يديع صيته[5].
و عايشه في نفس القرن، أي في القرن العاشر الهجري، ولي آخر ، هو : سيدي عمارة بن مبارك بن محمد بن عبدالرحمن، الملقب بسيدي عبيد، وهو سباعي كذلك، تزوره النساء الحوامل، ومن بهم مس من الجن[6].
كما عايش سيدي محمد بن يوسف كانون المعروف بسيدي كانون المتوفى سنة 981 هجرية، مطاعي الأصل. من كراماته : شفاء أمراض العيون، والعقم. سمي بسيدي كانون، على ما يحكى، لأن شيخه سيدي عبد العزيز أمره بالدخول إلى تنور ملتهب ساخن، ففعل وخرج منه سالما معافى فلقبه شيخه بسيدي كانون.
كما عاصر سيدي محمد بن سيدي أحمد بن سيدي محمد الصغير بن سيدي محمد الكبير بن سيدي أعبيد بن سيدي أعمارة بن إبراهيم بن أعمر بن عامر الهامل المكنى بأبي السباع.
المعروف اختصارا، باسم سيدي محمد السباعي، الذي يقع ضريحه ببلاد عبده جنوب "اثنين لغيات" بإقليم أسفي، ويقام عنده موسم سنوي في الصيف. تنسب إليه كرامات عديدة، منها: أنه هوجم في يوم من الأيام من طرف مائة من قطاع الطرق، فصرخ مستغيثا مستنجدا...فخرج من الغابة المجاورة مجموعة من السباع لنجدته، ومنها أن النساء تزوره للإنجاب، أما من حلف كذبا فوق قبره فإنه يصاب بالجذام والعمى. وهو من أهل القرن العشر الهجري، ممن قاوموا البرتغاليين بالمنطقة[7].
جهاده و كراماته و ورعه
لم يكتف الفقهاء والعلماء والأولياء بحث الناس على قتال البرتغاليين و أعوانهم، بل شاركوا في الحروب ضدهم، وجهزوا الحركات لذلك، ونظموا الجيوش وقادوها في جميع المناطق التي كان يحتلها البرتغاليون ( شهداء السباعيين). أما في عبدة فقد أورد الفقيه الكانوني في جواهر الكمال، بعضا من أسماء الأولياء الذين حاربوا البرتغاليين، وحضروا حصار أسفي، منهم: "... عبد الكريم الرجراجي، أحد أولياء هذا الثغر الأسفي، وفي بعض التقاييد أنه حضر حصار أسفي، في القرن العاشر الهجري، وضريحه مشهور داخل أسفي بالدرب المنسوب إليه رحمه الله... و عبد الكريم الصنهاجي ، أحد صلحاء هذا البلد، يقال إنه حضر أيضا حصار أسفي في القرن العاشر الهجري، وضريحه مشهور شمال أسفي[8]، والغازي بن قاسم... أحد مشاهير الأولياء بأسفي، ويقال بأنه كان من المرابطين على أسفي في عهد البرتغال من القرن العاشر الهجري...[9] عزوز بن رحال أخو مول البركي، من مشاهير الرجال وأحد ممن ورد مع أخيه على هذه البلاد لقتال البرتغال في القرن العاشر الهجري، وعليه قبة مشهورة بالساحل قرب أخيه[10]، أبو الحسن علي بن أحمد بن حسين بن كرارة الرجراجي العبدي، الولي الصالح المتبرك به، في بعض التقاييد أنه حضر حصار البر تغال بأسفي في القرن العاشر[11] . و قد كانت القبائل المتاخمة لأسفي ، عمدة المقاومة وركيزتها، فمثلا كان مول البركي، فيما قيل، يعتمد في حركاته إلى على قبائل المويسات، بينما شكل من بقي المدينة ما سمي بالطابور الخامس[12]، وهذا ما يستشف من الرسالة التي بعث بها هؤلاء العملاء إلى ملك البرتغال: "... و عاملك يا مولانا ... لا يكذب عليك ويقول إنه أخذ أسفي بذراعه ، نحن يا مولانا الذي أعطينك أسفي، ونحن دخلنا عاملك ديوغ لذا الزنبوج كما وصفنا لك ..." وأنه كان بإمكانهم المقاومة بمعية قبائل كثيرة " ... لو اتفقنا مع بني ماكر تكون دارك هلكت مع رجالك..."[13].
