النجش والتناجش
النجش والتناجش
نَهَى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّمَ - عَن ِالنَّجْشِ ..
• أخْرَجَ البُخارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنِ أبي هُرَيْرَة َ- رَضِي اللهُ عَنْهُ- قالَ :
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا .
• وَأخْرَجَ الإمامُ مُسْلِمٌ عَنِ أبي هُرَيْرَة َ- رَضِي اللهُ عَنْهُ - قالَ :
قالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّمَ -:
«ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ - وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ - وَلَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ ... » ، وَذكَرَ منهم :
« ... وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ العَصْرِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ» ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ
الآيَةَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ..} آل عمران 77
فمَا النَّجْشُ ؟
النَّجْشُ نَوْعٌ مِنْ أنْواع ِآفاتِ اللِّسان ِ، خاصٌّ بالْبَيْع ِ وَالشِّراءِ ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الخَدِيْعَة ِوَالمَكْرِ، وَأكْلِ أمْوالِ النَّاسِ بالباطِلِ .. وَفِي مَعْنَى النَّجْش ِأوِ التَّناجُش ِجاءَ :
• قالَ الحافظ ُابنُ حَجَر- رَحِمَهُ اللهُ - فِي"فَتْحُ البارِي":
(النَّجْشُ: هُو الزِّيادَة ُفِي ثمَنِ السِّلْعَةِ مِمَّنْ لا يُرِيْدُ شِراءَها لِيقَعَ غيْرُهُ فِيْها، وَقدْ سُمِّي تَناجُشاً ؛ لأنَّ الناجِشَ يُثِيْرُ الرَّغْبَةَ فِي السِّلْعَةِ ، وَيقَعُ ذلِكَ بمُواطَأة ِالبائِع ِفيَشْتَرِكانِ فِي الإثْم ِ) ..
• وَجاءَ فِيْهِ أيْضاً :
(قالَ الإمامُ الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللهُ - :
النَّجْشُ: أنْ يُحْضُرَ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ تُباعُ ، فيُعْطِي بها الشَّيءَ، وَهُو لا يُرِيْدُ شِراءَها لِيَقْتَدِي بهِ السُّوَّامُ ، فيُعْطُون بها أكْثَرَ مِمَّا كانُوا يُعْطُونَ لَوْ لَمْ يَسْمَعُوا سَوْمَهُ )..
• وَقالَ الإمامُ التِّرْمِذِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - ، فِي سُنَنِهِ :
(النَّجْشُ: هُوَ أنْ يأتِي الرَّجُلُ الذِي يِفْصِلُ السِّلْعَةَ إلَى صاحِبِ السِّلْعَةِ فَيَسْتامَ
بأكْثَرِ مِمَّا تَسْوَى، وَذَلِكَ عِنْدَما يَحْضرُهُ المُشْتَرِي، يُرِيْدُ أنْ يَغْتَرَّ المُشْتَرِي بِهِ
"أي بِما قالَهُ ثَمَناً لِلسِّلْعَةِ " وَلَيْسَ مِنْ رَأيِهِ الشِّراءُ ، وَإنَّما يُرِيْدُ أنْ يَخْدَعَ المُشْتَرِي بِما يَسْتامُ) ..
• وَقالَ الجُرْجانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - ، فِي" التَّعْرِيْفات":
(النَّجْشُ: أنْ تُزِيْدَ فِي ثَمَنِ سِلْعَةٍ ، وَلا رَغْبَة َلَكَ فِي شِرائِها) ..
• وَقدْ ذكَرَا لفَيُّومِي فِي"المِصْباح المُنِيْر"ما يُفِيْدُ أنَّ التَّناجُشَ يَقَعَ أيْضاً فِي النِّكاح ِعِنْدَما قالَ:
( يُقَال: نَجَشَ الرَّجل: إذا زادَ فِي سِلْعَتِهِ أكْثَرَ مِنْ ثَمَنِها.. ، وَكَذَلِكَ فِي النِّكاح ِوَغَيْرِهِ ، وَفِعْلُ ذلِكَ هُو التَّناجُشُ) ..
• وَفِي "المُغْنِي" قالَ ابنُ قُدامَة َالمَقْدِسِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - :
( النَّجْشُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَهُوَ حَرامٌ وِخِداعٌ ، وَفِيْهِ تَغْرِيْرٌ بالمُشْتَرِي) ..
• وَقدْ رُوِي عَنْ عُمَر َبنِ عَبْدِ العَزِيْزِ - رَحِمَهُ اللهُ - أنَّ عامِلاً لَهُ باع سَبِيَّاً ، فقالَ
لَهُ : لَوْلا أنِّي كُنْتُ أَزِيْدُ فأنْفِقهُ لَكانَ كاسِداً .
فقالَ لَهُ عُمَرُ: (هَذا نَجَشٌ لا يَحِلُّ )
فبَعَثَ مُنادياً يُنادِي : (إنَّ البَيْعَ مَرْدودٌ، وَأنَّ البَيْعَ لا يَحِلّ ُ) ..
* ومما يُؤَيِّدُ نَهْي رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّمَ - عَن ِالنَّجْشِ - وَما يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى- ، قَوْلُهُ تَعالَى فِي سُورَةِ"آل عِمْران"77 :
{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}..
وَوَجْهُ ارْتِباطِ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيْمَةِ بالتَّناجُشِ ما رُوِيَ عَنْ سَبَبِ نُزولها - كما جاءَ فِي"فَتْحُ البارِي"- مِن أنَّ رَجُلاً أقامَ سِلْعَتَهُ فحَلَفَ باللهِ أنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ فِيْها ما لَمْ يُعْطَ ، فنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة ُ) ..
* وَذَكَرَ الإمامُ الطَّبَرِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي تَفْسِيْرِ هَذِهِ الآيَةِ :
(عَنْ عامِر الشَّعْبيِّ - رَحِمَهُ اللهُ - أنَّهُ قالَ:
أقامَ رَجُلٌ سِلْعَتَهُ أوَّلَ النَّهارِ، فلمَّا كانَ آخِرُهُ جاءَ رَجُلٌ يُساوِمُهُ ، فحَلَفَ لَقَدْ مَنَعَها أوَّلَ النَّهارِ مِنْ كَذا وَكَذا ، وَلَوْلا المَساءَ ما باعَها بهِ ، فأنْزَل اللهُ – عَزَّ وَجَلَّ – هَذِهِ الآيَة َ? ..