كلنا رسول الله (ص)
أيُّ قَلبٍ لم يمزِّقهُ كلامُ الكشغَريِّ – هداه الله – وفي سَوْرةِ فَوَران الألَم من وَقعِ تَطَاوُلهِ على الجَنَاب النَّبويِّ الكَريمِ , تقحَّمتُ حياضَ الشُّعراء وتسوَّرتُ نواديهم , وما أنا أهلٌ لذلكَ , ولعلَّ ما أجدُهُ من ألمٍ يكُونُ شافعاً لي.!
رصَّعتُ جيـدَ قصيدَتي بالجَـوهَر = وكَـسوتُها أنشودةَ المُتذَ كِّرِ
وخضَبتُ كفَّيْـها بمدحكَ فارتَمى = بكلَيْهما وجهُ الصَّباح المُسفرِ
ونقَشتُ حبَّكَ صورةً في تاجهَا = فجَرَى عليها الحُسنُ جَرْيَ الكوثرِ
وتضمَّختْ بخِلال طُهرك أحرُفي = حتَّى تملَّقها ذكاءُ العنبرِ
فرأيتُ غَانيَتي تجُرُّ ذيُولها = فَخراً وتأسرُني بِوَجْهٍ أقمَرِ
عيناءُ ؛ مبسمُها النَّدَى ؛ وبأَمرهَا = تختالُ أنسامُ الربيع الممطرِ
وبوَجنتَيها للحيَـاء معاقدٌ = صانتْ بها لي ذمَّةً لم تُخْفَرِ
بدَمي مُخدَّرةٌ خمائلُ حُبِّها = لفَّت هَوايَ بحُسنها المُتَخَيَّرِ
لمْ يُسلني عنها سواكَ , ولم أكُن = يا سَيِّدي من قبلُ بالمُتَصَبّرِ
لكنْ هواكَ مَحَى الَّتي , ومَحَى الأُلى = ومَحَى الَّذي ما كُنتُ فيه بممتري
يا سَيِّدي عُذراً إذا لم يُقضَ لي = في وصفكُم صدرُ المقام الأكبَرِ
عُذراً إذا ما الشعرُ لفَّ حياؤُهُ = وجهَ القصيدة ثم لم تَتَستَّرِ
وأبَتْ مقاماً في اليَراع حبيسةً = فتوشَّحت في العَالمين بأسطُري
عُذراً فدَاكَ اليومَ زيدُ ؛ ومُهجتي = وأبي ؛ وأمي ؛ ذاتُ حٌبِّي المُثمِرِ
حُبِّيكَ حطَّ رحالَهُ بقصيدتي = حتَّى افتَخَرتُ ؛ ويا لهُ من مفخَرِ
فكَتبتُ للدُّنيا وأصغَى الكَونُ لي = وقصيدتي ترنو بطرف أحورِ
عُذراً رسولَ الله زاغَ الكَشغَري = وأتَى بهُجر الأخسَرينَ المُنكَرِ
يا سيِّدي عُذراً فإنَّ زمانَنا = جُمعتْ لهُ سَوْءاتُ كُلِّ الأدهُرِ
زَمَنٌ بهِ الإسفافُ راجتْ سوقُهُ = وبُلِي المُقدَّمُ فيه بالمُتأخِّـرِ
مَعنَى الثَّقَافةِ فيهِ أنَّ عُقولنا = تُلقَى بجَدباء الأديبِ المُصحرِ
ليبُثَّ فيها ما يَشاءُ من القذَى = ومن الأذى , ومن الجُشاءِ الأقذرِ
رُكنا الحضارةِ فيهِ فُحشٌ كامنٌ = مع لوثةِ الإلحَادِ تحتَ الأسطُرِ
عُذراً رسولَ اللهِ إنَّ زمانَنا = حَلْقُ الدِّيانةِ فيه سهلُ المَصدَرِ
العُرفُ فيهِ نكارةٌ ؛ وتخلُّفٌ = وتعجرُفٌ ؛ يُودَى بسبعَةِ أقبُرِ
أمَّا الرَّذيلةُ والمُسُوخُ فإنَّهم = يُبنَى بهم مجدُ الأنامِ الأزهَرِ
وبِهم يُنادَى في المَجامعِ بُكرةً = وعشيَّةً , فيُرَونَ أكرمَ معشَرِ!
لكنَّ فينا رغمَ ذلكَ أمَّـةً = يُغري بهم طرفُ الصَّباح الأشقَرِ
ما رامَ رعديدٌ مقامكَ بالأذَى = إلاَّ رَمَوهُ بصَـارمٍ وبأعقرِ
يا سيِّدَ السَّاداتِ لو أنَّ الوَرَى = ركبُوا إليكَ على العَجَاجِ الأَغبَرِ
لكَفاكَ ربُّ العالَمينَ مسيرَهُم = وسقاهُمُ نقعَ الأُجَاجِ الأكدَرِ
صَلَّى عليكَ اللهُ ما طَالَ السُّرَى = شَوقاً إليكَ بخافقي وبأسطُرِي
وعليكَ صلَّى اللهُ ما هبَّتْ علَى = قلْبي نسائمُ هديكَ المُستَأْثرِ
بمُنايَ ؛ بل بهَوايَ ؛ بل بأزمَّـتي = يقتادُني صوبَ الأعزِّ الأفخَرِ
وعليكَ صلَّى اللهُ ما افترَّ المَدَى = لأذانِ كُلِّ مثوِّبٍ ومُكبِّرِ
وعليكَ صلَّى اللهُ ما دَارتْ عَلَى = شانيكَ دائرةُ البَوارِ الأسعَرِ
يا سيِّدي لو أنَّ سبعةَ أبحُرٍ = كانتْ مِدادَ قصيدَةِ المُتعثِّرِ
والطَّيرُ منطقُها يُترجمُ منطقي = ما صاغَ حبيكُم غمارُ الأبحُرِ
ولو استعنتُ الغابرينَ فَأرفَدو = بالآخرينَ وكلُّهم لم يُقصِرِ
لبَقيتَ أنتَ هُوَ العُلى ؛ وعَلى العُلى = وإلى العُلى؛ بمكانَةٍ لم تُنكَرِ
يا سيِّدي قلمي يجفُّ ؛ وأحرُفي = فيها جوابُ السَّائلِ المُستَخبرِ
فصَلاةُ ربي والملائكَـةِ الكِرا = مِ ؛ سلامُهم مُتفتِّقاً بالعَنبَرِ
يغشَاكَ ؛ والآلَ الكرامَ ؛ وعصبةً = حمَلتْ لنا الإسلامَ غيرَ مُكدَّرِ
من كُلِّ ريَّانٍ بشرعتِكَ احتَوى = سُبُل السَّلامِ ؛ وشِربُهُ من كوثَرِ
والتَّابعينَ ؛ ووالديَّ ؛ ومن عَلى = دربِ المحجَّةِ نالَ طيبَ العُنصُرِ
وعَلَى المُسَيْكِينِ الذي غنَّى لكُم = (رصَّعتُ جيدَ قصيدَتي بالجَـوهَر