من أحكام المرأة فى الحج البعد عن مواطن الزحام فى المناسك وعدم الانشغال بالتسوق النفقة ليست واجبة على الزوج وإذنه ليس شرطا
البعد عن مواطن الزحام فى المناسك وعدم الانشغال بالتسوق
النفقة ليست واجبة على الزوج وإذنه ليس شرطا
فى البداية يوضح الدكتور إمام رمضان إمام، أستاذ العقيدة والفلسفة المساعد بجامعة الأزهر، أن كل ما ينطبق على الرجل فى الحج من واجبات ومحظورات ينطبق على المرأة.. غير أن المرأة تختص ببعض الأمور، مثل ملابس الإحرام، إذ إنها ترتدى ثيابها كاملة فى الإحرام، لأن إحرام المرأة فى وجهها دون كشف الرأس وإظهار الشعر، ولا يشترط ثياب معينة للمرأة ما دام اللباس موافقا للشرع كما لا يشترط أن يكون الثياب أبيض اللون وإن كان يستحب البياض من الثياب على العموم.
وأضاف: إن على المرأة التى تقصد الحج أن تتخير الصحبة الصالحة الآمنة التى تعينها على الطاعة وأداء المناسك..وأن تحرص على السؤال فيما غاب عنها أو التبس عليها من أمور حتى تؤدى الشعيرة على علم وموافقة لهدى النبى صلى الله عليه وسلم.
وأشار إلى أنه يجب على المرأة ألا ترفع صوتها بالتلبية والدعاء، وليس لها أن تزاحم الرجال لاستلام الحجر الأسود أو الصلاة فى مقام إبراهيم ما لم يتيسر لها ذلك. وفى الطواف تمشى المرأة الهوينا ولا ترمل، بخلاف الرجل الذى يكون أقرب للهرولة فى طوافه. كما يجب على المرأة الحاجة أن تبتعد عن مواطن الزحام والتدافع مع الرجال، ما أمكنها ذلك. خاصة فى رمى الجمرات فيمكن لها أن ترمى فى الأوقات التى يقل فيها الزحام. وعند التحلل من الإحرام عليها التقصير فقط بأخذ قيد أنملة من شعرها، وليس لها أن تحلق شعرها كاملا، بخلاف الرجل الذى يستحب له الحلق، وينبغى للمرأة أن تستتر فى القص بعيدا عن أعين الرجال، لأن شعر المرأة من الزينة التى لا يجب للمرأة أن تظهرها لغير محارمها.
ونصح إمام رمضان المرأة الحاجة بأن تبتعد عما قد يؤثر على حجها، كالغيبة والنميمة وكثرة الكلام والجدل ومجالس النساء فى غير الذكر، أو أن تفترش الطرقات وتنام فى الحرم غير عابئة بستر نفسها بالشكل المناسب. وعليها أيضا ألا تضيع أوقات الحج الثمينة فى التجوال والتسوق بحكم طبيعة النساء المائلة غالبا للتسوق، مما قد يضيع عليها بعض الصلوات.
نفقة الحج
من جانبه يقول الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو هيئة كبار العلماء، وأستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أنه يشترط فى نفقة الحج بالنسبة للمرأة ما يشترط بالنسبة الرجل من الحل والبعد عن الحرام والشبهات، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، والأصل أن الإنسان يحج من ماله متى كان مستطيعا، وإن لم تتوافر لديه تكاليف الحج كان غير مستطيع ولم تجب عليه الفريضة وهذا من يسر الإسلام، لقوله تعالى “ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا”.
وأوضح أنه إذا لم تكن الزوجة ذات مال خاص لا يجب على الزوج تحمل تكاليف الحج أو العمرة عنها، ولكن الأمر يعود إلى رغبته هو، فإن أبدى استعداده لذلك فهذا من كرم الأخلاق وحسن المعاشرة التى حض عليها القرآن الكريم فى قوله تعالى “وعاشروهن بالمعروف”، لكن لتعلم الزوجة أنه ليس واجبا على زوجها من الناحية الشرعية التكفل بنفقات حجها أو المساهمة فيها مهما كان موسرا.
إذن الزوج
وقال د. رأفت عثمان إن على الزوج أن يستجيب لطلب زوجته بأداء فريضة الحج، منوها إلى أن إذن الزوج ليس شرطا فى حج الزوجة إذا كانت تؤدى حجة الفريضة، أما فى حال ذهاب المرأة للحج نافلة فيجب أن تستأذن زوجها فإن أذن ذهبت، وإلا فطاعة الزوج أولى من النافلة، لأن طاعة الزوج واجبة.وهى مقدمة على نوافل العبادات كصيام التطوع والحج المتكرر، فليس للمرأة أن تصوم نفلا دون إذن الزوج.
أما إذا تعنت الزوج مع زوجته لخلاف ما بينهما وهددها بالطلاق حال ذهابها للحج هذا العام وهى لم يسبق لها الحج، فليس لها أن تذهب للحج حفاظا على أسرتها من الانهيار وعدم وقوع الطلاق، ذلك أن الحج من شروطه السلامة وعدم الضرر، وقياسا على اشتراط الأمن فى الطريق الموصل للأراضى المقدسة يمكن أن تؤجل الحج هذا العام حتى لا توقع نفسها فى الطلاق مع الحرص على كسب ود الزوج وإنهاء ما بينهما من خلاف، عسى أن تتمكن من الأداء العام التالي..
