“ثلاثة لا يكلمهم الله”/ محمد الصالح الصديق
“ثلاثة لا يكلمهم الله”/ محمد الصالح الصديق
المحرر الأربعاء 17 صفر 1441? 16-10-2019م
ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة “المنان الذي لا يعطي شيئا إلا منة، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزاره“.
هذا حديث نبوي (رواه مسلم) وهو يحتوي أصنافا ثلاثة من الناس قبحت أعمالهم، وعظمت مساوئهم إلى حد أنهم يكونون يوم القيامة في ذلة ومهانة، وخزي وعار، بحيث لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم، ولا يقيم لهم قيمة ووزنا، جزاء بما كانوا يعلمون.
فأولهم المنان الذي لا يعطي شيئا إلا منة، فهو مفتون على الدوام بذكر عطاياه، فلا يفتأ يتمدح أمام الناس، ويتطاول بها على عباد الله، ويبالغ في إطراء نفسه بما قدم من صدقة، أو عطية معنوية… فهذا حقير النفس، خبيث الطوية، فاسد الفطرة، يبني بيد ويهدم بأخرى، ويحرث الأرض ثم يبطلها، وكثيرا ما يكون المنان ممن أثروا بعد فترة، وشبعوا بعد مخمصة، فأبطرهم الغنى، وضيعوا ثوابهم بحصاد ألسنتهم، وقد أدرجهم القرآن الكريم في صنف المرائين إذ قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ} [سورة البقرة/264].
وثاني الأصناف، الذي ينفق سلعته بالحلف، فتراه يروج سلعته بالإيمان الكاذبة مما جعل الناس يفضلون الأجانب – في الشراء- على إخوانهم في الدين والوطن، لأن الأجنبي لا يروج سلعته باليمين بل يعرضها ويعتمد في ترويجها على جودتها، وحسن عرضها، ولطف الحديث مع الزبون.
وثالث الأصناف الذي يرخي ثوبه تكبرا وخيلاء ويطيله تيها وعجبا… حكى أن مطرف بن عبد الله ابن الشخير نظر إلى المهلب بن أبي صفرة وعليه حلة يسحبها وبمشي الخيلاء فقال: يا أبا عبد الله ما هذه المشية التي يبغضها الله ورسوله؟ فقال المهلب: أما تعرفني؟ فقال: بل أعرفك… أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وحشوك فيما بين ذلك بول وعذرة.
وقد كان المهلب أفضل من تجدع نفسه بهذا الجواب المقذع، ولكنها زلات الإنسان، وخطيئة من خطاياه.