هاهى الايام تمر سريعا لتأتى اعظم ايام الدنيا بمافيها من نفحات وبركات ورضا من الله كما قال رسولنا فى حديثه الشريف" ما من ايام العمل الصالح احب الى الله من هذه الايام " أى الايام العشرة من ذى الحجة " فقالوا ولا الجهاد يارسول الله فقال ولا الجهاد الا رجلا خرج بماله ونفسه فلم يعود منهما شئ " والمعنى واضح والنبى يقصده فليس هناك اعظم من الجهاد فهو ذروة سنام الدين لكن قدم الله بركة هذه الايام عنه تعظيما وتشريفا لها لذلك فهى ايام قليلة تنقى النفوس من الأهواء وحظوظها
والأيام العشر ليست بالأيام العادية التى نحيا فيه نأكل ونشرب ونتزاور ونتصدق ونصل ارحامنا والمقصد هنا ليست فى ذات الأجر بل أعظم واعظم
ولما كانت هذه النفحات تعلى من رصيد المرء ايمانياوسلوكيا وتربويا كان بلا شك
فرصة قوية لازالة الارجاس والوساوس من النفوس والعقول وعليه فأن هذه الايام فرصة ذهبية للتجرد الصادق فى الطاعة وللنقاء والصفاء فى الحياة بلا تجمل أو زيف
أن البشريات الربانية فى هذه الايام أكبر من أن تحصى وأعظم من أن تترك فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت وليس هناك من عظمة لاعمال الخير من هذه الايام فالصدقة خير والبر خير والتبسم خير والاستغفار خير والقراءن خير وصلة الارحام خير وكل هذه الأعمال هى من صلاح الدين والدنيا والعباد ومن ثم فأجره عظيم وياحسرتى على نفس اتبعت الهوى والشيطان وذلت اقدامها فى براثن المعاصى فنسيت فضل الطاعات واعلنت الخصومة مع الله فى هذه الايام الصالحة وهو الذى يريد لنا التوبة " والله يريد أن يتوب عليكم"
أن النقاء والتجرد ليسوا كلمات براقة لكنها قيم ومعانى صادقة تتجلى فى خلق المرء سواء فى حياته أو بعد موته فالبعض يخلد ذكره بعد رحيله عن الدنيا ويؤصفبانه كان متجردا لدعوته ولدينه بعد عودته وهذا عمر أضافيا للمرء فذكره بعد الموت عمر ثأن
والسؤال الأن كيف نربى أنفسنا على قيم التجرد والنقاء فى هذه الايام
والجواب فى عدة أمور
* أولا صدق النية
أن النية هى ميزان قبول العمل فكم من عمل حقير تعظمه نيته وكما من عمل عظيم تحقره نيته لذلك فصدق النية فى الطاعة وجعلها خالصة متجردة تثقلها وتزينها بالقبول والأخلاص مع الأخذ فى الأعتبار الألحاح بالدعاء لجعل النية صادقة لأن الله يحول بين العبد وقلبه ولا تدرى ربما يزين لك الشيطان أنك مخلص وأنت فى ذاتك تشعر بالرياء لذلك فالحل هو الدعاء لله بنية صادقة أن يقبل منك عملك .
