هيلارى كلينتون تصدم العالم بكتابها الجديد
«المرأة الحديدية » تقدم وثائق تتهم فيها الرئيس ترامب بالخيانة العظمى
بوتين أسهم مع مليونيرات روسيا فى هزيمة هيلارى عدوته اللدودة
عرض وتحليل: مصطفى سامى
أعترف فى البداية أننى كنت واحدا من المصريين والعرب القلائل ممن لم يذرفوا دمعة واحدة على هزيمة السيدة هيلارى كلينتون فى إنتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة التى جرت فى نوفمبرمن العام الماضى والتى فاز فيها منافسها رجل الأعمال دونالد ترامب عن الحزب الجمهورى ليس بالطبع حبا فى ترامب ، فالرجل معروف بجهله وشعبويته ولايخجل من تصريحاته العنصرية ضد المسلمين .
ولكن لأن تجاربنا السابقة فى الشرق الأوسط مع سيناتور هيلارى عندما كانت عضوا فى مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك وكانت ضمن حفنة قليلة من أعضاء هذا المجلس عن الحزب الديموقراطى ممن صوتوا لضرب العراق إعتمادا على الأكذوبة الكبرى التى بررت الحرب بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل الى مواقفها الكثيرة التى أكدت كراهيتها للفلسطينيين ، وإنحيازها باستمرار لاسرائيل وبعد ذلك عندما تسلمت حقيبة وزارة الخارجية فى الفترة الأولى من حكم باراك أوباما ، فكل وعودها بالسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل لم يتحقق منها شيء ولم تكن لديها أى قدر من الأمانة فى ادارة الصراع العربى الاسرائيلى . لقد كنت مثل كثيرين يأملون فوز ترامب فربما ينجح فيما فشل فيه كل من سبقوه بالنسبة لهذا الصراع وربما يساند لأول مرة المظلومين فى الشرق الأوسط ويقف على الحياد ويسعى الى تحقيق سلام عادل بين الفلسطينيين واسرائيل ، لكن الرجل وبعد عام من رئاسته للدولة العظمى لم يظهر حتى الآن رغبة جادة فى حل المشكلة ، وتبين أن الشرق الأوسط بالنسبة له ليس أكثر من سوق للسلاح .
المال والوعود الخادعة واللعب على معاناة العمال وبطالتهم والاقرار بأن أمريكا أولا وليذهب العالم الى الجحيم والوقوف ضد الحلفاء الطبيعيين لواشنطن وإعادة فتح الاتفاقيات التجارية والجنوح الى جانب اليمين الجديد والجهل بالسياستين الداخلية والخارجية ومعاداته للمهاجرين وتصريحاته العنصرية ضد المسلمين والأكاذيب الكثيرة ... كل ذلك أوصل ترامب الى البيت الأبيض بينما لم يتحقق الفوز للخبرة السياسية والذكاء والدهاء والانحياز الصحفى والاعلامى الفج والأكاذيب أيضا وتمثيل البراءة ...سقطت مسز كلينتون فى الانتخابات وأعلن فوز منافسها أو«عدوها» كما يبدو من صفحات الكتاب ، وقضى على حلم هيلارى كلينتون فى أن تكون أول إمراة رئيسة للولايات المتحدة وكانت صدمة الأمريكيين أليمة . لقدأعطوا صوتهم لها وزاد عدد ماحصلت عليه من أصوات عن ثلاثة ملايين ًصوتا بالمقارنة لمنافسها . فوجئ الأمريكيون والعالم بهذه النتيجة غير المتوقعة خاصة أن كل قياسات الرأى العام التى نظمتها أكبر الصحف وشبكات التليفزيون الأمريكية كانت ترجح فوزا كاسحا لهيلارى وهزيمة ساحقة لترامب .