حج الرجل عن المرأة
وأوضح أنه يجوز للمرأة أن تحج عن الرجل غير المستطيع، وللرجل أن يحج عن المرأة، وليس شرطا أن تحج عن المرأة امرأة مثلها، وعن الرجل رجل مثله، فقد سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: يا رسول الله إن أبى أدركته فريضة الحج ولم يحج أفأحج عنه؟ قال صلى الله عليه وسلم: نعم أرأيت إن كان على أبيك دين أكنت قاضيته قالت نعم، قال: فدين الله أحق بالقضاء.
وقال عثمان أنه لا يشترط للموكل بالحج أن يكون ذا قرابة للمحجوج عنه. وأوضح أن الوكالة أو الإنابة تجوز أيضا فى العمرة، حيث يجوز للمرأة أن توكل غيرها لأداء العمرة إذا كان هناك ما يمنعها من الأعذار للسفر بنفسها، وكان معها من المال ما يكفى لنفقة غيرها للاعتمار عنها، لأن العمرة كما يرى الإمام الشافعى واجبة.
المَحْرَم والصحبة الآمنة
وقال الدكتور رأفت عثمان أن الأصل أن يكون مع المرأة محرم أو زوج عند السفر للحج، غير أنه يجوز لها أن تسافر بغير محرم إذا توافرت صحبة النساء الآمنة، وهو ما قال به الإمام الشافعى فى مذهبه أن المرأة لو كانت تخرج للحج مع نسوة مأمونات لا مانع من سفرها من غير زوج أو محرم. وأوضح عثمان أنه لا توجد سن معينةمن الناحية الشرعية للسماح للمرأة للحج بغير محرم فى حال الصحبة الآمنة، غير أن احترام القواعد والشروط التى تضعها الدولة فى مثل هذه الأمور ـ ومنها بلوغ القاصدة للحج سنا معينة ـ فإن هذا واجب دنيوى لا يؤثر على صحة الحج، لكن ينبغى مراعاة هذه الشروط حتى لا تضيع على الحاج حقوق ولا يتعرض لعقوبة.
وحول ما إذا توافرت لدى المرأة الإمكانات المادية، ولم يكن لها زوج أو محرم، ولم تبلغ السن القانونية التى تشترطها الجهات المختصة للسفر فى صحبة آمنة، أى كانت دون 45 عاما، يقول د.رأفت عثمان: إذا كانت تخشى ألا يطول بها العمر حتى يتيسر لها الحج بنفسها كأن كانت تعانى مرضا مزمنا، فيجب أن تنيب من يقوم بالحج عنها بالنيابة ولو بالأجرة ما دامت مستطيعة ماديا. وبهذا الرأى قال الإمام الشافعي.أما إذا لم تخش فوات الحج وكان لديها الأمل فى أن يطول بها العمر لتحج بنفسها فلا يجب عليها الإنابة، ولها أن تنتظر حتى تبلغ السن المطلوبة أو يتوافر لها محرم أو زوج.
الحج فى عدة الوفاة
وفيما يتعلق بحج المرأة فى فترة العدة لوفاة زوجها قال د. رأفت عثمان إن الأصل ألا تخرج المرأة أو تسافر أو ترتب للحج حتى تنتهى فترة العدة، أما إذا كانت المعتدة كبيرة السن أو مريضة وتخشى عدم قدرتها على الحج بعد ذلك إن فاتها الأداء هذا العام فإن قواعد الشرع لا تمنعها من الذهاب، فيوجد مبرر لأن تؤدى هذا العام.
أما بخلاف ذلك فلا يجوز لها أن تخرج للحج قبل أن تنتهى العدة، حتى وإن كانت قد بدأت الإجراءات الإدارية الخاصة بالحج كحجز الطيران والتأشيرة والتطعيمات ونحوها، ما دام الزوج توفى قبل البدء فى الإحرام. أما إذا توفى الزوج أثناء الحج وبعد البدء فى الإحرام فعلى الزوجة أن تمضى فى أداء باقى المناسك وليس لها أن تقطع الحج بأى حال.
الحيض والطواف
إذا أحرمت المرأة للحج تمتعا ثم حاضت قبل الطواف ولم تطهر حتى وقت الوقوف بعرفة، فعليها أن تقوم بكل أفعال الحج عدا الطواف حول البيت لأن الطواف من شروطه الطهارة، وكل من طواف القدوم والوداع سنة فيمكن للمرأة أن تتركها ما لم تتمكن لذلك لعذر خارج عنها.
هذا بخلاف طواف الإفاضة الذى هو ركن من أركان الحج لا يصح الحج بدونه، لذا فإذا حاضت المرأة قبل أو أثناء طواف الإفاضة وتعذر بقاؤها فى مكة لارتباطها بسفر وصحبة وفوج معين ونحو ذلك، وفى نفس الوقت لا تستطيع العودة ثانية إذا سافرت لبلدها، ففى هذه الحالة ذهب فريق من الفقهاء منهم ابن تيمية إلى أن على المرأة أن تغسل موضع نزول الدم ثم تعتصب وتؤدى الطواف، ولا شيء عليها. أما فى الفقه الحنبلى وهو ما أخذت به دار الإفتاء المصرية ـ فيقول بنفس الرأى وزاد عليه أنه يكون على المرأة ذبح شاة قبل أن تغادر الأراضى المقدسة.
الاهرام