أفصح العرب
( أفصح العرب )
جاء في تاج العروس للزبيدي (1/11):
قال أبو الخطَّاب بن دِحْية :
وأفصحُ العربِ قُريشٌ وذلك لأن الله تعالى اختارَهم من جميع العرب واختار منهم محمداً صلّى الله عليه وسلّم،
فجعل قريشاً سكَّانَ حرَمِه وَوُلاةَ بيتِه فكانت وُفودُ العرب من حُجَّاجها وغيرِهم يَفِدون إلى مكَّةَ للحَجِّ ويتَحاكمون إلى قريش.
وكانت قريشٌ مع فصاحتها وحًسنِ لُغاتها ورِقَّةِ ألسنَتِها إذا أتتْهم الوفودُ من العرب تَخيَّروا من كلامهم وأشعارِهم أحسنَ لُغاتِهم وأصفى كلامِهم فاجتمع ما تخيَّروا من تلك اللغات إلى سلائقهم التي طُبعوا عليها فصاروا بذلك أفصح العرب.
ألا ترى أنك لا تجد في كلامهم
عنعنَةَ تميمٍ
ولا عَجْرفة قيسٍ
ولا كَشْكَشَة أسد
ولا كَسكَسةَ ربيعة
ولا الكَسْر الَّذِي تسمَعه من أسدَ وقَيْس.
قال الفراء:
العنعنة في قيس وتميم تَجعل الهمزةَ المبدوءَ بها عيناً فيقولون في إنك عِنّكَ وفي أسلم عسلم .
والكشكشة في ربيعة ومضر يَجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شيناً فيقولون رأيتُكِش ومررتُ بكِش.
والكسكسة فيهم أيضاً يجعلون بعد الكاف أو مكانها سيناً في المذكّر فيقولون عليكس.
والكَسْر مثل: شِعير وبِعير.
والفحفحة في لغة هذيل يجعلون الحاء عيناً.
والوَكَم في لغة بني كلب فيقولون علَيكِمْ وبِكِمٌْ.
والوهم في لغة بني كلب أيضا فيقولون مِنْهِمْ وعنهِمٌْ.
والعجعجة في قُضاعة يجعلون الياءَ المشدّدة جيماً يقولون في تميميٍّ تميمجّ.
والاستِنطاء لغة سعدِ بن بكرٍ وهُذيل والأزْدِ وقيس والأنصار يجعلون العين الساكنة نوناً إذا جاوَرت الطاءَ كأنْطى في أعطى.
والوَتم في لغة اليمن يَجْعَل الكاف شيناً مطلقاً كلبيشَ اللهم لبيشَ.
ومن العرب من يجعل الكافَ جيماً كالجعْبة يريد الكعبة.
واللخْلَخانِيَّة في لغة أعراب الشِّحْرِ وعُمان كقولهم مَشا الله أَي ما شاء الله.
والطُّمطُمانِيَّة تَعْرِض في لغة حِمْير كقولهم طابَ امْهَواء أَي طاب الهواء.
ونقل ابن فارس في فقه اللغة (1/8) عن ابن دريد:
فأما بنو تميم فإنهم يُلحقون القاف باللَّهاة حَتَّى تَغْلظ جداً فيقولون: " القوم " فيكون بَيْنَ الكاف والقاف، وهذه لغة فيهم.
قال الشاعر:
ولا أكُولُ لِكدرِ الكَوم قَدْ نضجت ... ولا أكولُ لبابِ الدَّار مَكْفولُ
وكذلك الياء تجعل جيماً فِي النَّسب. يقولون: " غُلامِجْ " أي " غلامي " .