الامبريالية الامريكية تصنع الجهل والفقر وفلسفة العدوان
تعتمد ادارات الولايات المتحدة الأمريكية وسائلَ متطوّرة لشيطنة العرب والإسلام بشكل خاص والخصوم بشكل عام، وأحيانا لا يهم أن يكون الآخرون خصوما أو لا، فقد يكونون أصدقاء وحلفاء لكن تكون هناك مطامع يسمونها مصالح استراتيجية تقتضي الاندفاع الاستعماري نحوها فيتم عمل منظم لشيطنتها يهيئ للعملية السياسية والعسكرية العاصفة.. ويقف مجمع هوليوود الكبير كأحد اخطر قلاع الامبريالية الامريكية ويُعتمَد عليه بشكل رئيس في المخطط الكوني للتجهيل والتفقير خدمة لاستمرار العدوان على الشعوب وحقوقها الاساسية.
هوليوود التي تُعرف بأنها أرض جني المال.. هي مصنع الواقع المطلوب لدى أجهزة المخابرات الأمريكية وصناع الاستراتيجية الأمريكية من خلال أعمال سينمائية يتم الإشراف عليها بإتقان كانت طيلة عشرات السنين.. هي النبوءة المفسرة والمتوقعة في المجتمع الأمريكي والمؤهلة للنفسية الأمريكية لتلقي الخبر الفاجع والصاعق بعد حين دونما استغراب وفيها تُنفق الكثير من الأموال على تلك الأفلام التي تصوّر كيف أنقذت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية العالم مثلا، أو كيف أنقذه مكتب التحقيقات الفيدرالي أيضاً. يتم جني المال بوفرة في هوليوود من خلال الاعتماد على تعزيز مفهوم الحرية، حتى لو فشل ذلك. لذلك لن تتحقق الحرية في المجتمع الأمريكي إلا بزوال سيطرة النخبة التي تقوم بعمل مستمر لغسل الدماغ من خلال الإعلام وبالذات في أفلام هوليوود.. طريق طويل للتحرر امام المعذبين بحجم الدعاية الاكذوبة.
ادعى جورج بوش بأن الله قد وافق على غزو أفغانستان، وغزو العراق في عام 2003، وهي الحرب التي قتل فيها الغزاة الأمريكيون ملايين العراقيين الأبرياء ودمّروا العراق ونهبوا ثرواته وتراثه التاريخي.
وفي الخارج، وبغطاء كثيف من المؤسسة الإعلامية وأفلام صناعة الواقع المطلوب تتمثل العنصرية الغربية والأمريكية على رأسها بالاعتداءات العسكرية التي تبيد ملايين البشر وتشرِّد ملايين وتفتك بكل مقومات الحياة للآخرين الذين شيطنتهم من خلال وسائلها الدعائية المجرمة، وفي الداخل تتجذر العنصرية بتجذر الليبرالية المؤسسية في داخل الغرب نفسه. ومما لا شك فيه أن عنصرية الغرب وعدوانه على باقي الدول هما بسبب الليبرالية المؤسساتية في جميع الدول الغربية، وهناك وصف جيد آخر لهذا النظام المتضخم وهو "الشمولية الليبرالية". وهو السلوك العنصري تجاه ضحايا الحروب التي أشعلت الامبريالية نارها في بلادها.. ومن ثم استكثرت على الآدميين الهاربين من ويلات الحروب حياة آدمية في بلدانها. ونتج عن هذه السياسات المجنونة زيادة مفاجئة في الدعم الشعبي لعدد من الأحزاب اليمينية المتطرفة واليسارية المتطرفة في جميع أنحاء أوروبا، وبالطبع فإنها نتيجة منطقية. ومع هذا لا توجد فصائل سياسية داخل الدول الغربية توجه الانتباه إلى السياسات العنصرية الليبرالية المؤسساتية التي دمرت دولاً مثل العراق وليبيا وسوريا، بالإضافة لتدميرها للدول الغربية اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً من الداخل.
يمكننا القول إن السياسيين والإداريين وحتى الجيوش في الغرب لاسيما أمريكا ليست أكثر من كونها مجرد أدوات لمؤسسات ليبرالية عابرة للحدود، أصلها في الولايات المتحدة وفروعها في أوروبا الغربية. تعمل هذه المؤسسات الليبرالية المكثفة في القوة المالية ضمن المجالات كلها بشكل مترابط لتحقيق الأهداف المرجوة.
أن الليبرالية ككل هي الخطر الحقيقي على الداخل الأمريكي والغربي، وعلى الخارج المستهدف المستضعف، ولذا يجب مواجهة هذا الخطر المستفحل صاحب قرار العدوان وذلك على كل الجبهات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ومن المؤكد أن الليبرالية الغربية من خلال مؤسساتها وطبيعة توجهها هي المسؤولة عن انتشار الإرهاب في جميع أنحاء العالم.. يجب أن ندرك أن حقيقة الفوضى الحالية في العراق وبلاد الشام وظهور "داعش" هي نتيجة مباشرة للغزو الذي قادته أمريكا على العراق عام 2003، ومؤخراً نتيجة للدعم الفرنسي والبريطاني والأمريكي لمن يُعرفون بالمتمردين "المعتدلين" في سوريا. ويجب أن ندرك أن حقيقة الهجوم الذي قام به حلف الناتو على ليبيا عام 2011، أدى إلى أن يصبح هذا البلد مقراً لنشاط تنظيمات العنف والإرهاب. ليستمر القتل والتدمير في بلاد العرب فيقتل ملايين منهم ويتم تشريد ملايين وتكسر البنى الاجتماعية والتعليمية والثقافية...
