بلاغ استنكاري للرأي العام الوطني والدولي رقم 44/19 بخصوص نقل رفات موتى المقبرة المسيحية ديكري بآزمور، إلى المقبرة المسيحية بالجديدة.
عرفت آزمور منذ نشأت?ا طابعا حضاريأ متميزا من خصوصيته التعدد الثقافي و التعايش و التسامع بين الأديان،
هذا الأمر شكل وعيا تاريخيا و دينيا و علميا و جماليا، فكل هذه المفاهيم أحدثت تحولات حضارية هي نتاج لتحولات في الوعي ساهمت في بناء أسلوب حياة كان لها الأثر الكبير في نظرتنا لتاريخ مدينتنا آزمور و علاقاتنا بالآخر، لكن الفاجعة التي عاشتها مدينة آزمور أيام 3 و 4 و 5 و 6 من شهر ابريل الجاري 2019 تزامنا مع زيارة اب الفاتيكان إلى المغرب، تؤكد على خدمة مجانية لمواقف مسبقة و انحيازات ضيقة من خلال منظور سياسي هش و فضفاض لرئيس جماعة آزمور في التعامل مع الملفاة التاريخية للمدينة، و عن مفهوم ديني رجعي بعيدا كل البعد عن روح الدين الإسلامي والتي من سمته إكرام الميت، و كذا الجهل بأصول الحضارة الحقيقية في بعدها الإنساني الكوني الشمولي.
إن نبش قبور موتى النصارى و البالغ عددهم أزيد من 140 ميت، و نقل رفاتهم من المقبرة المسيحية ديكري بآزمور والتي يعود تاريخها إلى سنة 1930 أو أكثر من ذلك، إلى المقبرة المسيحية بالجديدة، بناءاٌ على رسالة تقدم بها رئيس جماعة آزمور، إلى القنصلية الفرنسية، نعتبره جزء من مسلسل متواصل الهدف منه إحداث قطيعة مع ثقافة التسامح و التعايش الديني الذي طبع مدينة آزمور عبر الحقب التاريخية، و طمس وتضليل للمعالم التاريخية للمدينة الشاهدة على التنوع الحضاري و الثقافي لها.
و هذا الفعل المشين يتخذ في تاريخنا الراهن منظورا خاصا و يدفعنا على طرح أحد الأسئلة الرئيسية يهم تواصل حضورنا التاريخي؟ وأيضا سؤال وجودنا نفسه، باعتبار أن وجودنا مرتبط باختلافنا مع الآخر؟
إن ما أقدم عليه رئيس جماعة آزمور بإتلافه حقبة من تاريخ آزمور، تتعلق بفترة الحماية الفرنسية ، هو إنكار واضح لهذه الحقبة، و السكوت على فضح هذا الأمر هو هروب و تنصل من المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق كل الآزمورهين وفعاليات المجتمع المدني والإعلامي المحلي الجادة.
و نحن الهيئة المغربية لحماية المواطنة و المال العام ندين هـذا التصرف انطلاقا من مقاصد الإسلام الذي يؤكد على التنوع الثقافي القائم على التواد و التآلف و سبل التعايش السلمي، و ما يترتب على هذا من مبادئ سمحة و محبة ومودة و إنسانية مع غير المسلمين، و أيضا نشجب هذا الفعل إنطلاقا من قناعتنا الحقوقية التي تؤكد على مسألة التنوع والساعية إلى تحقيق العدالة و حماية حقوق الأقليات الدينية و الثقافية و العرقية...إلخ. التعددية في إطار المواطنة الكاملة و المساواة العامة، و على قاعدة حقوق الإنسان محور التطور الحقيقي للمجتمعات و لأن حماية الموروث الثقافي و التاريخي هو جزء من مبادئنا كهيئة حقوقية.
لذلك ومن أجله تعلن الهيئة المغربية للرأي العام المحلي والوطني والدولي ما يلي:
1- تدين وبقوة الفعل الإجرامي الذي قام به المجلس الجماعي لآزمور، في شخص رئيسيا، في حق رفاة النصارى.
2- تشجب الفعل الشنيع الذي مورس في حق موتى النصارى المجهولين و عددنم 46 ميت، حيث دفنوا بشكل جماعي في المقبرة المسيحية بالجديدة بعدما كان رفاتهم مدفون بشكل فردي بمقبرة آزمور.
3- تعتبر هذه العملية برمتها انتهاكا لحقوق الإنسان و تصرفا لا يليق بأناس اختاروا الدفن بمقبرة آزمور.
4- تؤكد على أن ما قام به المجلس الجماعي لآزمور هو شكل من أشكال طمس المعالم التاريخية لمدينة آزمور.
5- نعتبر أن ترحيل رفاة موتى النصارى من مدينة آزمور هو فعل ناتج عن قصور في مفهوم التنمية لدى رئيس
المجلس الجماعي، لأنه بمنظور الأمم المتحدة الحق في التنوع الثقافي يمهد ويتساوى مع الحق في التنمية.
6- ترفع إدانتنا لكل القوى الحية و المنظمات و الهيئات الدولية و العالمية من قبيل الأمم المتحدة و منظمة اليونسكو والإيسسكو والحكومة الفرنسية، و نشعرهم بخطورة هذا الفعل الذي يجرد آزمور من اكبر دليل على الانفتاح
الثقافي و التعايش السلمي بين الشعوب.
7- تحمل رئيس جماعة آزمور عواقب هذا الفعل الشخصي الذي يمس في العمق الموروث التاريخي و الحضاري لمدينة آزمور، و البحث التاريخي العلمي للمدينة المبني أساسا على الوثيقة و الحجة و الدليل المادي.
8- لا تسمح بتوسع الوعاء العقاري لجماعة آزمور على حساب رفاة الأقلية المسيحية، و على حساب الحقيقة التاريخية و الخصوصية الحضارية لمدينة آزمور المبنية على حوار الأديان و التعايش فيما بينها.
9- تدعو جميع هيئات المجتمع المدني للتصدي لمثل هذه التصرفات التي تهدف إلى إحداث قطيعة مع تاريخ آزمور المبني على التنوع و التعددية و الإختلاف.
في النهاية، نخبركم أننا نحتفظ بحقنا في الموضوع، ودمت هيئتنا مستقلة وديمقراطية.
عن المكتب التنفيذي الرئيس الوطني
عبد الجبار فطيش