الكتاب الذى يقع فى 400 صفحة من الحجم الكبير صدر فى منتصف سبتمبر الماضى ، وبدأت المؤلفة الاعداد له فور اعلان النتيجة بفوز ترامب. أنه كشف حساب تعرضه هيلارى عن أسباب هزيمتها فى إنتخابات الرئاسة ثم تضع أمام الجماهيرحملة النتقام من ترامب وتضع قرار إتهام ضده يتضمن عددا من الاتهامات والحماقات التى إرتكبها من بينها الجهل والعنصرية والاعتماد على الجماعات التى تنتمى الى أقصى اليمين فى الحزب الجمهورى الذين يعملون لصالح الأثرياء على حساب ملايين الفقراء والسماح لدولة أجنبية بالتدخل فى المعركة الانتخابية . العنوان الذى جاء فى شكل سؤال من كلمتين يشرح لماذا فشلت هذه المرأة الحديدية فى تحقيق حلمها الذى عاش بداخلها منذ أن دخلت البيت الأبيض مع زوجها الرئيس الأمريكى بيل كلينتون عام ???? . صفحات الكتاب تتهم ترامب أنه تحالف مع الشيطان من أجل أن يفوز ، والشيطان هنا هو عدوها فلاديمير بوتين ومن ورائه المخابرات االروسية . لقد سمح ترامب لروسيا – العدو الطبيعى للولايات المتحدة – أن تتلاعب سرا فى انتخابات الرئاسة الأمريكية من خلال علاقات الصداقة التى تربطه مع بوتين وعداء بوتين الشخصى لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة .
القارئ الذى لايعرفها يتعاطف معها ويقنع بأن هزيمتها أو سقوطها من أعلى درجات سلم الوصول الى البيت الأبيض كان جريمة مع سبق الاصرار والترصد جرت بفعل فاعل ، رغم أن غالبية جماهير الشعب الأمريكى كانت تساندها بالاضافة الى 90% من أجهزة الاعلام والصحافة وقيادات فى الحزب الجمهورى تسببت تصريحات ترامب الغبية العنصرية وتاريخ علاقاته النسائية الشاذة المثير للاشمئزاز فى أن يبتعدوا عنه حتى لاتتلوث سمعتهم بقاذوراته . هيلارى تريد فى هذا الكتاب أن تبدو أمام القارئ وخاصة الأمريكى بأنها وقعت ضحية أو شهيدة لمؤامرات أعدت ضدها فى الكرملين بموافقة وتشجيع من ترامب! هى تضع على وجهها مساحيق البراءة والاخلاص للوطن ، لكن من يعرفونها عن قرب يؤكدون أنها – وكما وصفها ترامب - تكذب مثل ماتتنفس ، ووصفتها مديرة حملتها الانتخابية للفوز بمقعد الكونجرس عن نيويورك قولتها إنها إستقالت إحتجاجا على تصرفاتها : « لم ألتق فى حياتى بامرأة لديها كل هذه القدرة على الكذب « ووصفها صحفى قريبا من أسرتها فى كتاب صدر منذ سنوات بأنها « لا تتردد فى أن تطعن أقرب أصدقائها فى ظهره دون أن يتحرك ضميرها « . وأكرر أن ترامب لم يكن الأفضل فهما مريضان بنفس الداء ، لكن كذبه كان مفضوحا وغبيا بينما هى تكذب وعلى وجههاابتسامة بريئة تقول أنها لاتقول سوى الصدق ولديها الجرأة أن تقنع كل من حولها بذلك . كتاب وزيرة خارجية أمريكا السابقة المثير للدهشة والملئ بالمعلومات أراه فصلا جديدا من « الأمريكى القبيح « الذى أثار ضجة عالية فى مختلف الأوساط السياسية والدبلوماسية والاعلامية عندما صدرت طبعته الأولى عام 1958 وكشف فيه مؤلفه عورات بلاده ! واليكم عرضا للكتاب « ماذا حدث» ..؟
السخرية من ترامب
المؤلفة منذ أول سطر فى الكتاب تحاول بكل الأساليب أن تسخر من منافسها دونالد ترامب وتقلل من شأنه فتقول أن الرئيس الأمريكى عندما أعلن نيته الترشح فى انتخابات الرئاسة تصورت أنها نكتة أو دعابة سخيفة ولم أتخيل لحظة أن تكون لديه الجرأة للقيام بهذه الخطوة ، فالرجل لم يكن معروفا الا فى صحف التابلويد المثيرة للفضائح ومن جماعات أقصى اليمين ومن اصراره المستفز على سب أوباما والتشكيك فى حقيقة شهادة ميلاده ، فترامب كان يتحدث منذ عقود عن السياسة كهاوى ولكن لايمكن أن يأخذه أى سياسى على محمل الجد . ورغم ذلك كان من الصعب أن تتجاهله ، فالاعلام أعطاه مساحات هائلة فى تغطية حملته الانتخابية « لكننى أرى أن هيلارى لقيت تغطية ومساحات أكبر لحملتها الانتخابية وتحيزا هائلا – مستمرا حتى الآن – من مختلف أجهزة الصحافة والاعلام ، وهو ما يفسر أسباب عداء الرئيس الأمريكى لهذه الأجهزة حتى الآن رغم مرور عام على الانتخابات » .
