قبائل الشياظمة وزوايا رجراجة بين آسفي والصويرة
قبائل رجراجة بين إقليمي الصويرة وأسفي
إاهتمام خاص للبلاط بمواسم "رجراجة" تتوصل سنويا مع انطلاق مواسمها بهبة ملكية تتراوح ما بين 10 إلى 30 مليون سنتيم يطلق اسم "رجراجة" على العديد من القبائل التي كانت تعمر حوض تانسيفت جنوب نهر أمر الربيع، وتحديدا بمنطقة الشياظمة بإقليم الصويرة – ملحوظة للموقع : نظن أن جزءا مهما من قبائل الشياظمة تنتمي إلى إقليم أسفي – تصنف قبائل رجراجة ضمن القبائل المصمودية الأمازيغية التي تعربت في ما بعد، أثناء حملة عبدالمومن بن علي الموحدي وبعده حفيده يعقوب المنصور الموحدي التي استهدفت البحث عن سبيل التقريب بين العنصر العربي الوافد و العنصر الأمازيغي للحد من فرص الثورة و التمرد لدى الأخير. ويطلق اسم "رجراجة" على العديد من القبائل التي كانت تعمر حوض تانسيفت جنوب نهر أمر الربيع، وتحديدا بمنطقة الشياظمة بإقليم الصويرة – ملحوظة للموقع : نظن أن جزءا مهما من قبائل الشياظمة تنتمي إلى إقليم أسفي - وارتبطت شهرتها بإحدى الروايات التاريخية التي اختلف المؤرخون حول صحتها، ومفادها أن سبعة رجال من هذه القبيلة، "انتدبوا" لمقابلة النبي محمد (ص) وتلقوا تعاليم الإسلام على يديه ثم عادوا إلى بلادهم ناشرين الدين الجديد قبيل الفتح العربي لبلاد المغرب الأقصى، وهؤلاء الرجال هم أولياء رجراجة السبعة المنتشرة أضرحتهم على ربوع إقليم الصويرة – عدد منهم بإقليم أسفي -. و هذه الرواية بصرف النظر عن صحتها من عدمه، فإنها جعلت المنتسبين إلى هذه الطائفة يتشكل لديهم اعتقاد راسخ بأسبقيتهم لتلقي الدين الجديد، وكان هذا المعطى إحدى أهم الركائز التي استمدت منها زوايا رجراجة التي يصل عددها إلى 13 زاوية، مكانتها السياسية و الاجتماعية عبر التاريخ، وهو ما أرخى بظلاله على علاقة الرجراجيين بالدول المتعاقبة على حكم المغرب، وهي علاقة لم تستقر على حال واحد، فقد كانت متوترة إزاء المرابطين و الموحدين بسبب إصرار الرجراجيين على أخذ مسافة اضطرارية بينهم وبين دعوتهم ومذاهبهم، وعرفت تغييرا نسبيا نحو الأحسن خلال حكم المرينيين، والشيء نفسه كان مع السعديين. خلال هذه المرحلة سيبرز الدور الأساسي الذي قامت به قبائل الرجراجيين بزعامة أقطاب زواياها في صد عدوان الاحتلال البرتغالي على إقليم الصويرة سنة 1510م. رجراجة والملوك العلويين. خلال مرحلة حكم العلويين ستدخل علاقة "رجراجة" منعطفا جديدا، وإن بدا متوترا مع السلطان مولى إسماعيل الذي دخل في صراع مع العديد من الزوايا المنتشرة عبر ربوع المغرب خلال مرحلة تثبيت حكمه، وسعى بكل الوسائل إلى إخضاعها، و من بين الأساليب التي لجأ إليها لكسر شوكة زوايا رجراجة أولا التشكيك في مسألة صحية الرجراجيين، وقد وظف في هذه الحملة مجموعة من العلماء منهم الشيخ عبدالقادر الفاسي و الشيخ الحسن اليوسي، وثانيا عمد السلطان كذلك إلى تحويل مزارات أوليائها السبعة من منطقة الشياظمة إلى مدينة مراكش، ومن هنا جاءت فكرة " سبعة رجال" الذين اشتهرت بهم المدينة الحمراء. ولم تنكسر شوكة الرجراجيين بهذا الإجراء، بل أعاد السلطان مولى إسماعيل النظر في موقفه هذا بعد أن اتصل به أحد علماء رجراجة، ويتعلق الأمر بالشيخ الصوفي محمد بن احميدة الذي زار السلطان العلوي بمدينة مكناس، وأقنعه بصحبة أولياء الرجراجيين السبعة وسلامة هوية أحفادهم، يظهر هذا الاقتناع من خلال تعيين