فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1774.9
إعلانات


أوصيكم بالأيتام واليتيمة

الجمعة 02 جوان 2017 ميلادي الموافق لـ 07 رمضان 1438 هجري

أوصيكم بالأيتام واليتيمة

[date] 2017/06/02

محمد الهادي الحسني author-picture

عبد المؤمن بن علي أحد صناع التاريخ في الأمة الإسلامية، وهو بشر كالبشر يصيب ويخطئ، وحسابه عند ربه، الذي يتكرم على بعض الناس فيبدل سيئاتهم حسنات، وهو أعلم بما يبدل، ولا يسأل عما يفعل..

من أعظم ما أنجز عبد المؤمن بن علي إنشاء دولة عظيمة رغم ما وقع فيها من تجاوزات ومظالم، وقد امتدت هذه الدولة من الأندلس إلى الحدود الغربية لمصر، وهي دولة الموحدين (1130-1269) التي اعتبر الأستاذ مالك ابن نبي سقوطها آخر مظهر من مظاهر العزة والسؤدد في المغرب الإسلامي حيث تمزقت إلى دول وإمارات أوهنت بعضها، وقد رمز الأستاذ ابن نبي إلى بمصطلح من مصطلحاته سماه "إنسان ما بعد الموحدين". (انظر كتاب: وجهة العالم الإسلام).

وولد عبد المؤمن في نواحي ندرومة (ولاية تلمسان) من أب كان يأبو ويحبو على ولده بممارسة حرفة صنع الأواني الطينية. وقد تعلقت همة عبد المؤمن بطلب العلم، فاسترخص في سبيله كل غال، واستعذب كل عذاب، فابتغاه في نواحي عديدة، وعزم من أجل ذلك على الذهاب إلى المشرق العربي.

وفي بلدة ملالة – القريبة من مدينة بجاية – التقى وهو ذاهب إلى المشرق بمحمد ابن تومرت وهو عائد من المشرق فثناه عن عزمه بما وعده في العاجلة بتعليمه ما علمه، وفي الآجلة بإقامة دولة تملأ الأرض عدلا، كيف لا، وهو الذي زعم أنه "المهدي".

اقتنع عبد المؤمن بكلام ابن تومرت، ورجع معه إلى المغرب الأقصى وعملا معا لتجسيد ما عزما عليه، وقد توفى الله- عز وجل- ابن تومرت قبل تحقيق مشروعه بقليل، فورثه عبد المؤمن، الذي أكمل الموجود، وأوجد المفقود بفضل الله- عز وجل- ثم بفضل ما امتاز به من صفات، كالعلم والفهم والحزم- وكان حقيقا بما وصفه به التيفاشي (نسبة إلى بلدة تيفاش، قرب سوق اهراس، وهو قوله:

ما هز عطفيه بين البيض والأسل مثل الخليفة عبد المؤمن بن علي

عندما حضر عبد المؤمن الموت اجتمع حوله بنوه وعلية القزم في دولته فأوصاهم قائلا: "أوصيكم بالأيتام واليتيمة"، فعمي معنى الوصية على من سمعها، فسئل في ذلك، فقال: "اليتيمة الأندلس، والأيتام أهلها، إنه ليس في نفوسنا شيء أعظم من همها، ولو مد الله في أجلنا لم نتوان في جهاد كفارها حتى نعيدها دار إسلام، فإياكم والغفلة عما يصلحها من تشييد أسوار، وحماية ثغور، وتربية الأجناد، وتوفير الرعية". (مبارك الميلي: تاريخ الجزائر في القديم والحديث. ص 682. ط. الشركة الوطنية للنشر والتوزيع).

رحم الله عبد المؤمن، فرغم علمه نسي أهم ما يوصى به وهو وحدة الأمة، لأن في تفرقها ذهاب الريح كما نص القرآن الكريم في قوله تعالى: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"، وقوله- عز من قائل-: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا". وقد جمع الله- عزو جل- في هذه الآية الأخيرة بين الأمر والنهي "واعتصموا... ولا تفرقوا"، ولكن أكثر المسلمين لا يتدبرون القرآن.

كما غفل عبد المؤمن عن أمر يحفظ هذه الوحدة، وهو إقامة العدل بين الناس، وقد تركها الإمام الماوردي: "العدل أقوى جيش، والأمن أهنأ عيش".

ودالت دولة الموحدين، ومن بعدها ضاعت الأندلس، ونرجو الله أن يحفظ البقية لأن سير حكام العرب والمسلمين مؤذنة بذهاب ما يسمى تجاوزا دولا، إلا ما رحم ربي، فكلها قائمة على الظلم، والفساد المالي والأخلاقي من غش.. وتزوير من الامتحانات إلى الانتخابات.. وما هكذا تبنى الدول وتدوم..

article-title


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة