لامية الصفدي
لامية الصفدي :
الجَـدُّ في الجـدِّ والحِرمــانُ في الكَسَـلِ *** فانصبْ تُصِبْ عنْ قريبٍ غايةَ الأملِ
واصبــرْ على كلِّ ما يأتي الزَّمـانُ بهِ *** صبرَ الحُسامِ بكفِّ الدّارعِ البَطَلِ
وجانـبِ الحرصَ والأطماعَ تحـظَ بما *** ترجو من العزِّ والتأييدِ في عَجَلِ
ولا تكونَـــنْ علـى ما فـاتَ ذا حَــزَنٍ *** ولا تظلَّ بما أُوتيتَ ذا جَذَلِ
واستشعـرِ الحِلـمَ في كلِّ الأمـورِ ولا *** تُسرع ببادرةٍ يوماً إلى رجلِ
وإنْ بُليـــتَ بشخـــصٍ لاَ خَــلاقَ لـهُ *** فكُنْ كأنَّكَ لمْ تسمعْ ولمْ يَقُلِ
ولا تُمـــارِ سفيهـــاً في مُحاـــــــورَةٍ *** ولا حليماً لكيْ تنجو منَ الزَّلَلِ
وَلاَ يغـرَّنــكَ مــنْ يُبــدي بشـاشَتَـــهُ *** إليكَ خِدعاً فإنَّ السُّمَ في العَسَلِ
وإنْ أردتَ نَجــاحـــاً أو بلــوغَ مُنـىً *** فاكتُمْ أمورَكَ عن حافٍ ومُنتعلِ
إنَّ الفتى من بماضي الحَزْمِ مُتَّصفٌ *** وَمَا تعوّدَ نقصَ القولِ والعملِ
وَلاَ يقيـــمُ بأرضٍ طـــابَ مسكنُهـــا *** حتى يقدَّ أديمَ السَّهلِ والجَبَلِ
وَلاَ يضيـــعُ ساعــاتِ الزَّمــانِ فلـنْ *** يعودَ مَا فاتَ مِنْ أيامهِ الأولِ
وَلاَ يُـراقِـــــــبُ إلاَّ مَـنْ يُراقِبُــــــهُ *** وَلاَ يُصاحبُ إلاَّ كلَّ ذي نُبُلِ
وَلاَ يعــــدُّ عُيـوبــاً في الــوَرَى أبداً *** بل يعتني بالذَّي فيهِ من الخَلَلِ
وَلاَ يظُــنُّ بهـــمْ سُــوءاً وَلاَ حَسَنــاً *** بل التجاربُ تَهديهِ عَلَى مَهَلِ
وَلاَ يُـؤَمِّـــلُ آمــــالاً بصبــــحِ غــدٍ *** إلاَّ على وَجَلٍ من وثبةِ الأجلِ
وَلاَ يَصــــدُّ عن التقــوى بصيرتَــهُ *** لأنها للمعالي أوضحُ السُّبُلِ
فمــنْ تكــنْ حُلــلُ التقــوى ملابسَـهُ *** لمْ يخشَ في دهرهِ يوماً من العَطَلِ
مَنْ لمْ يصــنْ عِرضَــهُ مما يُدَنِّســهُ *** عارٍ وإن كانَ مغموراً منَ الحُلَلِ
مَنْ لم تُفــدهُ صُروفُ الدهـر تجربةً *** فيما يحاولُ فليرعى مع الهَمَلِ
مَنْ سالَمتــهُ الليــالي فليثِــقْ عَجِــلاً *** منها بحَرْبِ عدوٍّ جاءَ بالحِيَلِ
منْ ضيَّـــعَ الحَزْمَ لم يظفـرْ بحاجتِهِ *** ومنْ رمى بسهامِ العُجْبِ لمْ ينَلِ
منْ جـادَ سـادَ وأحيـا العالمـــونَ لـهُ *** بديعَ حمدٍ بمدحِ الفِعلِ مُتَّصِلِ
منْ رامَ نيـــلَ العُلـى بالمـالِ يجمعُهُ *** من غيرِ جُودٍ بُلي منْ جهلهِ وَبُلي
منْ لمْ يصُــنْ نفسَــهُ سـاءَتْ خليقتُهُ *** بكلِّ طَبْعٍ لئيم غيرِ مُنتَقلِ
منْ جالسَ الغاغَة النُّوكَى جَنَى نَدَماً *** لنفسهِ ورُمي بالحادثِ الجَلَلِ
فخُـذْ مقـالَ خبيـرٍ قـد حَـوى حِكَمــاً *** إذ صغتُها بعدَ طولِ الخُبر في عَمَلي
الصفدي :
هو صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي الشافعي
أديب ، مؤرخ، كثير التصانيف الممتعة
ولد في عام (696 هـ = 1296 م )
في صفد (بفلسطين) وإليها نسبته
وتعلم في دمشق
وُلع بالأدب والتاريخ وتراجم الأعيان
تولى ديوان الإنشاء في صفد ومصر وحلب
ثم وكالة بيت المال في دمشق ، وتوفي فيها بالطاعون ، في ليلة عاشر شوال سنة ( 794 هـ = 1363 م ) .
له زهاء مائتي مصنف وقال: " كتبت أزيد من ستمائة مجلد تصنيفا " . رحمة الله عليه .