تبابعة اليمن السبعين: عظماء الامة العربية في عصور سبأ وحمير
يعد كتاب «تبابعة اليمن السبعين» عظماء الأمة العربية في عصور سبأ وحمير لمؤلفه محمد حسين الفرح واحد من أهم المراجع التاريخية العربية الذي شمل تاريخ موطن أصل العرب ومنبعهم التليد «اليمن» منذ عهود ماقبل الاسلام..حيث يعتبر التاريخ القديم والمعاصر تبابعة اليمن السبعين هم ملوك عظماء عاشوا في عصورمتعاقبة واحقاب متطولة هذا المؤلف الذي يستحق ان يكون بمثابة موسوعة تاريخية تضمن معلومات قيمة احتوتها 218من الحجم المتوسط حاول من خلاله المؤرخ اليمني «الفرح» بجمع حشد كبير من المعلومات من خلال التتبع الدقيق لتاريخ ملوك اليمن كما ورد ذلك في مقدمة الكتاب للباحث العربي الشيخ الدكتور خالد بن محمد القاسمي ولأهمية هذا الكتاب نستعرض منه ماتيسر علنا نذكر اخواننا في المهجر عظمة الحضارة والتاريخ الذي صنعه اجدادهم الاولين.. نذكر احفاد سبأ وحمير بجزء من تاريخ وطنهم اليمني بزعامة فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية موحد اليمن وصانع مجدها العظيم يقو ل المؤرخون ان تسمية الملوك التبابعة هي نسبة الى الملك الرائش «تبع» اول ملوك التبابعة باتفاق المؤرخين.. وكان يسمى «تبعاً»وقد انتقد نشوان الحميري كل من يقول بان الرائش من بني «الصوار» في قصيدة منها:
ياايها السائل عن تبع
وتبع كالشمس بل اشهر
قيس ابن صيفي :ابو تبع
وجده، حمير الاصغر
تبابع الاملاك من حمير
عدتهم سبعون لاتقصر
من ولد الرائش جمهورهم
من حمير الاصغر، ماحمير
ويؤكد ابن خلدون ان تبابعة اليمن السبعين لم يكونوا في عصر واحد انما كانوا ملوكاً عدة في عصورمتعاقبة وأحقاب متطاولة لم يضبطهم الحصر، ولاتقيدت منهم الشوارد، واختلفت احوالهم واتفقت اسماء كثيرة من ملوكهم ووقع اللبس في نقل ايامهم ودولهم.ويقول مؤلف الكتاب لقد توصلنا من خلال استقصاء المصادر التاريخية التراثية وقرائن الآثار والنقوش المعثور عليها داخل اليمن وخارجها والمصادر البابلية والاّشورية والمصرية القديمة عن العلاقات مع اليمن وملوكها الى الترتيب الاتي تبابعة لعصور سبأ وحمير.
اولا: تبابعة العصر الاقدم والاول، وهو عصر لم تكن فيه كتابة ونقوش المسند قد تم ابتكارها فلا توجد نقوش بالمسند في ذلك العصر، ولكن توجد آثار كثيرة منها آثار يمنية مكتوبة بالكتابة الهيروغليفية التي كانت سائدة في اليمن كما في مصر قبل كتابة المسند، ومنها نقوش فرعونية في مصر عن العلاقات مع اليمن وأسماء ملوكها المذكورين بلفظ «ملوك. ذي سبأ- أيس» في «بردية مانلتو»، وكذلك نقوش وألواح بابلية وآشورية عن العلاقات مع اليمن وملوكها « ملوك سبأ- ارتو» وهو في ذلك االعصر الاقدم والاول لتبابعة سبأ ملوكاً حكموا من عام 0011ق.م الى عام 0741ق.م وترتيبهم ومدة حكم كلاً منهم كما يلي:
- الحارث الرائش «اريثم» 83سنة
- شمرذوالجناح «شمرس ايس» 41سنة
- الصعب ذو القرنين 86سنة
- الملك صيفي «سيثي» 01سنوات
- حمير الاصغر «امنفيس الاول 91سنة
- قبس بن صيفي «رب كيس» 05سنة
- باران ذورياش 04سنة
- ذومنار بن ذي رياش 83سنة
- ذوالاذعار بن ذي منار 62سنة