عندما تتحدث هيلارى عن نفسها وأحقيتها بالمنصب تتذكر لقاؤها مع عمدة نيويورك مايك بلومبرج فى عام 2006 خلال حفل كان دونالد ترامب أحد حاضريه ، وقد بادر العمدة هيلارى بقوله بأنها قامت بأعمال ممتازة خلال فترة عضويتها فى الكونجرس ثم ضحك معها قائلا لماذا لاتترشحى فى إنتخابات الرئاسة القادمة والتى مقرر لها أن تجرى عام 2008 .
هيلارى تعدد أكاذيب ترامب خلال الحملة الانتخابية ، وتدعى أن حرب ترامب على الحقيقة بلغ مستوى غير مسبوق ، فهو إذا أعلن غدا أن الأرض مسطحة وليست كروية سوف يذهب مستشاره – الذى يبرر له كل أكاذيبه – الى شبكة تليفزيون فوكس ويدافع عن رأى رئيسه بأنها «حقيقة بديلة» وسوف يصدقها كثير من الأمريكيين . ثم تذكر القراء بما حدث عندما إتهم ترامب كذبا الرئيس أوباما بأنه كان يسجل له أحاديثه الشخصية .
اغتصب عدة نساء
من الواضح أن فوز ترامب اصاب منافسته بصدمة شديدة ، لكنها إمرأة قوية من الصعب أن تنكسر . صمدت رغم الذهول الذى أصابها . مرت أيام كثيرة على الانتخابات وبدأت تعد نفسها لمعركة قادمة ضمن أحد أسلحتها هذا الكتاب من أجل مزيد من التشويه لصورة ترامب خاصة أمام الرأى العام الأمريكى . مرت بحالة نفسية لاتسمح لها بأن تتسامح مع كل من أخطأوا فى حقها بما فيهم هى شخصيا . تقول أنه يؤرقها القلق على بلادها . فقد حدث خطأ مدمر ، وتسأل نفسها : كيف يصوت 62 مليون أمريكى لرجل سمعوه على الهواء يتفاخر بأنه إغتصب عدة نساء ؟ كيف يمكن لرجل يهاجم النساء والمهاجرين والمسلمين والمكسيكيين الأمريكيين وضحايا الحروب ومن هم ذو الاحتياجات الخاصة . وكرجل أعمال إتهم بأنه تسبب فى الاساءة والإفلاس لعدد كبير من أصحاب المشروعات المتوسطة ومقاولين وطلاب وكبار السن ، وبعد ذلك ينتخبه الأمريكيون لأكبر وأهم منصب فى العالم ؟ لماذا قرر الاعلام أن يعطى تغطية كبيرة لقضية موضع خلاف وهى الخاصة برسائلها الأليكترونية كواحدة من أهم القضايا السياسية منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية ؟ وتواصل قائلة : كيف سمحت لنفسى بالصمت على كل ذلك ولماذا صمت الأمريكيون ؟ لقد رفعت الفتيات معنوياتها عندما ذهبن فى مظاهرة أمام منزلها بعد ظهور نتيجة الانتخابات وهن يحملن لافتات تقول : حقوق المرأة هى حقوق الانسان ... ولاتستسلمى فأمريكا فى حاجة لأن تحاربى من أجلها.
