ايها المبعوث فينا -
الحمد لله رب العالمين, الرحمن الرحيم، أرسل محمدا بالهدى والرحمة، وأشهد أن لا إله إلا الله القائل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، جاء بالرحمة للعالمين، - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الرحماء فيما بينهم.
أما بعد،السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته: *** يحتفل العالم الإسلامي اليوم وفي هذه الأيام بمولد خير الأنام سيدنا محمد النبي عليه الصلاة والسلام،.. رأت والدته آمنة بنت وهب في منامها أن نورا يخرج منها، وأنها تلد غلاما يخرج منه نور يملأ الدنيا، سبحان الله - كان مولد سيد الخلق محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم إيذانا بميلاد فجر جديد للبشرية يأخذ بأيديها إلى الحرية ويعمر أفئدتها بالنور*- اللهم صل وسلم وبارك على الحبيب المصطفى في ذكرى مولده العطرة التي توقظ في القلوب جذوات حبه.. وتنشر في النفوس عبير أخلاقه.. وتذكر العقول بحكمته وروعة سلوكه..السلام عليك يا رسول الله.. ورحمة الله وبركاته.. السلام عليك يا صاحب الشفاعة يوم الدين.. ويا خاتم الأنبياء والمرسلين.. ويا رحمة مهداة للعالمين..
السلام عليك يا رسول الله.. تركتنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها.. فزغنا عنها.. ونسألك الشفاعة إلا نهلك.. لم نفهم قولك فتمزقت الأمة شر ممزق.. وذهبت قوتها.. وضعف شأنها.. وهانت وهنّا معها على بقية الشعوب والأمم.السلام عليك أيها الصادق الأمين.. حدَّثت فصدقت وأتت علينا سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب الصادق ويؤتمن الخائن ويخون فيها الأمين..السلام عليك يا خير المرسلين..ايها المبعوث فينا ،-هو سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه- كان أعدل الناس، شجاعا جريئا، في الحق لايخشى إلا الله، كان أزهد الناس وأبعدهم عن متع الدنيا، كان ينام صلى الله عليه وسلم وليس في بيته طعام، جاء برسالة الإسلام وعليه نزل القرآن، كان مولده لنشر الخير والحق والعدل بين الناس جميعا، من منا لايفخر، بأنه من أمة خير الأنام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ويتمنى رؤيته وينتظر شفاعته.
* نعم-إن أشهر من وصف بـ “الأمانة” هو سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم-، الذي اصطفاه الله – عز وجل- لحمل أثقل أمانة، وهي رسالته إلى الناس كافة.. وهي كتاب “القرآن”.
- جميل أن يصف الأصدقاء والخلاّن بعضهم بعضا بالأمانة، أما الأجمل فهو أن يصف الأعداء عدوهم بالأمانة—كما كان سيدنا رسول الله محمد خير الانام- لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المبعوث رحمة للعالمين وليس لأمته فقط --هكذا أرسل الله تبارك وتعالى محمداً رحمة للعالمين فقال سبحانه:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، رحمة بالإنسان والحيوان والجمادات، يصفه ربه فيقول:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}،- فالرحمة صفة لازمة له، فهي عنوانه، وهي سمته التي يعرف بها، فقلوب الناس تهواه وتغشاه وتحبه
فلقد ألهمت شخصيته المتفردة وأخلاقه العظيمة مئات الشعراء والمبدعين ومن بينهم بالطبع غير المسلمين فمدحه الشاعر السوري جاك صبري شماس بقوله
إني مسيحي أجل محمدا وأجل ضادا مهده الإسلام
وأجل أصحاب الرسول وأهله حيث الصحابة صفوة و مقام
كحلت شعري بالعروبة والهوى ولأجل طه تفخر الأقلام
ودعت روحي في هيام محمد دانت له الأعراب والأعجام
* نعم-نعيش هذه الأيام في رحاب الاحتفالات بمولد سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) ، المبعوث الى الإنسانية وصاحب الرسالة الإلهية التي نزلت قبل اكثر من الف وأربعمائة عام، والتي كانت ومازالت، تحمل راية التوحيد والإيمان بالله وقدسية الإنسان وحرمة الدم التي حسمها كتاب الله في قوله تعالى «.. أنه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا..»، تلك الرسالة التي وضعت دستور الانسانية والعدالة في انه لا فرق بين عربي او أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى، وان «فمن شاء فليُؤْمِن ومن شاء فليكفر»، وانه «لا اكراه في الدين»، هذه الرسالة التي انتشرت بسماحة وسلوك المسلمين *هذا هو سيدنا محمد الذي ارسل فينا -نعم ارسل فينا – وللانسانية جمعاء ولكل من بين السماء والارض - أرسل فينا —واليوم يؤسفني جدا ان أقول نحن في محنة كبيرة.
