الحكّام والعدل الاجتماعي في الإسلام
الحكّام والعدل الاجتماعي في الإسلام
اسلاميات
16 أكتوبر 2019 (منذ 9 ساعات) - الشيخ الطاهر بدوي
الحكم الإسلامي يصون الأعراض صيانة كاملة، ولا يسمح لأحد أن يمسّها بسوء ولا شيء كقذف الأعراض يشيع الفاحشة في المجتمع ويزيل التّوازن من النّفوس، يقول سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} النّور:19.
فليس لأحد أن يقتحم على أحد داره أو يتسوّرها عليه أو يدخلها بغير إذنه مهما تحسن نيته، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَ?لِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} النّور:27-28.
ويروون عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّ في إحدى جولاته التفتيشية الاستطلاعية لشؤون الرعيّة، مَرَّ ليلًا ببيت سمع فيه صوت رجل وامرأة يتعالى بشكل يثير الرِّيبة، فتسوّر الحائط ليَنظر، فإذا رجل وامرأة يحتسيان الخمر، فاحتد عمر، وقال: “يا عدوّ الله، أكنتَ ترى أنّ الله يستُرك وأنتَ على معصيته؟ قال الرّجل: “يا أمير المؤمنين، إن كنتُ عصيتُ الله في واحدة، فأنت قد عصيتَه في ثلاث، يقول الله تعالى: {لَا تَجَسَّسُوا} وأنتَ تجسستَ علينا، ويقول الله: {وَآتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} وأنتَ تسوّرْتَ علينا الجدار ثّم نزلتَ منه، ويقول الله: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} وأنتَ لم تفعل. ووجد أمير المؤمنين الفاروق عمر أنّه بمخالفته الثلاث للآداب الإسلامية الاجتماعية لا يَملك إنزال العقوبة بهذا السكير، لأنّ جريمته لم تثبت بالوجه الشّرعي المُباح، فاكتفَى بحثّه على النّدم والاستغفار وفوّض أمره إلى الله تعالى.
وليُشدّد الإسلام بعد هذا في فاحشة الزّنى ما شاء أن يُشدّد، وليَقُل بعبارة حاسمة {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} الإسراء:32، وليردع الزُّناة من الفاحشين والفاحشات بأقسى العقوبات وليجلجل صوته وهو يقول: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَ?لِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} النّور:2-3.