- افريتيس بن ذمارمنار 41سنة
33 ملكاً حكموا «265 سنة »
ثانيا: عصور لقب «ملك سبأ? وذوريدان» ويبلغ عددهم 33 ملكاً بلغت فترة حكمهم 562سنة وكان آخرهم «ياس يهنعم ملك سبأ وذوريدان»
ثالثاً: ملوك العصر الثالث لتبابعة سبأ وهو ثاني عصور لقب «ملك سبأ وذوريدان » 013-583» للتقويم السبئي وبلغ عدد ملوك هذا العصر 91ملكاً الذي فيه استعادت البلاد وحدتها بزعامة ياسر ينعم آخر ملوك ذلك العصر.وهكذا تواصلت عصور التبابعة التسعين، حيث جاء بعد ذلك تبابعة العصر الرابع «ملك سبأ وذوريدان» وحضرموت ويمانت واعرابهم طوداً او تهامت» للفترة من 007 - 045ق.م ثم عصر ملوك سبأ الثلاثة في نقوش صرواح.. وكانت فترة حكمهم مدة ثمانين عاماً، وفيهم قال ابوزرعة السعدي الخولاني وهو من سلالتهم.
- اقمنا على صرواح سبعين حجة
وسبعة اعوام ونحن ملوكها
فأصبح ذاك الملك بدد شمله
كذاك الليالي ليس يبلى ملوكها
ثم تفككت دولة ملوك سبأ الوحدوية تلك وعاد واقع عصر الدويلات «مكارب سبأ - مملكة معين- مملكة قتبان- أوسان- حضرموت» ولكن انتهى عصر الدويلات بقيام تبابعة حمير عام 57م حيث قامت دولة تبابعة حمير بزعامة ملشان اريم ذويزن عام 572م وكان سيف بن ذي يزن آخر تبابعة اليمن العظماء السبعين الذين قال نشوان بن سعيد الحميري فيهم:
- ملكوا المشارق والمغارب واحتووا
مابين انقرة ونجد الجاح
آثارهم في الارض تخبرنا بهم
والكتب من سير تقص صحاح
انسابهم فيها تنير وذكرهم
في الطيب مثل العنبر النفاح
ولعل الشواهد الآثارية للعصر الأقدم والعصر الاول لدولة التبابعة كثيرة ومنها ماهو موجود داخل اليمن ومنها ماهو خارجه، ونشير هنا الى بعضها.
منشآت سد مارب تعود الى عام 0002م قبل الميلاد
اللقى الأثرية في موقع وادي الخانق بمحافظة مارب التي عثرت عليها البعثة الأثرية الامريكية برئاسة د. جيمس ساور عام 3891م
الموميات اليمنية والسبئية التي تم العثور عليها في «ناووس جبل الغراس» فالمومياء الاقدم يعود تاريخها 0203ق. م
القطع الهيروغليفية اليمنية
اثار ونقوش مصر الفرعونية عن العلاقات مع اليمن في عهد الحارث الرائش او التبابعة والنقوش تمثل العلاقة الواسعة بين ملوك مصر الفرعونية مع اليمن ودولتها وملوكها.
ومن الشواهد الهامة عن دولة وحضارة اليمن في ذلك العصر النقوش والنصوص المعثور عليها في آشور وبابل بأسماء ملوك سبأ- ارتو -وتبداء باسم (ارايشم ) وهو الحارث الرائش الاول، وتتصل بذلك وقائع هجرة الآراميين من جنوب الجزيرة العربية عام 0541 ق0م كما جاء في كتاب « الامم السامية » « اغاروا على بلاد بابل وآشور جميعها ثم تدفقوا من آشور الى سورية ويقول الكتاب من المرجع ان ذلك يعود الى قيام دولة كبرى جنوب الجزيرة العربية » ويتبين من خلال كل الشواهد والمعطيات التاريخية والنقوش الأثرية بأن دولة التبابعة بزعامة الحارث الرائش بأن عهده كان بداية عصر مجيد امتد الى ارجاء واسعة من المعمورة والذي امتد من 0741 ق0م -2341 ق0م وقد نقل الهمداني صاحب الاكليل عن مصادره الأقدم زمن الحارث الرائش بما يوافق القرن الخامس عشر ق 0م حيث قال ان مدة ملوك اليمن من الحارث الرائش الى سيف بن ذي يزن 8102 سنة.