المِحنة تتمثل في ان بلاد العالم الاسلامي وفي القلب منها المنطقة العربية تعيش مرحلة يمكن تسميتها بمرحلة (المبعوث إلينا)، واقصد هنا ما اصاب هذه البلدان من صراعات وتشرذم وضياع وانقسامات بين الشعوب واصبح لكل دولة منها مبعوث من الامم المتحدة المتصهينة-جاء يحاول الإصلاح بين الاشقاء والخصوم وهم أبناء وطن واحد، فهذا مبعوث ليبيا وآخر لسوريا وثالث لليمن وذاك للسودان وووو...الا من رحم ربي- الى آخر المبعوثين الذين فشلوا في كل مساعيهم،عنوة او عمدا او الامر مدروس او العصا الغليظة او الحكاية فيها ان واخواتها...
- والسؤال الذي يطرح نفسه، هل أهل المنطقة التي صدرت الاسلام الى بلاد تتحدث بلغات ولديهم عادات مختلفة قبل اكثر من الف وأربعمائة عام عاجزون عن التعايش مع بعضهم؟
يقول المثال: ليس عليك أن تكون قوياً دائماً، مُر بلحظات الضعف ولا تخجل منها، لأنها جُزء من إنسانيتك.
..والله لو بحث الناس في قلوب البشر جميعا منذو أن خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة ما وجدوا أرحم ولا أرق ولا أشفق من قلب محمد - صلى الله عليه وسلم- .
إن محمدا هو الرحمة المهداة والنعمة المسداة, رأى الناس النور والخير والرحمة بعد أن أرسل، وزاح عنهم ظلام القسوة والغلظة والجفاء، وأشرقت عليهم الدنيا بعد أن جاءتهم رحمته-صلى الله عليه وسلم-, فقد كانوا في ظلمة الظلمة, وقسوة القساة, وغلظة الطغاة الجبارين
.. أتذكر هذا كلما هبّت علينا نسائم ذكرى مولد سيدنامحمد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأريجها وعبقها بعد أن ارتكزت دعوته على تصويب الأخطاء برفق وتؤدة بعيدا عن الغلظة والتنكيل، وهي ترشد إلى الحق باللين واللطف، فتكون بمثابة نفثة نورانية دافئة تسرى في الروح كشحنة إيمانية تجمع ولا تفرق، تبشر ولا تنفر، تيسّر ولا تعسّر، تسدد وتقارب، تجذب ولا تطرد، تعين الناس على الشيطان ولا تعين الشيطان عليهم، تجمع بين الصدع بالحق وعفة اللسان والتمسك بالحق والإحسان، تهدى الناس إلى صواب الطريق إذا اختلطت عليهم السبل، تضرب الذكر صفحاً عن صغائر زلاتهم وأفعالهم، بناءة معمرة وليست هدامة مدمرة، فأين نحن الآن بعد أن تلبدت سماؤنا بدعاوى الغلو والغلواء ممن وصل بهم الشطط واستقر في عقولهم ووقر في قلوبهم أن رفعة الإسلام من جديد لا تتم إلا على أشلاء الأوطان ورائحة دماء الأبدان، ولم يأخذوا من الدين إلا ظاهره فقط، بينما أفعالهم بعيدةً عنه كل البعد، فانتشرت في ربوع حياتنا آفات وكأنها معاول هدم لكل ما هو قائم في المجتمعات من خصال حميدة وسمات فريدة.. وإذ نحتفي بذكرى نبينا العطرة، نسأل الله أن يوفقنا لعظائم الأمور ويزيّن لنا الأفعال والعزمات فنسير على بينة من أمرنا، وننعم بالسعادة في الدنيا والآخرة