كراماته
ترويض الأسد
يحكى في هذا الصدد، أن رجلا جاء يوما يزور سيدي عبدالرحمن مول البركي بزاويته، فأسر إليه أن أسدا كاد أن يفترس بقرته[14]، فأجابه سيدي عبدالرحمن بأن هذا مستحيل، "... فالأسد لا يرتكب الشر في منطقة نفوذي. ارجع إلى بيتك وستجد بقرتك ، يحرسها هذا الأسد نفسه ..."[15] فعاد الرجل أدراجه، فوجد أن البقرة ترعى والأسد جاثما على مقربة منها كأنه يحرسها. ومن تم لقب مول البركي باليسبوع. ولهذه الكرامة ما يبررها، خصوصا إذا علمنا أن ساحل دكالة، البيضاء والحمراء، كان "[16] ... منطقة أدغال وحشائش كبرى..." و " ... كانت المنطقة المحيطة بتيط وجنوبي أسفي منطقة غابات... "[17] تكثر فيها السباع والوحوش، وهذا ما أشار إليه ابن عبد العظيم الأزموري، بقوله : "... وأتى ( شيخ صنهاجة) فوجد الشيخ( أمغار ) في غابة والسباع دائرة به تحرسه..."[18]. و يقول في موضع آخر : " ... كان ( المكان) ذا شعرة و سباع ..."[19]. وذكرت وثيقة برتغالية أن ضواحي تيط متوفرة على كثير من الأشجار[20]. وكانت الغابة تغطي جبل الحديد جنوب أسفي، وينتشر شجر الأركان شمال تانسيفت، أما في الساحل، شمال أسفي، فكانت تنتشر أشجار الزيتون، والأدغال الكثيفة، مما جعل البرتغاليين لا يحصلون إلا على القليل من الأسرى أثناء غاراتهم على المنطقة، نظرا لالتجاء السكان إلى هذه الأدغال[21]. وقد عرفت المنطقة كثيرا من الوحوش والطيور، كما عرفت كثرة النساك والزهاد.
ورعه
كان سيدي عبدالرحمن مول البركي كثير التعبد، يكابر النفس ويجاهدها، دون كلل أو ملل. يبت الليل بين السجود والركوع حتى أنه كان يغير جبته الصوفية أكثر من أربعين مرة في السنة[22] ، إذ سرعان ما تتهرآ على مستوى الركبتين من كثرة القيام والقعود للصلاة، أناء الليل وأطراف النهار، وتلك سيرة الصوفي العابد، والولي المجاهد في النفس قبل العدو.
فرسه
يعد الفرس " البركي " في الثقافة الشعبية، ذلك الفرس ذي اللون الأحمر، إلا أن " البركي " أو البرقي لها معنيان : الأول من ( البراق) ، وتعني الفرس السريع الذي يسبق باقي الخيول ويتقدم عليها، وبالتالي فإن كلمة ( البركي) هنا تحيل على اللون لا على السرعة ، كما هو متعارف عليه في ثقافة الفروسية وعند عامة الناس. فالفرس البرقي في ليبيا مثلا ، هو الفرس السريع مثل البراق، وهو معروف بخشونته وقوته. والثاني أنها تحيل على اللون الأحمر كذلك وذلك ما يستشف من كلام القلقشندى في صبح الأعشى، حيث يقول، في معرض حديثه عن الفرس : "..ومن يتمطر كالغمام، ويركض كالسيل، ومن كملت حلاه ولبس حله الفخار، فمشى على الحالتين في الحلتين مسبل الذيل، ومن عقد بناصيته كل الخير، وعقد له لواء الفخار على كل الخيل، من كل خضراء معجبة فهي على المجاز حديقة، وكل أحمر سابق فهو البرقي على الحقيقة..."[23].