وفي عهد الرائش توحد اليمن وبذلك قيل له « تبع » كما ورد في مروج الذهب « لايسمى الملك تعباً الاّ اذا تبعته كل مناطق اليمن وظهرت في عهده عقيدة دينية توحيدية وفي عهد ابنه شمر ذي الجناح وحفيده الصعب ذو القرنين.
وقد نقل ابن خلودن عن المؤرخ السهيلي ان الحارث الرائش كان مؤمناً - وكذلك جاء في شرح قصيدة نشوان وفي أخبار الملوك الماضية لعبيد بن شرية الجرهمي ان الحارث الرائش كان مؤمناً وأنه أخبر الناس بأمور كثيرة منها مجيء نبي اسمه احمد يكون خاتم الانبياء وجاء في الإكليل « قال بعض العلماء تبع الأكبر نبياً وان ذا القرنين كان نبياً غير مرسل وقال آخرون « كانوا عباداً مؤمنين صالحين » كما ورد في الاكليل للهمداني في ص 112 -612».
فتوحات عهد الحارث
ولقد كان الوضع السياسي في المنطقة آنذاك يتمثل بقيام مملكة الحيثيين « الاتراك» في عام 0061 ق0 م بغزو سورية انطلاقاً من ارمينية والاناضول وقضوا على مملكة حاب الامورية ( العربية السامية ) وغيرها من الممالك الآمورية السامية العربية ومد الحيثيون سيادتهم ونفوذهم الى اشور كما ساندوا قيام دولة من جهة بلاد فارس بغزو بلاد بابل عام 4951م ق 0م والقضاء على مملكة بابل الآمورية (السامية العربية ) التي كانت تحكم بلاد الرافدين منذ القرن ال12 ق0 م وكان حمورابي أشهر ملوكها وبذلك الغزو التركي الفارسي انتهت حضارة وممالك الاّموريين الساميين في بلاد الرافدين وسورية وثغورهما واصبحت تلك البلدان خاضعة للاحتلال الفارسي في بلاد بابل وما اليها واحتلال ونفوذ الحيثيين الترك وامبراطوريتهم القوية التي امتدت من آرمينية «القوقاز» الى سوريا واّشور، الأمر الذي أدى الى انقطاع علاقات ومصالح اليمن التجارية مع تلك البلدان الى ان اشرق عهد الحارث الرائش في اليمن والجزيرة العربية حيث قام بالتخطيط والتجهيز لفتح اقليم بابل وآشور وسورية والقضاء على مملكة الحيثيين ودولة الفرس وتوطين قبائل يمانية سامية في تلك البلدان ومايليها وتكوين عالم تجاري كبير، وقام بابلاغ « تحتمس» ملك مصر بتلك الخطة والاستعدادات لتنفيذها وكان موقف « تحتمس » مويداً للخصلة.
قال نشوان الحميري في قصيدته عن الملوك التبابعة والحارث الملك المسمى رائشاً
إذا راش من قحطان كل جناح
وحباهم بغنائم الفرس التي
فاضت على الجندي والفلاح
وقالت كتب التاريخ ان الرائش سار في جيوش كبيرة كثيفة من اليمن الى بابل ومنها ارسل جيشاً بمعية شمر ذي الجناح الى بلاد « الرى » فحارب الفرس وهزم ملكهم بلاد بابل والموصل (اشور ) وتلك الجهات ، وأوطن قوة وقبائل من قومه.