ما تمر به المنطقة العربية الآن من تشرذم وتشتت هو الأعنف في السنوات الأخيرة.. جرب الغرب الخبيث كل أسلحته الحديثة في قتل ملايين البشر في عالمنا العربي التعيس تدفقت في السنوات الماضية كل أنواع الأسلحة من الدبابات والصواريخ والطائرات والغازات السامة في أكبر المعارك التي شهدها العالم في العصر الحديث .. إن الصراع بين الدول الغربية الآن على أطلال شعوبنا العربية كان مجالا لاختبار كل الأسلحة ما بين-القوى العظمى فكل شيء في تحول تحول إلى خرائب.او أطلال.. لقد دمر الغرب العالم العربي يوما باستعمار الأرض ونهب الثروات كما فعل الاستدمار الفرنسي في الجزائر ل أكثر من 132 عام ---1830/-1962 / وهو الآن يدمر العالم العربي بما وصل اليه من تكنولوجيا الموت والخراب –والسؤال المطروح وبكل صراحة
من ينقذ العرب و الإسلام من المسلمين؟
هل رأيتم دينا يئن تحت ضربات أتباعه؟ أو عرفتم عقيدة جليلة طاهرة نقية يعمل أهلها بل مدعوها ليل نهار على تشويهها وتلطيخها بكل سوء، وقلب تعاليمها السمحة؟ نعم... إنه دين الإسلام المبتلى بالجاهلين والمتعصبين والقتلة المخربين..ممن خربوا الأوطان ودمروا البنيان وقتلوا الإنسان وهم يتشدقون باسم الدين ويرفعون رايات التوحيد لتزين العمالة والكذب.. صدقوني - لا أرى خطرا أشد على الإسلام اليوم من أتباعه، بعدت بهم الشقة، وتنكروا للدين، وانقلبوا هما ثقيلا على تعاليم القرآن وأنوار السنة.. لقد تألمنا كثيرا، وحزنا كثيرا، ولا زالت نعوش المسالمين، وجنازات الأبرياء الغافلين المغدورين تجوب الأرض في بلاد العرب والإسلام، ناشرة سخط الحق تعالى على القاتلين الآثمين،
وهنا لابد من كلمة حق -المسئولية تقع برمتها على عاتق العرب أنفسهم بالدرجة الأولى حكامًاً وشعوبًاً قبل غيرهم من المتآمرين على الأمة العربية، وأصحاب المصلحة في تقسيمها والهيمنة على ثرواتها. ولا أمل ولا جدوى بغير الوحدةٍ العربيةٍ المهدرةٍ، ووحدة الأمٌة العربية ولن تتحقق تلك الوحدة المزعومة بغير ارتقاء الأمة العربية حكامًاً وشعوبًاً فوق كل ما يعوق تشييدها وبقائها ، والاستعداد التام لتقديم التنازلات وأغلى التضحيات لنيلها والإصرارِ على بقائِها، والتمسك بالقيم الأصيلة، والحفاظ على المُنجَزَات، وإنكار الذات. ولا أمل ولا خلاص ولا نجاة بغير الوحدةٍ العربيةٍ الشاملة ..والله على ما تفعلون رقيب.. وهو على ما أقول شهيد. وفي الاخير وليس آخرا يبدو أن الأمر يحتاج لتحليل علماء الاجتماع السياسي، فربما يجدون لنا علاجا من هذا الداء—أقصد للعرب
ندعو الله عز وجل أن تحل ذكرى ميلادك الشريفة في العام المقبل والعالم الاسلامي بالف خير ان شاء الله رب العالمين.. والصلاة والسلام عليك يا حبيبي يا رسول الله.وحفظ الله الجزائر وشعبها من كل سوء والشعوب العربية والاسلامية قاطبة من كل الشرور ...آمين يارب العالمين /اللهم صل على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحابته اجمعين وسلم تسليما الى يوم الدين. وكل عام والمسلمين بخير