خطاب إلى ابن باديس : في عيد نوفمبر النفيس/ أ. د. عبد الرزاق قسوم
خطاب إلى ابن باديس : في عيد نوفمبر النفيس/ أ. د. عبد الرزاق قسوم
المحرر الأربعاء 2 ربيع الأول 1441? 30-10-2019م
عبد الحميد، يا ابن باديس! يا إمامنا وشيخنا الرئيس!
أطل علينا من برجك الخالد المجيد، وبمعية من معك من العالم والشهيد.
فنحن يا شيخنا، نحيي ذكر ميلاد نوفمبرنا السعيد، لنربطه بالتراث الباديسي التليد.
إنه بالرغم من انتقالك- يا إمام الجزائر- إلى عالم الخلود، فإن أبناءك وأحفادك، قد جعلوا اسمك، مفرونا، برمزية نوفمبر، مرفوعا إلى العلى في صعود.
إن الجزائر التي ضحيت بسوادك وبياضك من أجل ميلاد نوفمبرها، لتتغنى
دوما – بمآثرك، وفضائلك، في سبيل إعلاء كوكبها.
فلتطمئن، يا إمامنا الروحي، ونحن على أبواب نوفمبر، إلى أن غرسك قد أينعت ثماره، وطمئن، الشهداء من أمثال عميروش والحواس وبن مهيدي، وبن بولعيد وباقي الأبطال، إلى أن الحراك الشعبي السامي، قد اتخذ من النوفمبرية الباديسية، شعارا للبرنامج الوطني المتنامي.
إن الجزائر، المتطلعة نحو الغد الأفضل، بعد أن، خرجت من الليل المظلم الأطول، لتتوق إلى انتخاب الرئيس الأمثل، لتطوي، بذلك عهد التزوير الأنذل، وترتقي إلى العلى من الدرك الأسفل.
نحن نأمل، أن يستلهم الرئيس الجزائري القادم من الإمام ابن باديس، روح التفاني في سبيل الوطن، وعمق الانتماء، للبعد الحضاري بالاعتماد على الآيات والسنن.
لقد كنت يا إمامنا، قدوة في التواضع والثبات على الثوابت، فليكن، الرئيس القادم مستلهما من قيمك، مبادئ الاستقامة على درب الشهداء في زرع المنابت.
لقد عاث المفسدون الفساد والإفساد حقبة طويلة من السنين، فأهلكوا الحرث والنسل، وأفسدوا تربية البنات والبنين، وتنكروا، لجهاد الأبطال المجاهدين، ومكنوا للعملاء، والمغامرين، والإنتهازيين، من الخونة الوصوليين، ” وإن الله لا يهدي كيد الخائنين”.
تريد الجزائر من الرئيس المنتخب القادم، أن يضمد الجراح، ويستأصل، الأتراح، ويعيد إلى القلوب والشفاه البسمة والأفراح.
فقد حررنا نوفمبر، بمجاهديه الأبطال من كل أنواع الخضوع، والتبعية، لثقافة الغزو، والاستئصال، فأعادنا المتسللون والمزيفون، الذين سطوا على حكمنا، أعادونا إلى الاحتلال الفكري، وسوء المآل.
إن كل ما في وطننا اليوم، في حاجة إلى التغيير، بدء بالمنظومة التربوية، إلى الهيكلة الاقتصادية، والثقافية، والسياسية، وانتهاء بمنهجية التسيير، والتعمير.
فعندما يطل نوفمبر العتيد علينا، يجب أن لا نقتصر في الترحاب به على النشيد، ووضع الزهور على القبور، بل يجب أن نستلهم منه عظائم الأمور، مما زرعه فينا أبطال نوفمبر على مر الدهور، من حماية الحدود والثغور، والعناية بالسدود لتحسين المداخيل، والأجور.
فالجزائر اليوم، تعيش قحطا فكريا، وتميعا أخلاقيا، وضمورا حضاريا، فأنى يمكن التوفيق بين الوفاء، نوفمبريا، والبناء وطنيا، والسلوك إسلاميا.
إن الرئيس الجزائري، القادم، مطالب بأن يزيل القبح عن محيطنا، بترينيه لمعالم لغتنا وأصالتنا. فقد تنكرت الجزائر، بالإستيلاب، والاستغراب، لمبادئ شهدائنا، في الألسنة، وعلى المحلات، وفوق كل الأبواب.
وأين الجزائر اليوم، يا مجاهدي نوفمبر، ويا شهداء جهاده، من اليمين الذي آذيتموه، والخط ، الذي رسمتموه، وبند الجهاد الذي رفعتموه؟
مطلوب من الجماهير الجزائرية، وهي تحيي عيد أول نوفمبر، أن تخضع كل هذه الأفكار للتأمل والتدبير، فلترتفع بوعيها،ونضجها، إلى مستوى حسن الانتقاء والتخيير، حتى لا نكرر مأساة العهد الغابر والحقير.
لتكن مقاييس الاختيار، بعيدة عن المصلحية، والعاطفية، والعصبية، والقبلية والجاهلية، لنرتفع إلى قيم الكفاءات، ومبادئ النزاهات، وامتحان الالتزامات.
إن وطننا والحمد لله يعج بالقدرات في كل الميادين، فلنختر منها، الصالح المصلح الأمين، والوطني الأصيل الرزين!
إن نوفمبر سيسائلنا، ومن أعدوا واستعدوا لنوفمبر مثل الإمام عبد الحميد وإخوانه الشهداء في برج النعيم، ومن قبلهم الأمير عبد القادر، والشيخ الحداد، والشيخ المقراني، والشيخ المغيلي، ولالا فاطمة نسومر، وغيرهم من الأبطال الغرّ الميامين، إنهم جميعا، جنود فداء، ورموز ابتلاء، وهم جميعا، أحق بالإقتداء.
إن الانتخاب على الأبواب، وهو امتحان للضمائر، واختبار للأحرار والحرائر، ممن آمنوا بمستقبل الجزائر، ولن يتخلف عن هذا الموعد أي وطني ثائر.
فيا عبد الحميد، يا ابن باديس، يا من قدمت المثل المحتذى، في تطبيق معنى الرئيس، ادع لنا ربك، يهيئ لنا أمر الرئيس، الذي سيخلص الجزائر من القبح والتدنيس، فيمسح بالأعمال دمعة المحتاج والبئيس، ويخلصنا من التلبيس، وسوء التسييس، وبقايا العهد التعيس.
فإن حققنا ذلك، فهو ما يمثل خير تحية لعيد الجهاد، وأبلغ وفاء لأفضل ما أنتجتالبلاد، وإحياء للأمل في قلوب وعقول العباد.
إن بيننا وبين المستقبل، الذي سنصنعه بإرادتنا الحرة الأبية، بضعة أيام، فلنوحد كلمتنا، على معزوفة شعار الباديسية النوفمبرية وهي من خير الأنغام، التي سنكتسح بها كل أنواع الألغام، وسوء الأفهام، وما ربك بظلام للأنام.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.