وقد اورد كتاب « الأمم السامية » تفصيلاً هاماً لطبيعة وكيفية هجرة هؤلاء القوم إذ قال انهم أغاروا على بلاد بابل ثم بلاد آشور جميعها وكانوا في اعداد ضخمة وقوية، ثم تدفقوا من اّشور الى سوريا، وظلوا في طريقهم يغزون ويفتحون حتى بلغوا جبال ارمينية» ويقول الكتاب ان ذلك يرجع الى قيام دولة كبرى جنوب الجزيرة العربية كما ناقش الكتاب أصل تسميتهم «آراميين» انه قد يكون نسبة الى «مدينة إرم ذات العماد» المذكورة في القرآن الكريم وكتب التاريخ العربية.
ان هذه الفتوحات لم تكن مجرد هجرة وإنما كان اجتياحاً وفتحاً تم فيه القضاء على المملكة الفارسية في بلاد بابل الى فارس، كما تم تحرير اّشور من احتلال ونفوذ الحيثيين «الترك» وكان ذلك مابين (0441-0541ق.م) يقول نشوان الحميري:
والترك كانت قد اذلت فارساً
لم يستروا من شرهم بوجاح
فشكوا اليه فزادهم بمناقب
فيها صراح ينثمي لصراح
تركوا سبايا الترك فيما بينهم
للبيع تعرض في يد الصياح
ويتبين من ذلك ومن خلال معطيات الدراسات والشواهد والنقوش لذلك الزمن..ان آشور كانت مركز الحشد والانطلاق الى سوريا وبلاد الحيثيين تدفقوا من اشور الى سوريا وظلوا في طريقهم يغزون ويفتحون حتى بلغوا جبال اّرمينية وان ماذكرته الدراسات عن انسحاب الحيثيين المفاجئ من بلاد النهرين، وبالتالي من سوريا عام 5341ق.م لم يكن انسحاباً طوعياً او مفاجئاً بل نتيجة ذلك الفتح. الذي شمل آشور وسوريا وامتد الى بلاد الحيثيين في آرمينية وأذربيجان«القوقاز» وبلاد الاناضول.
وتقول نصوص الحيثيين في وثيقة بحوث الدراسات زمنها بعام 0241 ق.م مايلي:
في الايام الخوالي كانت البلاد الحيثية تغزوالبلاد التي خارج حدودها ثم جاء العديد من سكان «سبأ» وغزا البلاد الحيثية وإتخذ حدوداً له» وتقول ألواح «آشور» ثلاثة ملوك عظماء حكموا بلاد الرافدين وسوريا وأرجَاء واسعة في ذلك العصر اولهم الملك الرائش «اريثم» ثم ابنه الذي يظهر في منحوتات آشور مرتدياً ثوباً «ذاالجناح» وتنقل الدراسات اسمه بمعنى «الملك الصادق» ثم بعدهما ملكاً يصنعه د.طه باقر بلقب ولفظ «ذوالقرنين» وقد اعتبرهم الدارسون ملوك آشور، والأصوب ان ملوكيتهم العليا شملت آشور ولكنهم في الأصل ملوك سبأ التبابعة الأوائل ابتداءً بالحارث الرائش أول التبابعة وقد انتهى عهده بوفاته في اليمن سنة 1432 قبل الميلاد.
ياايها السائل عن تبع
وتبع كالشمس بل اشهر
قيس ابن صيفي :ابو تبع
وجده، حمير الاصغر
تبابع الاملاك من حمير
عدتهم سبعون لاتقصر
من ولد الرائش جمهورهم
من حمير الاصغر، ماحمير
ويؤكد ابن خلدون ان تبابعة اليمن السبعين لم يكونوا في عصر واحد انما كانوا ملوكاً عدة في عصورمتعاقبة وأحقاب متطاولة لم يضبطهم الحصر، ولاتقيدت منهم الشوارد، واختلفت احوالهم واتفقت اسماء كثيرة من ملوكهم ووقع اللبس في نقل ايامهم ودولهم.ويقول مؤلف الكتاب لقد توصلنا من خلال استقصاء المصادر التاريخية التراثية وقرائن الآثار والنقوش المعثور عليها داخل اليمن وخارجها والمصادر البابلية والاّشورية والمصرية القديمة عن العلاقات مع اليمن وملوكها الى الترتيب الاتي تبابعة لعصور سبأ وحمير.
