ثَالِثَة الأثَافِيّ
ثَالِثَة الأثَافِيّ
..
يَضْرِبُ العَرَبُ المَثَلَ بكُلِّ شَيءٍ ذي أهمية عَلَى أنَّهُ "ثَالِثَةِ الأثَافِيّ"، أي أنَّهُ العِمادُ الذِي يَسْتَنِدُ عَلَيْهِ أيُّ عَمَلٍ ذي أهَمِّيَةٍ ، ويَضْربُونَ بهِ المَثَلَ أيْضًا بالضَّرْبَةِ القاتِلَةِ ،
فالأولَى والثَّانِية ُإنْ لَمْ تُنْجِزُ هدفها وَتَقْضِي عَلَيْهِ فإنَّ الضَّرْبَةَ الثَّالِثةَ تَكُونُ هي القاتِلَة ُ ..
كَما يُطْلَقُ على كُلِّ داهِيَةٍ قاصِمَةٍ وَمُصِيْبَةٍ عَظِيَمَةٍ ..قالَ خَفافُ بنُ نُدْبَة َ:
وإنَّ قَصِيْدَة ًشَنْعاءَ مِنِّي
----------- إذا حَضَرَتْ كَثَالِثَةِ الأثَافِيِّ
جاءَ فِي"تاجِ العَروسِ" :
(قالَ أَبو سَعِيد الضَّرِيرُ : رَمَاهُ بثَالِثَةِ الأثَافِيّ ، مَعْناهُ أَنَّه رَمَاهُ بِالشَّرِّ كُلِّهِ أُثْفِيَّةً بَعْدَ أَثْفِيَّة حَتَّى إِذا رَمَاهُ بالثَّالِثَةِ لمْ يَتْرُكْ مِنها غَايَةً ..
وقالَ الأَصْمَعِيُّ : مَعْناهُ أَنَّه رَمَاهُ بالمُعْضِلاتِ ..
ويَقُولُونَ أيْضاً:"هو إحْدَى الأثافي"، يُضْرَبُ للذِي يُعِيْنُ عَلَيْكَ عَدوَّكَ.
فَما الأثَافِيّ ، ولِمَ كانَتْ ثلاثاً ؟
الأثَافِيّ ـ بالتَّشْدِيْدِ لِلياءِ ويَجُوزَ بالتَّخْفِيْفِ- جَمْعُ أُثفيِّة ، وهِي الحَجَرُ أوِ الدُّعامَة ُالتي تُوضَعُ تَحْتَ القِدْرِ لِيَسْتَوِي عَلَيْها .. وَقد ْعَرفَ الإنْسانُ القَدِيْمُ أنَّ أُثْفِيَتَيْن لا تَكْفِيانِ لاسْتِواءِ القِدْرِ، وأنَّ أرْبَعَة ًتَزيْدُ عَن ِالحاجَةِ ؛ فالأثَافِيّ الثَّلاثُ كافِيَةٌ تَماماً لِكَي يَعْتَدِلُ القِدْرُ فَوْقَ النَّارِ فَلا يَنْقَلِبُ ؛ يَضَعُوا تَحْتَ القِدْرِ حَجَرَيْن ، والثَالِثة ُ- إذا لَمْ يَجِدُوا حَجَراً ثالِثاً - هي قِطْعَة ٌمُتَّصِلَة ٌبالجَبَلِ ، وهي ما يُطْلَقُ عَلَيْها ثَالِثَةُ الأثَافِيّ
، وبهِ فُسِّرَ قولُهم في المَثَلِ : (رَمَاهُ الله بِثَالِثَةِ الأَثَافِي).. أَي بالجَبَلِ: أَي:
بدَاهِيَةٍ مثلِ الجَبَلِ ..
ولا شَكَّ أنَّ إدْراكَ الإنسانِ القَدِيْم ِفي مُخْتَلَفِ أصْقاع ِالأرْضِ كِفايَةً الأثَافِيّ الثلاثِ للقِدْرِ الواحِدَة ِبِما فِي ذلِكَ تَوْزيْعُ هذه الأثَافِيّ عَلَى رُؤوسِ مُثلَّثٍ مُتَساوِي الأضْلاع ٍ تَقْريْباً كانَ إدْراكاً رِياضِيَّاً وَهَنْدَسِيَّاً أوّلِيَّاً اكْتَسَبَهُ بالتَّجْرُبَةِ .