هذا الشيخ مقدما لزوايا رجراجة، وكذا الظهائر السلطانية التي بدأت تتواتر منذ ذلك العهد إلى زماننا هذا ، ومن خلال عناية ملوك الدولة العلوية بمواسم الرجراجيين المعروفة ب "الدور". المواسم الربيعية دين ودنيا ظلت مواسم الرجراجيين المشهورة ب" الدور" طيلة قرون عديدة تؤدي وظائف دينية بالأساس، لأن الأصل في تلك المواسم أن الرجراجيين أرادوا من خلالها تركيز العقيدة الدينية في أواسط القبائل الأمازيغية التي كانت تعمر حوض تانسيفت، فبعض المصادر التاريخية تحكي أن الأمازيغ ارتدوا اثنتي عشرة مرة، وبهذا يمكن تفسير طواف الرجراجيين أثناء مواسمهم على أماكن مختلفة داخل إقليم الصويرة وخارجه، حتى يجددوا صلة تلك القبائل بالإسلام. وقد تجاوز "الدور" الإطار الدعوي الضيق مع مرور الزمن ليمتزج بعادات وطقوس و ممارسات تعبر عن الهوية الثقافية للمنطقة، وتقام خلالها وعلى امتداد 44 يوما مهرجانات وتجمعات شعبية، ويطوف خلالها ممثلو الزوايا الرجراجية على أضرحة ساداتهم جامعين في ذلك بين الأغراض الدينية والدنيوية، كما لاحظ ذلك دانييل شروتر في كتابه "تجار الصويرة" بحكم أن الحركة التجارية تنتعش كذلك خلال أشغال هذه المواسم. الهبة الملكية لمواسم رجراجة حظيت هذه المواسم باهتمام خاص من طرف القصر الملكي ما زال مستمرا إلى يومنا هذا، ويتجلى ذلك من خلال الهبة السنوية التي يتوصل بها ممثلو زوايا رجراجة مع انطلاق مواسمهم الربيعية، وقد أكد لنا بعض المشرفين على "الدور" أن زوايا رجراجة تتوصل سنويا مع انطلاق مواسمها بهبة ملكية تتراوح قيمتها بين 10 إلى 30 مليون سنتيم، ويتكلف الحاجب الملكي بتسليم هذه الهبة لمقدم الزاوية الذي عادة ما يكون أحد حفدة الشيخ محمد بن حميدة الذي يعتبر أول مقدم بحكم أن هذا المنصب هو عرف استحدث خلال العهد الإسماعيلي وظل ينتقل بالوراثة بين أحفاد هذا الشيخ. وتتم عملية تسليم الهبة وسط احتفال رسمي بالمسجد العتيق بمدينة الصويرة بحضور السلطات المحلية والإقليمية و أعيان المنطقة، ويتولى المقدم توزيع الهبة وكذا" الزيارات" على المنتسبين للزوايا ال 13، كما يتولى التنسيق بين تلك الزوايا. ويحكي عبدالله السعيدي الرجراجي في كتابه "السيف المسلول" عن الكيفية التي يتم بها الإعلان عن انطلاق "الدور" فيقول: "اعلم إذا كان دخول مارس الفلاحي بالسبت أو الأحد يكون في الخميس الأول منه، وإن كان بالإثنين أو الثلاثاء فلا، لأن رجراجة يتحرون أيام الحسوم فلا يبدؤون بها مواسمهم السنوية، وصفة ذلك أن ينادي مناد من طرف المقدم يوم سوق ثلاثاء على الكراتي بأن الدور عامر يوم الخميس ويسمى يوم الصفية الذي لابد من حضور المقدم أو نائبه بأول ضريح علي بن بوعلي، ومساء الخميس نفسه تأتي الطائفة فيبيت أفرادها ويبيت الكل في المسجد ذاكرين مصلين على النبي..." وعادة ما ينطلق "الدور" يوم الجمعة إذ يتفنن الناس في الاحتفال، وبضريح ابي علي تلتقي الطائفة بامقدمين و يشرعون في التصلية وترتيل بعض الأزجال الموروثة عن أسلافهم ثم يسيرون يجمعهم إلى "الهرجانة" حيث تبتدئ "الزيارة" وجمع "الفتوحات" التي تتوزع في اليوم الأخير، ومن بين العادات التي ترتبط بعملية توزيع الهبة و الفتوحات أنها لا تسلم إلا للحاضرين من مستحقيها أما الغائبون فلا حق لهم في المطالبة، ولا يقتصر توزيع الهبة على مكان واحد إذ يشمل العديد من الأضرحة و الزوايا بالإقليم. الصورة لخيمة رجراجة بحد أدرى
محمد لبويهي