اولا: تبابعة العصر الاقدم والاول، وهو عصر لم تكن فيه كتابة ونقوش المسند قد تم ابتكارها فلا توجد نقوش بالمسند في ذلك العصر، ولكن توجد آثار كثيرة منها آثار يمنية مكتوبة بالكتابة الهيروغليفية التي كانت سائدة في اليمن كما في مصر قبل كتابة المسند، ومنها نقوش فرعونية في مصر عن العلاقات مع اليمن وأسماء ملوكها المذكورين بلفظ «ملوك. ذي سبأ- أيس» في «بردية مانلتو»، وكذلك نقوش وألواح بابلية وآشورية عن العلاقات مع اليمن وملوكها « ملوك سبأ- ارتو» وهو في ذلك االعصر الاقدم والاول لتبابعة سبأ ملوكاً حكموا من عام 0011ق.م الى عام 0741ق.م وترتيبهم ومدة حكم كلاً منهم كما يلي:
- الحارث الرائش «اريثم» 83سنة
- شمرذوالجناح «شمرس ايس» 41سنة
- الصعب ذو القرنين 86سنة
- الملك صيفي «سيثي» 01سنوات
- حمير الاصغر «امنفيس الاول 91سنة
- قبس بن صيفي «رب كيس» 05سنة
- باران ذورياش 04سنة
- ذومنار بن ذي رياش 83سنة
- ذوالاذعار بن ذي منار 62سنة
- افريتيس بن ذمارمنار 41سنة
33 ملكاً حكموا «265 سنة »
ثانيا: عصور لقب «ملك سبأ? وذوريدان» ويبلغ عددهم 33 ملكاً بلغت فترة حكمهم 562سنة وكان آخرهم «ياس يهنعم ملك سبأ وذوريدان»
ثالثاً: ملوك العصر الثالث لتبابعة سبأ وهو ثاني عصور لقب «ملك سبأ وذوريدان » 013-583» للتقويم السبئي وبلغ عدد ملوك هذا العصر 91ملكاً الذي فيه استعادت البلاد وحدتها بزعامة ياسر ينعم آخر ملوك ذلك العصر.وهكذا تواصلت عصور التبابعة التسعين، حيث جاء بعد ذلك تبابعة العصر الرابع «ملك سبأ وذوريدان» وحضرموت ويمانت واعرابهم طوداً او تهامت» للفترة من 007 - 045ق.م ثم عصر ملوك سبأ الثلاثة في نقوش صرواح.. وكانت فترة حكمهم مدة ثمانين عاماً، وفيهم قال ابوزرعة السعدي الخولاني وهو من سلالتهم.
- اقمنا على صرواح سبعين حجة
وسبعة اعوام ونحن ملوكها
فأصبح ذاك الملك بدد شمله
كذاك الليالي ليس يبلى ملوكها
ثم تفككت دولة ملوك سبأ الوحدوية تلك وعاد واقع عصر الدويلات «مكارب سبأ - مملكة معين- مملكة قتبان- أوسان- حضرموت» ولكن انتهى عصر الدويلات بقيام تبابعة حمير عام 57م حيث قامت دولة تبابعة حمير بزعامة ملشان اريم ذويزن عام 572م وكان سيف بن ذي يزن آخر تبابعة اليمن العظماء السبعين الذين قال نشوان بن سعيد الحميري فيهم:
- ملكوا المشارق والمغارب واحتووا
مابين انقرة ونجد الجاح
آثارهم في الارض تخبرنا بهم
والكتب من سير تقص صحاح
انسابهم فيها تنير وذكرهم
في الطيب مثل العنبر النفاح
ولعل الشواهد الآثارية للعصر الأقدم والعصر الاول لدولة التبابعة كثيرة ومنها ماهو موجود داخل اليمن ومنها ماهو خارجه، ونشير هنا الى بعضها.
منشآت سد مارب تعود الى عام 0002م قبل الميلاد
اللقى الأثرية في موقع وادي الخانق بمحافظة مارب التي عثرت عليها البعثة الأثرية الامريكية برئاسة د. جيمس ساور عام 3891م
الموميات اليمنية والسبئية التي تم العثور عليها في «ناووس جبل الغراس» فالمومياء الاقدم يعود تاريخها 0203ق. م
القطع الهيروغليفية اليمنية
اثار ونقوش مصر الفرعونية عن العلاقات مع اليمن في عهد الحارث الرائش او التبابعة والنقوش تمثل العلاقة الواسعة بين ملوك مصر الفرعونية مع اليمن ودولتها وملوكها.