و الفرس الأحمر هو الذي يعرف عند العرب بالأشقر، حيث أن الشقرة " ... حمرة صافية، يحمر معها العرف والذنب... وجمع الأشقر شقر..." أو ما تسميه الفرنسية ب (alezan)، وقد كانت العرب تتشاءم بالفرس الأشقر، فأراد الرسول (ص) أن يثنيهم عن ذلك، فقال : " يمن الخيل في شقرها"، وقال كذلك : " عليكم بكل أشقر أغر محجل "[24]، ومرد هذا التشاؤم يعود، على ما يبدو ، إلى سرعة هذا الفرس المفرطة في الحرب ، حتى أنه روي عن لقيط بن زرارة الذي كان يركب فرسا أشقرا ، في أحد أيام العرب، لعله يوم جبلة، قوله : " ... أشقر إن تتقدم تنحر وإن تتأخر تعقر..."، فصار ذلك مثلا حيث قيل : شقر الخيل سراعها. وقد نظم الفرزدق بيتا شعريا في مثل هذا المعنى :
وأصـــبح كالشقـــراء تنحر إن مضت وتضـــرب ساقاها إذا ما تولـــت.
وقد ذكر مالك بن الريب فرسه الأشقر في قصيدته التي يرثي فيها نفسه، بقوله :
وأشقر خنــــذيذ يجر عنـــانـــه إلى الماء لم يترك له الدهر ساقيا.
نسبته إلى فرسه
ينسب سيدي عبدالرحمن مول البركي ، تارة إلى فرسه " البركي[25]"، وتارة أخرى إلى فرسه " الشهيبة[26] " التي أهداه إياها شيخه سيدي علي السائح، على رأي بعض الروايات، أو أهداها إياه الشرفاء الغنيميين، على رأي بعض الروايات الأخرى. وهذه الفرس الأخيرة هي التي سميت باسمها أرض الشهيبة المجاورة لزاوية مول البركي من جهة الغرب، كما تروج لذلك كثير من الروايات. إلا أن الافتراض الأقرب إلى الحقيقة ، وعليه المعول ، هو أن هذه الأرض، سميت كذلك نسبة إلى الولي الصالح سيدي أحمد مول الشهيبة المدفون داخل حوش معروف شرق هذه الأرض.
وسواء رجحت هذه الرواية أم تلك، فإن " البركي[27] " و " الشهباء " صفتان من صفات الخيل عند العرب. وقد كان لمول البركي فرس " بركي " و به عرف، إلا أن المشكوك فيه أن تكون له فرس شهباء. من جهة أخرى ، يبدو أن نعت سيدي عبدالرحمن بن رحال، بسيدي عبدالرحمن مول البركي ، أمر يثير بعض الملاحظات، لعل أهمها :
أن هذه التسمية هي، من جانب، اختصار من مريديه ومقربيه بناء على مبدأ الاقتصاد والتوحيد الذي ترومه اللغة اختصارا للجهد العضلي الذي يبدله جهاز النطق عند الإنسان. فقد دأبت اللغة العربية على توحيد المصطلحات والكلمات، كما فعلت في ميدان العلوم، وذلك على سبيل النحت( أمثلة في الهامش)، ومن جانب آخر ، فهي على سبيل ، العلم بالغلبة. فالاسم الحقيقي هو سيدي عبدالرحمن صاحب الفرس البركي ، فاختصر في مول البركي. أضف إلى ذلك، أن تردد هذه التسمية على الألسنة، التي لاكتها كثيرا، جعلها تصبح شائعة الأمر الذي مكنها من أن تحل محل الاسم الأصلي. قد يكون الأمر كذلك، من فعل أعدائه البرتغاليين أو من دار في فلكهم، لما كان يقود الحركات الجهادية إلى أسوار أسفي، فيضيق الخناق عليهم، مما جعلهم يتهامسون متسائلين عمن صاحب الفرس البركي، و يحذرون بعضهم بعضا من قوته وبطشه ومن سرعة فرسه، خصوصا وقد تواترت الروايات، أنه كان يتقدم الجموع، بل من بين كراماته أنه كان يتبع سفن العدو حتى عمق البحر، حيث ينفلق الماء وتغرس قوائم فرسه في الرمل، ومن كثرة الهمس والتحذير من صاحب الفرس البركي، تحول الاسم إلى علم بالغلبة[28].