تستعيد كلمات زوجها بيل كلينتون بعد أيام من الهزيمة فقد قال لها «أنا فخور بك ». تواصل : «الخسارة مؤلمة خاصة اذا كنت ضامنا الفوز». هى ترى نفسها الأفضل بين كل المرشحين وليس ترامب فقط . فأمريكا حتى لو كانت تسير فى الطريق الصحيح لكن هناك عدم مساواة كبيرة وحاجة الى تنمية إقتصادية أكثر ومواجهة الارهاب والعولمة والتقدم من خلال مزيد من الانفاق على أبحاث التكنولوجيا . ويزيد إحساسها بالألم أنها كانت لديها أفكار وخطط كان من الممكن أن تنقل بلادها فتصبح أكثر قوة وتتحول حياة غالبية الأمريكيين الى الأفضل .
الرسائل الإلكترونية الملعونة
هناك علامة إستفهام كبيرة أو لغز حول هذه الرسائل الإلكترونية التى ساهمت الى حد كبير فى إدانة السيدة كلينتون أمام الرأى العام الأمريكى والتى شغلت مساحات كبيرة فى مختلف أجهزة الاعلام الأمريكية . هى تقرر أنه خلال عام 2016 اذا حاول أى شخص الاستماع الى الأخبار فى إحدى شبكات التليفزيون فسوف تجد أخبار هذه الرسائل تشغل مساحاتها الزمنية ثلاثة أضعاف أى خبر آخر مهما تكون أهميته .
المؤلفة يقودها خيالها أن تتصور بعد ثلاثين عاما من الآن طالبا يجلس فى أحد الفصول الدراسية لمادة التاريخ بمدرسة ثانوية يدرس ما جرى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية التى جرت عام 2016 والتى أسفرت عن فوز – فى رأيها – « أقل المرشحين خبرة و ثقافة ومعرفة وأقل الرؤساء الأمريكيين كفاءة فى التاريخ الأمريكى «بما يدعو الطالب أن يتصور أنه وقع خطأ ما تسبب فى هذه النتيجة . ثم يسمع الطالب من أستاذه أنه كانت هناك قضية واحدة سيطرت على الاعلام الأمريكى طوال حملة الانتخابات ... فما هى : يسأل الأستاذ تلميذه : هل هو تغير المناخ أو التأمين الصحى للأمريكيين ؟ يرد الأستاذ بـ لا: « الرسائل الإلكترونية».
يستمر الحوار بين الأستاذ والتلميذ ...«هل كانت هناك جريمة ؟ وهل تسببت هذه الرسائل فى الاساءة الى أمننا القومى»؟ ويرد الأستاذ بحزم : «لا لا».
هيلارى تواصل كلامها عن هذه الرسائل التى شغلت مساحة كبيرة من الكتاب. بعد إنتهاء الانتخابات وتنصيب ترامب رئيسا، إنتقلت الرسائل ثانية الى الصفحات الأولى من الصحف الأمريكية . الرئيس ترامب طرد جيم كومى من منصبه كمديرا لمكتب التحقيقات الفيدرالية ، وبعد ذلك قام المسئولون فى البيت الأبيض بتوزيع مذكرة كتبها نائب المدعى العام رود روزنشتاين أدان فيها بشدة تحقيقات كومى الغير مهنية خاصة بالرسائل الإلكترونية.«وأعلن ترامب أنه طرد كومى بسبب التحقيقات حول الرسائل الإلكترونى التى تسببت فى وقوع ظلم على هيلارى». المدعى العام قال أنه أدان كومى أيضا بسبب المؤتمر الصحفى الذى عقده يبلغ فيه الكونجرس أنه أعاد فتح التحقيق فى الرسائل الإلكترونية قبل 11 يوما فقط من موعد الانتخابات.