مثلا كلنا يعرف كيف صنعت الإدارة الأمريكية والحكومة الفرنسية والحكومات الغربية قوى معارضة في سورية والعراق وزودتها بجميع أنواع الأسلحة والأموال. واختارت الحكومات الغربية الاعتراف بمعارضين مسلحين، يمكننا القول إن الحكومة الفرنسية مثال للسياسة الغربية الليبرالية تجاه الخارج والمثال في سورية هو نفسه يتجلى في ليبيا حيث قادت فرنسا عمليات الناتو في ملاحقة القذافي.. كما أنه لابد من القول إن كل ذلك يتم ضمن السياق الاستعماري الغربي الذي تقوده الإدارات الأمريكية ضد العرب والمسلمين.. حيث تتربص الإدارة الامريكية بكل هدف يتم تحقيقه لتحويله لصالح الخزينة الامريكية أو خزينة المجمعات الصناعية والشركات العملاقة.
ويمكننا القول إن الهجمات الأخيرة في شوارع أمريكا كما في عواصم أوروبية وأزمة اللاجئين المستمرة في اوربا ليست إلا نتيجة للسياسات الخارجية والمحلية لليبرالية التي عززتها حكومة أمريكا وفرنسا وغيرهما من حكومات الغرب لأجيال متعاقبة.. إن وضع حدّ للإرهاب يعني أن يبدؤوا على الأقل في التحقيق في جميع الاحتمالات التي هيأت له الظروف ومن أين ابنعث.. فالإدارة الأمريكية والدول الغربية الأخرى هي التي أنشأت "داعش" وكانت مسؤولة عن بدء الحرب ومن ثم تحريكها في العراق وفي سوريا.. وذلك بتوجيه مباشر من مؤسسات ليبرالية تتحكم في كل شيء.
هكذا تجلت عملية الامبريالية الرعناء لتدمير العالم من خلال أداتين خطيرتين هوليود والحرب، وهناك حرب أخرى لا تقل خطورة؛ إنها محاولة الغرب الليبرالي تغيير العالم من خلال الانحراف الأخلاقي والجنسي في العالم الغربي كما تأتي الأخبار من تشريعات لفائدة المثليين وتغيير الجنس، كما يقوم الغرب بدعم الانحراف في البلدان المستضعفة لتغيير أوضاعها وإلقاء فوضى القيم داخلها.
وهناك حرب الإعلام والسيطرة على الرأي العام العالمي وتوجيهه واختراقه بمقولات ومعلومات وصناعة الصورة الذهنية حيث تدير الولايات المتحدة منظمة (مجلس منظمي البث) الذي يقوم بتنسيق وسائل الإعلام الأمريكية في الخارج: "صوت أمريكا" و"راديو الحرية"، و"الوقت الحاضر" وهو مصمم لجمهور الشبكات الاجتماعية.. وهنا تجري عملية منظمة ضد الخصم وتنتشر إذاعات ومحطات تلفزيون غير مباشرة تحت إشراف الليبرالية الغربية الأمريكية تقوم بمهمات شنّ الإشاعة والأخبار الموجهة لاختراق وعي الناس في البلدان المستهدفة وتشكيل نمطية معينة.
وفتحت أمريكا باب الحرب على الإرهاب لتحقق على طريقتها بهذا العنوان "الأخلاقي" ما لم تحقق بسواه.. وهنا كانت النتيجة المباشرة ضد المواطنين الذين أصبحوا تحت طائلة الاشتباه وانتهاك خصوصياتهم وتدمير الحماية الدستورية الأمريكية التي تحمي الحريات.. إن خدعة الحرب على الإرهاب التي قدمتها أمريكا حوّلتها إلى بلد تحكمه الشرطة على الطريقة النازية. لا يعاني الكثير من الأمريكيين من النتائج مباشرةً، ولكنهم سيحرمون من الحقائق حيث يصبح التجهيل هدفا مباشرا. ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، فإن الدول التي تم قصفها والتسبب بإرجاعها سنين للوراء، يجب أن لا تقلق فإن تدميرها هو حماية للسلام في العالم.. وهو لصالحها.
وهنا نقترب من الكارثة الكبرى أن الساسة الأمريكان يتخيلون أنهم ملزمون بالحفاظ على تسيّد أمريكا بل أكثر من ذلك أن لهم صلة مباشرة مع الله كما ادعى جورج بوش بأن الله قد وافق على غزو أفغانستان، وغزو العراق في عام 2003، وهي الحرب التي قتل فيها الغزاة الأمريكيون ملايين العراقيين الأبرياء ودمّروا العراق ونهبوا ثرواته وتراثه التاريخي. الأمر نفسه الآن الدعاة لله (إله المسيحيين واليهود) أنفسهم، يقولون إن إلههم لن يعترض على ترامب إذا دمر كوريا الشمالية بالنووي! هكذا يتم استغلال الأديان و"الإله" من أجل تعزيز السياسات المناهضة للإنسان لصالح النخبة الحاكمة ومجمعها العسكري والصناعي القوي. وتحقيق الهيمنة، والربح، لا شيء آخر!. تولانا الله برحمته.
صالح عوض
23/111/2017