* ثانيا العبادة بأخلاص
أن شرط قبول العبادات عموما والصلاة خصوصا هو التجرد من كل الأهواء ونحن نعلن ذلك ببدء الصلاة قائلين " الله اكبر" أى أكبر من كل شئ "
كذلك الزكاة والصيام يجب أن تكون خالصة لله متجردة من الثناء والمدح أو انتظار المرء وترقبه لمدح الناس له فتلك مهلكة عظيمة تبطل العمل وتذهب الأجر أدراج رياح الرياء والسمعة
وعليه فأن الأتقان والأخلاص يساعدان المسلم على جعل التجرد واقع فى حياته يلمسه فى طاعاته وعبادته وعلاقته بربه فى محرابه
* ثالثا حسن السريرة
أن العباد أمام العباد يتجملون فى الدنيا فلا تعرف النقى من المتجمل ولا الصادق من الكاذب خصوصا هذه الايام التى تحمل فتن كقطع الليل المظلم يمسى الرجل مؤمنا ويصبح كافرا ويمسى كافرا ويصيح مؤمنا بذلك فحسن سريرة المرء مع ربه فى خلواته من عوامل أكتساب صفات النقاء والتجرد الصادق لله ورسوله
وقديما قالوا من اصلح سريرته فاح عبير فهمه والامةاليوم أحوج ماتكون لتلك الفئة المخلصة مع ربه فى خلواتها حتى يفتح الله لها قلوب العباد .
* رابعا كثرة الصيام
أن الصيام عموما فى الايام العادية يجعل النفس ضعيفة متجردة من الشهوات نقية من الرجس والذنب كلماتها ذكر وصمتها تفكر وصلاتها خشوع وليس هناك أجمل من ذلك هذا فى الايام العادية فما بالنا بالايام العشرة التى اقسم الله بها فى قرانه
يقينا سيكون اشد تجردا ونقاء وبيعة له على السعى نحو مزيد من الطاعات والدعاء أن يكسبها القبول والأخلاص ويبعد عنه كل حظ للنفس أو وساوس للشيطان ليكون الأجر اعلى والجزاء أعظم فمن اصدق من الله قيلا " لا أحد"
* خامسا حفظ اللسان
أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وقيل من سلم الناس عموما
لذلك كان التاكيد من النبى صلى الله وعليه وسلم باهمية حفظ اللسان بل نفى الاسلام عن البعض فقال ليس المسلم بلعان ولا سباب ولا فاحش ولا بذئ
بل عندما قال له سيدنا معاذ أنحن مأخذون بما نقول يارسول الله غضب النبى
وشدد على معاذ وقال ثقلتك أمك يامعاذ وهل يكب الناس فى النار على وجوههم الأ حصائد السنتهم
أن المسلم المتجرد لله ورسوله وصادق فى بيعته لربه وعامل على نشر الخير بين العباد عليه أن يحفظ لسانه حتى يكون نقى كروحه التى بين جنبيه
وما نقاء اللسان من فحش القول الأ ترجمة لصاحب خلق رفيع وقيم تربوية صحيحة ومسار اصح إلى الله
* سادسا صدقة السر
أن من أعظم الاعمال هى الصدقة فهى تضيف للمرء فى حياته وحتى بعد مماته
فالحديث الشريف " اذا مات ابن ادم انقطع عمله الأ من ثلاث وذكر صدقة جارية فهى رصيد للمرء بعد رحيله عن الدنيا فلا يتوقف عمله طالما كانت الصدقة جارية
بل أن المرء يتمنى العودة للدنيا بعد موته ليتصدق كما قال الله فى كتابه الكريم
" وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين . ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون "
لذلك فالصدقة كنز عظيم حقيق أن يستغله المرء وهو حى فكما يقال كل الأعمال تذهب عن القبر الأ الصدقة فهى تذهب اليه والمعنى واضح
وصاحب الرسالة الساعى فى جعل نفسه متجردة نقيةعليه ان ينفق مما يحب
فالله عزوجل قال قال " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون "
ختاما أخى الحبيب هذه ايام مباركة فالرابح فيها من أكرمها وتعرض لها فهى نفحات عظيمة يجود بها ربنا على عباده فالمجد كل المجد لمن فطن حقيقة الدنيا فاكتسب كل دقيقة فيها فى الطاعات وحسن التجرد والنقاء لله فى العبادة بلا تجمل أو خداع أو زيف بل بتذلل وخشوع لله والخاسر من أتبع نفسه هواه وتمنى على الله الأمانى وعاش هذه العشر كغيرها من الايام "
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.