تفاصيل كثيرة لاتتسع المساحة لكتابتها ، كما أن المتابعين للانتخابات الأمريكية عرفوا جانبا منها من أجهزة الاعلام .
تقول هيلارى أن الفضيحة إستمرت فى الاعلام لكنها واصلت العناد لإبعاد التهم التى وجهت اليها ثم تعترف أن أية جهود سوف تقوم بها لن تصلح الشئ الذى إنكسر. إنها تعترف أنها إرتكبت خطأ لكنه غير مقصود ، لكن وزراء خارجية أمريكيين قبلها وقعوا فى نفس الخطأ ولم يثار ضدهم شيء . وقد أعلن المحقق العام فى تقريره أخيرا بوضوح أن ماحدث لم يكن أكثر من فرقعة بالون ، وختم التقرير بأن « مسز كلينتون لم تكن أول مسئولة رسمية فى الحكومة ولا أول وزيرة خارجية تستخدم حسابها الشخصى فى القيام فى كتابة رسائل رسمية «شغل هذا الفصل الخاص برسائل هيلارى الاليكترونية 34 صفحة من الكتاب» .
التدخل الروسى
لكن التدخل الروسى وخيانة الأمن القومى الأمريكى يشغل 50 صفحة «من ص 325 – 375» من بينها عشر صفحات تتناول فيها المؤلفة الديكتاتورية فى موسكو تحت حكم بوتين وقتله الصحفيين المعارضين لنظامه والقضاء على الحريات السياسية والاعلامية .
هى تقول أن السياسة تعمل مثل جسم الانسان فالديموقراطية الأمريكية تم بناؤها عبر دفاعات كثيرة لتحفظ أميركا قوية وفى حالة صحية جيدة ، وبنود الدستور الأمريكى تؤكد ذلك وأن الآباء المؤسسين لهذا البلد يعتقدون أن أفضل دفاعاتنا هو كشف كافة المعلومات أمام الشعب حتى يستطيع الحكم من خلال الحقائق التى أمامه .
تقول هيلارى أنه فى عام 2016 جرى الاعتداء على الديموقراطية الأمريكية من جانب خصم أجنبى قرر خداع جماهيرنا وإشعال خلافاتنا والتدخل فى إنتخابات الرئاسة لحساب مرشحهم المفضل «الذى هو دونالد ترامب» وهناك أسباب داخلية متعددة ساعدت على هذه الجريمة . فقد بذل اليمين الأمريكى مالا وجهدا كبير فى بناء حقيقة بديلة . جرى طمس الحقائق لتحل مكانها الأكاذيب ونجح تآمرهم فى عام 2016 من خلال مرشح للرئاسة يسبح فى ظلام أفكاره التآمرية التى يأخذها من صحف التابلويد المعروضة فى السوبر ماركت . والمرشح الذى صدمته الانتقادات التى وجهت اليه ولأنها صحيحة لم يجد أمامه سبيلا سوى الهجوم على منافسيه . الآن يمكننا أن نتأكد أن روسيا إقتحمت حياتنا لتكشف كيف كانت دفاعاتنا بالغة الضعف وربما فان تآمر الروس علينا سوف يساعد فى المستقبل قوى أجنبية أخرى على التدخل فى شئوننا وهذا الأمر يجب أن يشغل إهتمام كل الأمريكيين سواء كانوا جمهوريين أو ديموقراطيين أومستقلين وسوف يواصل الروس عدوانهم على أصدقاءنا وحلفاءنا ، فهدفهم النهائى تقويض وهدم الديموقراطية الغربية .
تلميذ مشاغب وممل...!
