زمن امي
ناعمة من رخام
يبكران..
يتأبّطان معوليهما ويعانقان الأفق..جدار الجبل صلد يضنيهما نحت صرح عليه..
يصّعّدان ما رسما بالأمس من درج..
تنكبّ على الصّخر تُلقمه حلم الوجود ، تخطّ عليه حرفها..يشتدّ ساعدها..تمسي جلمودا من ذاك الجبل قد قُدّت..تتقلّص على وجنتيها أكمام الورد..ودقا يُمطر فيها الجبين..من حبيباته تنظم قلادة لعمر تتمخّض به خطاها..
يئنّ الصّخر تحت نقرات معولها حتّى تستأذنهما الشّمس رحيلا..
يؤوبان..
تُفلت من قبضتها المعول وهي تمتطي صهوة أمومتها..
أركان البيت تناديها ، وغير بعيد عن قدميها تتقفّى عيناها خطى رضيع تمرّدت أثناء غيابها على وهن الحبو..تشرق بوجع ..في تجاويف الغياب يينع غصن..بلهفة تتهاوى إليه تحضنه ، تمطره بقبلات الشّوق وتمتمات اعتذار قد يفقهها..
تنفتح قرب..كنحلة بلا ذاكرة للوردة الحبلى تحثّ خطاها بين الزّوايا..تعبق الحياة..تخورعُمُد الجسد..
يستكين الصّغير إلى حضنها يرتضع حكايات لم تكتمل..ينام..تستلّه منها إلى رحم فراشه وتمضي إلى مرآتها..
تتأمّلها..تمسح عن وجهها صورة حفّار التحفت بها نهارا..
على صفحتها يرتسم وجه ناعم تألق عيناه المكتحلتان بالحلم وفوح أنثاها..
تتباعدان..تتدانيان وهي ترفل في فستانها الحريريّ كبعض من ريش حمام..
تتمدّد في الفراش ..عظامها تئنّ والخافق طرب ولهان..
تندسّ في فيء خلّها..تثمل بترانيم الوله..تهمس له بأهازيج أجنّة أحلام..
يضوع البيت بعطر مسك و أريج الرّيحان..
تشرخ الشّمس جدران الصّمت..تنسحب من عشّها الفردوسيّ كسلك نور آن مغيب..
ترتدي زيّ الحفّارين..
يتأبّطان معوليهما..
يشبّ الوليد..
يتهدّج صوته مترنّما :" عيد..أنّى أكرمتها يا عيد..؟"