الحسد: المرض الفاتك بالعلاقات
من الأمراض الفاتكة بصاحبها المفسدة لعلاقاته بالآخرين، مرض الحسد الذي يملأ قلبَ صاحبه عداوة وحقدا، وقد يدفعه حسدُه إلى الظلم والإيذاء والاعتداء والكيد.
والحسد لا يصدر من شخص غريب لا يخالطك، أو من بعيد لا تعرفه، وإنما غالبا ما يأتي الحسد من بعض قرابتك الأقربين، أو من جارك الذي يظهر احترامه لك، أو من زميلك في العمل أو المهنة الذي يبتسم في وجهك ويلقي عليك السلام، أو من صديقك الذي يجالسك،...فهو مرض نفسي خطير يفسد المودة بين الناس، ويجعل القلوب تمتلئ شرا وحقدا، وينتج عنه العداوة والبغضاء والكراهية والظلم. وانظر إلى إبليس كيف منعه حسدُه من السجود لآدم عليه السلام، وهو يعلم خطورة ما أقدم عليه، ورضي باللعنة على طاعة الله تعالى. وانظر إلى ما تعرض له يوسفُ عليه السلام من الكيد ومحاولة القتل، أصابه من إخوته رغم أنهم من بيت نبوة، الذين حسدوه على مجرد حبّ أبيهم له، قال تعالى: (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ، اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ) يوسف:8و9
وقد ذم الشرع الحسد ونهى عنه، قال تعالى: (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) الفلق:5، وقوله سبحانه: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) النساء:54، وفي السنة عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (دبّ إليكم داء الأمم قبلكم، الحسد والبغضاء والبغضاء هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ بِحسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِر أَخاهُ المُسْلِمَ، كُلّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُه) رواه مسلم.