الرئيس أوباما وصف بوتين بأنه مثل التلميذ الممل والمشاغب الذى يجلس فى الصف الأخير فى فصله الدراسى وقد شبهه أوباما أيضا بأنه مثل الشباب المستهتر الذى يجلس فى القطارات ويمد رجليه للاستحواذ على أكبر مساحة من المقعد المجاور لهم والذى هو من حق الركاب الآخرين فبوتين يقول دائما « سوف آخذ ما أريد». تواصل هيلارى هجومها فتقول أننى تعاملت كوزيرة للخارجية مع عشرات القادة الرجال لكن بوتين نموذج منفرد . وتشرح بعد ذلك تفاصيل علاقة العداء بينها وبين بوتين والممتدة منذ عدة سنوات . بوتين لايحترم المرأة بصفة عامة ويحتقر أى معارض له وتذكر أنها عندما إنتقدت سياساته وقف أمام الصحافة الروسية يقول «من الأفضل ألا تدخل فى نقاش مع إمرأة».
الغرام بين ترامب وبوتين
تتساءل هيلارى بسخرية عن سر هذه القبلات التى يرسلها ترامب لبوتين؟ لقد قال إننى أعطى بوتين تقدير ممتاز فى القيادة ووصف الرئيس الروسى بأنه «جدير بالاحترام داخل بلاده وخارجها».
ماذا فعل الروس ..؟ تستعيد هيلارى كيف إقتحم الروس فى الماضى حسابات وزارة الخارجية وسرقوا رسائل وأذاعوها عبر ويكيليكس . دخلوا أيضا حملة الحزب الديموقراطى الانتخابية فى عام 2016 وقاموا بتوزيع أكاذيب فى جميع أنحاء البلاد بهدف الإضرار بحملتها الانتخابية . وهذه الأمور بالطبع تحتاج تكنولوجيا عالية لاتتوفر لأفراد . استخدم الروس الصحافة التابعة للدولة وشبكات التليفزيون الحكومية ونشرت صحفهم مانشيتات تقول « هيلارى كلينتون وداعش يجرى تمويلهما من مصدر واحد» . إستخدم الروس نوعا من الدعاية غير التقليدية باذاعة آلاف الأخبار المزيفة ضد هيلارى على الانترنيت والفيسبوك وتويتر . لجنة من المخابرات الأمريكية حققت فى الأمر وذكرت فى تقريرها أن روسيا إستخدمت إعلامها الموجه للخارج للاساءة الى سمعة الوزيرة السابقة مسز كلينتون .
تتهم أيضا وزيرة الخارجية السابقة فى كتابها التدخل الروسى فى أوربا فتقول إن الدعاية والمال الروسى ساندوا وقدموا الدعم لأحزاب اليمين القومية فى أوروبا ومن بين من تلقوا مساعداتهم مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليمينى فى فرنسا . وبوتين فى رأيها يمثل خطرا على الديموقراطيات الغربية .
تعود هيلارى للهجوم على ترامب فتقول أنه يدافع عن بوتين بالحق وبالباطل. إنه يبرر مقتل الصحفيين الروس المعارضين والذين قتلوا بتعليمات من بوتين قائلا : « ليس هذا بالأمر السيىء ... فبلادنا قتلت كثيرين أيضا»
وتواصل كلامها بأنه لم يحدث فى التاريخ أن قارن رئيس أمريكى الديموقراطية الأمريكية بالدكتاتورية الروسية . لقد رفضت البنوك الأميريكية منح ترامب قروضا عندما واجهت بعض شركاته الافلاس فتوجه الى المليونيرات الروس الذين يرتبط كثيرا منهم بجماعات الجريمة المنظمة فأقرضوه ، وقد إشترى أحد هؤلاء الروس قصرا لترامب فى «بالم بيتش» فى عام 2008 بسعر يزيد على قيمته الحقيقية ودفع 54 مليون دولار لترامب ثمنا له .