ومن الشواهد الهامة عن دولة وحضارة اليمن في ذلك العصر النقوش والنصوص المعثور عليها في آشور وبابل بأسماء ملوك سبأ- ارتو -وتبداء باسم (ارايشم ) وهو الحارث الرائش الاول، وتتصل بذلك وقائع هجرة الآراميين من جنوب الجزيرة العربية عام 0541 ق0م كما جاء في كتاب « الامم السامية » « اغاروا على بلاد بابل وآشور جميعها ثم تدفقوا من آشور الى سورية ويقول الكتاب من المرجع ان ذلك يعود الى قيام دولة كبرى جنوب الجزيرة العربية » ويتبين من خلال كل الشواهد والمعطيات التاريخية والنقوش الأثرية بأن دولة التبابعة بزعامة الحارث الرائش بأن عهده كان بداية عصر مجيد امتد الى ارجاء واسعة من المعمورة والذي امتد من 0741 ق0م -2341 ق0م وقد نقل الهمداني صاحب الاكليل عن مصادره الأقدم زمن الحارث الرائش بما يوافق القرن الخامس عشر ق 0م حيث قال ان مدة ملوك اليمن من الحارث الرائش الى سيف بن ذي يزن 8102 سنة.
وفي عهد الرائش توحد اليمن وبذلك قيل له « تبع » كما ورد في مروج الذهب « لايسمى الملك تعباً الاّ اذا تبعته كل مناطق اليمن وظهرت في عهده عقيدة دينية توحيدية وفي عهد ابنه شمر ذي الجناح وحفيده الصعب ذو القرنين.
وقد نقل ابن خلودن عن المؤرخ السهيلي ان الحارث الرائش كان مؤمناً - وكذلك جاء في شرح قصيدة نشوان وفي أخبار الملوك الماضية لعبيد بن شرية الجرهمي ان الحارث الرائش كان مؤمناً وأنه أخبر الناس بأمور كثيرة منها مجيء نبي اسمه احمد يكون خاتم الانبياء وجاء في الإكليل « قال بعض العلماء تبع الأكبر نبياً وان ذا القرنين كان نبياً غير مرسل وقال آخرون « كانوا عباداً مؤمنين صالحين » كما ورد في الاكليل للهمداني في ص 112 -612».
فتوحات عهد الحارث
ولقد كان الوضع السياسي في المنطقة آنذاك يتمثل بقيام مملكة الحيثيين « الاتراك» في عام 0061 ق0 م بغزو سورية انطلاقاً من ارمينية والاناضول وقضوا على مملكة حاب الامورية ( العربية السامية ) وغيرها من الممالك الآمورية السامية العربية ومد الحيثيون سيادتهم ونفوذهم الى اشور كما ساندوا قيام دولة من جهة بلاد فارس بغزو بلاد بابل عام 4951م ق 0م والقضاء على مملكة بابل الآمورية (السامية العربية ) التي كانت تحكم بلاد الرافدين منذ القرن ال12 ق0 م وكان حمورابي أشهر ملوكها وبذلك الغزو التركي الفارسي انتهت حضارة وممالك الاّموريين الساميين في بلاد الرافدين وسورية وثغورهما واصبحت تلك البلدان خاضعة للاحتلال الفارسي في بلاد بابل وما اليها واحتلال ونفوذ الحيثيين الترك وامبراطوريتهم القوية التي امتدت من آرمينية «القوقاز» الى سوريا واّشور، الأمر الذي أدى الى انقطاع علاقات ومصالح اليمن التجارية مع تلك البلدان الى ان اشرق عهد الحارث الرائش في اليمن والجزيرة العربية حيث قام بالتخطيط والتجهيز لفتح اقليم بابل وآشور وسورية والقضاء على مملكة الحيثيين ودولة الفرس وتوطين قبائل يمانية سامية في تلك البلدان ومايليها وتكوين عالم تجاري كبير، وقام بابلاغ « تحتمس» ملك مصر بتلك الخطة والاستعدادات لتنفيذها وكان موقف « تحتمس » مويداً للخصلة.
