من لطائف العرب
من لطائف العرب
كان الوزير المهلبي ، قبل اتصاله بالسلطان، في حال ضعفٍ وقلة، وسافر وهو على تلك الحالة ، ولقي في سفره شدة عظيمة ، فاشتهى يوما اللحم فلم يقدر عليه ، فقال ارتجالاً:
ألا موتٌ يُباعُ فأشتريه
فهذا العيشُ ما لا خَيرَ فيهِ
ألا موتٌ لذيذُ الطعمِ يأتي
يُخَلِّصَنِي من العيشِ الكَريهِ
إذا أبصرتُ قبراً مِن بعيدٍ
وددتُ لو أنني مما يليهِ
ألا رَحِمَ المهيمنُ نَفْسَ حُرٍ
تصدَّقَ بالوفاةِ على أخيهِ
وكان معه رفيق من أهل الأدب فرثى له ، واشترى له لحما بدرهم وطبخه وأطعمه وتفارقا.
…. مضت الأيام وترقت حال المهلبي إلى الوزارة، وأخنى الدهر على ذلك الرجل الذي كان رفيقه، وضاقت به الأحوال
وبلغه وزارة المهلبي فقصده ، وكتب إليه:
ألا قل للوزير فدته نفسي
مقال مُذَكِّرٍ ما قد نسيه
أتذكر إذ تقول لضنك عيشٍ
ألا موت يباع فأشتريه
فلما قرأ الرقعة تذكره، وهزته أريحية الكرم
فأمر له في عاجل الحال بسبعمائة درهم، ووقع تحت رقعته:
? مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ?
ثم قلَّده عملاً يرتزق منه.
-------