تعدد هيلارى بعد ذلك – إعتمادا على تقارير من مكتب التحقيقات الفيدرالية المرات التى إقتحم فيها الروس بريدها الإلكترونى ، وتقول أنها صدمت عندما علمت أن هناك علاقة تربط ويكيليكس بالمخابرات الروسية مما ساعد جوليان أسانج على اللجوء الى روسيا . وهى ترى أن أسانج منافق يعمل لحساب الروس ويستحق المحاكمة على جرائمه . فويكيليكس ترفض نشر أية أخبار ضد بوتين . وتنتهى قائلة : «إن الشعب الروسى الطيب يستحق معاملة وزعيما أفضل» . الاتهامات كثيرة للروس ولبوتين ولترامب لن تتسع المساحة لها ، ولكن هناك بعض الملاحظات على الكتاب :
معركة إنتخابات الرئاسة الأمريكية – طبقا لكل من تابعها فى الاعلام الأمريكى كانت الأكثر سوءا والأكثر قبحا فى تاريخ هذه الانتخابات . كانت حلقات من الردح والاتهامات بين هيلارى وترامب . كان لبعض الاتهامات أسبابها من خلال تصريحات ترامب العنصرية ودفاعه عن أهمية إقامة علاقات جيدة مع روسيا ، ومن الجانب الآخر كانت أكاذيب هيلارى مصدر هجوم مستمر من ترامب عليها .
الأمانة تقول إن هيلارى كانت الأفضل من خلال خبراتها السياسية وذكائها وعلاقاتها الدولية ، بينما ترامب مجرد رجل أعمال يجمع المال من إتجاره بالعقارات ويقيم حفلات إختيار ملكات الجمال ولايستطيع أن يمنع لسانه من الاساءة الى النساء بألفاظ خارجة بصفة عامة ، كما أنه لم يكن مهموما فى تاريخه بالسياسة .
العداء الذى يحمله ترامب للاعلام الأمريكى والمستمر منذ الحملة الانتخابية حتى الآن مصدره الانحياز الفج لهيلارى أثناء الانتخابات وحتى بعد هزيمتها أمام ترامب . لقد سقط الاعلام الأميركى مع هيلارى وكشفت هذه الانتخابات عن ثقوب كثيرة فى شبكات التليفزيون والصحف الكبرى .
المؤكد أيضا أن هيلارى كانت اذا إنتخبت سوف تقترب أكثر من حلفائها وتتعاون معهم وبحكم ثقافتها الليبرالية سوف تكون أفضل إنسانية – حتى من حيث الشكل – للمهاجرين وحقوق المرأة وتساند الفقراء والمهمشين وتخصص مزيدا من الدعم للتعليم والتأمين الصحى الذى كان أفضل إنجازات أوباما بينما حاول ترامب هدمه .
سياسة الانغلاق و«أمريكا أولا» التى ينتهجها ترامب والتى تقوده الى الغاء بعض الاتفاقيات والمعاهدات مع حلفاء الولايات المتحدة سوف تضر بصورة أمريكا فى الخارج وتؤدى الى عزلتها فى المستقبل . بينما تعهدت هيلارى توسيع النفوذ الأمريكى فى الخارج بزيادة الدعم والمساعدات الاقتصادية للدول المؤيدة للسياسة الأمريكية .
بالنسبة للشرق الأوسط فى تقديرى ، الفارق بين المرشحين هو فى درجة السوء والانحياز لاسرائيل . هيلارى تعتقد أن إسرائيل – بكل جرائمها – هى واحة الديموقراطية فى الشرق الأوسط وتدافع باستمرار عن إنتهاكاتها وعدوانهاعلى الفلسطينيين على أنه دفاع شرعى ، بينما ترامب لايمثل له الشرق الأوسط أكثر من « سوق للسلاح » كما ذكرت فى البداية .
كتاب السيدة هيلارى كلينتون لم يحقق الانتشار الذى توقعته برغم مساندة الاعلام له ، ويبدو أن الأمريكيين الذين أصابهم الملل من السياسيين الأمريكيين وفقدوا فيهم الثقة لم يهتموا بدفاعات هيلارى وتصفية حساباتها مع ترامب ، الكتاب الذى صدر فى منتصف سبتمبر الماضى وثمنه 40 دولارا كنديا «الدولار الكندى قيمته 14 جنيها مصريا» بعد شهر من صدوره سافرت الى مونتريال فى شهر أكتوبر لأجده فى المكتبات معروضا بمبلغ 22 دولارا كنديا وكميات مكدسة منه على الأرفف .