التعاريف، ج . 1، ص. 393. [1]
[2] يقع هذا المزار داخل حوش من الحائط الحرفي قرب أرض أريري بين دواري أولاد محيا و الزحاحفة ، وهو مقدس بين السكان يعظمونه ويزورونه ويتبركون به ويتحاشون استعمال أحجار من الحائط الدائر بالحوش. و لا ندري عن أي فرس تتحدث هذه الحكاية؟ هل هو فرس مول البركي الذي عرف به ، أم أن الأمر يتعلق بفرس آخر ، خصوصا إذا علمنا أن مزارا آخر دفن به فرس مول البركي جنوب زاويته حيث كان في طريقه قافلا من إحدى غزواته لبرتغالي أسفي، فمات فرسه ودفنه أصحابه بمكان يقال له " سدرة العود " .
[3] جهة عبدة، ص. 97.
[4] عينه، ص. 97.
[5] عينه، ص. 96.
[6] عينه، ص. 98.
[7] جهة عبدة، ص. 94.
[8] جواهر الكمال، ج. 2، ص. 31.
[9] عينه، ج. 2 ، ص. 81.
[10] عينه ، ج . 2 ، ص. 79. تفيد عبارة : "... ورد مع أخيه على هذه البلاد..." أن كلا من مول البركي وأخيه سيدي عزوز، وافدان على المنطقة ، وهذا يناقض ما قاله الفقيه الكانوني ، عند حديثه عن سيدي مبارك البحتري، أبي جحيشة، من كون مول البركي ولد لأبيه سيدي رحال الدليمي، بالمنطقة.
[11] عينه، ج. 2 ، ص. 51.
[12] P.A. Evin, L’architecture portugaise au Maroc, BEE.P.
[13] S.I.H.M, port I, pp. 179-189.
[14] تروى هذه الحكاية بطريق آخر، تحل فيه البغلة محل البقرة، وتجري فيه الواقعة بجرن لدرس الحبوب.
[15] جهة عبدة، ص. 96.
[16] بوشرب أحمد ، دكالة و الاستعمار البرتغالي، ص. 62.
[17] دكالة و الاستعمار البرتغالي، ص. 62.
[18] بهجة الناظرين، ص. 65.
[19] عينه ، ص. 70.
[20] S.I.H.M. Port. I . p. 553.
[21] دكالة و الاستعمار البرتغالي، ص. 63.
[22] ذكر أنتونا أن مول البركي كان يغير جبته مرة في الشهر.
صبح الأعشى، ج. 9 ، ص. 107.[23]
[24] رواه أبو داود، الحديث رقم : 2182.
[25] يقال بأن هذا الفرس هو هدية من صفيه سيدي مبارك أبي جحيشة. كان أبكم، لم يسمع له صوت ، إلا أثناء وداع مول البركي لشيخه سيدي علي السايح، ومروره بالجحوش ، فحمحم الفرس ، فتعالت الزغاريد والهتافات والتهليل والتكبير. فقيل بأن مول البركي ، لما انشرح صدره لذلك، دعا في الجحوش.
[26] "الشهيبة"، تصغير شهباء، مؤنث. أشهب. وهو الفرس الأبيض. وجاء في المصباح المنير،( ج. 1 ،ص.324 .)، " ... الشهب مصدر من باب تعب وهو أن يغلب البياض السواد والاسم الشهبة وبغل أشهب وبغلة شهباء...". وسار على نفس المنوال صاحب معجم البلدان، ( ج. 3 ، ص. 374 ) ، حين قال: "... الشهب بالضم ثم السكون، جمع أشهب وهو الفرس الأبيض...".
[27] الفرس البركي في الثقافة الشعبية هو الفرس الأحمر اللون، وهو ما ينعت بالفرنسية (Robe Alezan ).
[28] يقال بأن فرس مول البركي مات ودفن بمكان يقال له " سدرة العود "، قرب عزيب المعمر الفرنسي (Edmond ) ، جنوب زاوية مول البركي ، على طريق أسفي من جهة الغرب. وذكر هذا الأمر يرتبط بكرامة من كرامات مول البركي، إذ يحكى بأن شخصا ما كان يحفر بسدرة العود هذه فوجد صفيحة حافر فرس مول البركي، وأراد صهرها لتحويلها إلى سكة لمحراثه الخشبي، فلم تنصهر رغم تكراره للمحاولة، فأعادها إلى مكانها من الأرض.