قال نشوان الحميري في قصيدته عن الملوك التبابعة والحارث الملك المسمى رائشاً
إذا راش من قحطان كل جناح
وحباهم بغنائم الفرس التي
فاضت على الجندي والفلاح
وقالت كتب التاريخ ان الرائش سار في جيوش كبيرة كثيفة من اليمن الى بابل ومنها ارسل جيشاً بمعية شمر ذي الجناح الى بلاد « الرى » فحارب الفرس وهزم ملكهم بلاد بابل والموصل (اشور ) وتلك الجهات ، وأوطن قوة وقبائل من قومه.
وقد اورد كتاب « الأمم السامية » تفصيلاً هاماً لطبيعة وكيفية هجرة هؤلاء القوم إذ قال انهم أغاروا على بلاد بابل ثم بلاد آشور جميعها وكانوا في اعداد ضخمة وقوية، ثم تدفقوا من اّشور الى سوريا، وظلوا في طريقهم يغزون ويفتحون حتى بلغوا جبال ارمينية» ويقول الكتاب ان ذلك يرجع الى قيام دولة كبرى جنوب الجزيرة العربية كما ناقش الكتاب أصل تسميتهم «آراميين» انه قد يكون نسبة الى «مدينة إرم ذات العماد» المذكورة في القرآن الكريم وكتب التاريخ العربية.
ان هذه الفتوحات لم تكن مجرد هجرة وإنما كان اجتياحاً وفتحاً تم فيه القضاء على المملكة الفارسية في بلاد بابل الى فارس، كما تم تحرير اّشور من احتلال ونفوذ الحيثيين «الترك» وكان ذلك مابين (0441-0541ق.م) يقول نشوان الحميري:
والترك كانت قد اذلت فارساً
لم يستروا من شرهم بوجاح
فشكوا اليه فزادهم بمناقب
فيها صراح ينثمي لصراح
تركوا سبايا الترك فيما بينهم
للبيع تعرض في يد الصياح
ويتبين من ذلك ومن خلال معطيات الدراسات والشواهد والنقوش لذلك الزمن..ان آشور كانت مركز الحشد والانطلاق الى سوريا وبلاد الحيثيين تدفقوا من اشور الى سوريا وظلوا في طريقهم يغزون ويفتحون حتى بلغوا جبال اّرمينية وان ماذكرته الدراسات عن انسحاب الحيثيين المفاجئ من بلاد النهرين، وبالتالي من سوريا عام 5341ق.م لم يكن انسحاباً طوعياً او مفاجئاً بل نتيجة ذلك الفتح. الذي شمل آشور وسوريا وامتد الى بلاد الحيثيين في آرمينية وأذربيجان«القوقاز» وبلاد الاناضول.
وتقول نصوص الحيثيين في وثيقة بحوث الدراسات زمنها بعام 0241 ق.م مايلي:
في الايام الخوالي كانت البلاد الحيثية تغزوالبلاد التي خارج حدودها ثم جاء العديد من سكان «سبأ» وغزا البلاد الحيثية وإتخذ حدوداً له» وتقول ألواح «آشور» ثلاثة ملوك عظماء حكموا بلاد الرافدين وسوريا وأرجَاء واسعة في ذلك العصر اولهم الملك الرائش «اريثم» ثم ابنه الذي يظهر في منحوتات آشور مرتدياً ثوباً «ذاالجناح» وتنقل الدراسات اسمه بمعنى «الملك الصادق» ثم بعدهما ملكاً يصنعه د.طه باقر بلقب ولفظ «ذوالقرنين» وقد اعتبرهم الدارسون ملوك آشور، والأصوب ان ملوكيتهم العليا شملت آشور ولكنهم في الأصل ملوك سبأ التبابعة الأوائل ابتداءً بالحارث الرائش أول التبابعة وقد انتهى عهده بوفاته في اليمن سنة 1432 قبل الميلاد.