في الحنين إلى مغنى النبوة
هُوَ النَّبِيُّ الَّذي لَوْلاَ هِدَايَتُهُ لَكانَ
أَعْلَمُ مَنْ فِي الأَرْضِ كَالهَمَجِ
أنا الَّذى بتُّ من وجدي بروضتهِ
أَحِنُّ شَوْقاً كَطَيْرِ الْبَانَة ِ الْهَزِجِ
هاجَتْ بذِكْرَاهُ نَفْسِي، فاكتَسَتْ وَلَهاً
وأي ُّ صبٍّ بذكرِ الشَّوقِ لمْ يهجِ ؟
فَمَا احْتِيَالِي؟ ونَفْسِي غَيْرُ صابِرَة ٍ
على البعادِ ، وهمِّي غيرُ منفرجِ
لا أستطيعُ براحاً إن هممتُ ، ولا
أَقْوَى عَلَى دَفْعِ ما بالنَّفْسِ مِنْ حوَجِ
لَوْ كانَ لِلْمَرْءِ حُكْمٌ في تَنَقُّلِهِ
ما كان إلاَّ إلى مغناهُ منعرَجِي
فهل إلى صلة ِ الآمالِ من سببٍ ؟
أم هل إلى ضيقة ِ الأحزانِ من فرجِ ؟
يا ربِّ بالمصطفى هب لى - وإن عظُمَت
جَرائِمِي - رحْمَة ً تُغْنِي عَنِ الحُجَجِ
ولا تكلني إلى نفسى فإنَّ يدي
مغلولة ٌ ، وصباحي غيرُ منبلجِ
ما لي سِواكَ، وأَنْتَ الْمُسْتعانُ إِذَا
ضَاقَ الزِّحامُ غَدَاة َ المَوْقِفِ الْحَرِجِ
لم يَبْقَ لِي أَمَلٌ إِلاَّ إِلَيْكَ، فَلاَ
تَقْطَعْ رَجائي، فَقَدْ أَشْفَقْتُ مِنْ حَرَجِي
البارودي