• بأليات سورية و كردية... وصل العطش الى دوارنا
×××××
بعد تأزم الوضع بشكل غير مسبوق بدواوير ومراكز كثيرة من اقليمي شفشاون و و وزان وصل الى دوارنا خزان مائي سعته 3000 لترلتوفير حاجيات السكان من الماء ،صحيح سيخفف هذا الخزان مؤقتا من حدة المشكل لكنه يبقى حل ترقيعي وفرته السلطة (ربما بهواجس أمنية )في ظل تعثر مشاريع ربط هذه المناطق بالماء الشروب .
لنتتبع من أين جاءنا العطش؟
يبلغ معدل التساقطات بمنطقتنا ازيد 1500 ملم في السنة (الأعلى وطنيا) و بحكم مكونات طبقتها الجيولوجية ،كانت المنطقة تتوفر على فرشاة مائية سطحية بالكاد لا يتجاوز عمقها 10 أمتار ، والى عهد قريب كان بالدوار عددا كبيرا من العيون و الينابيع صبيبها قوي وجريانها دائم طيلة السنة تحقق الاكتفاء الذاتي للانسان و الحيوانات و سقي البساتين و الأشجار المثمرة .وأتذكر الى عهد قريب عند عودتنا الى الدوار خلا ل العطلة الصيفة كان الوادي وجهتنا المفضلة لاصطياد النون و الشابل و العوم.
لكن اليوم اختفى الماء من الوادي بشكل تام و نضبت العيون و المنابع واختفت جل الاشجار المثمرة و البساتين واصبح السوق وجهة الانسان القروي لكل ما كان ينتج محليا... ، وضع كارثي ساهمت فيه عوامل كثيرة و متداخلة و من أبرزها :
· العامل الطبيعي:يتجلى أساسا في توالي سنوات الجفاف وشح التساقطات نتيجة التغيرات التي يعرفها المناخ العالمي ولعل من أبرز مظاهرها الارتفاع المتواصل لدرجة حرارة الأرض)بالبر و المحيطات(المعروفة بالنينيو .
· تدمير الغطاء الغابوي: لفترة طويلة تعرضت الغابة بالمنقطة خاصة و الشمال عموما للابادة اما بسبب الاجتثاث لزراعة الكيف او بسبب الحرائق التي تلتهم كل سنة المئات من الهكتارات ما زاد من تفاقم الوضع لأن الغابة تلعب دورا مهما في الخفاظ على توازن المنظومة البيئية و تساهم في التخفيق من حدة الجريان لتتغذي الفرشاة المائية الباطنية .
· العامل البشري : يتمثل في سلوكات الانسان المتطرفة تجاه الطبيعة كالاستغلال المدمر و الوحشي للمياه السطحية و الجوفية لسقي حقول الكيف و خصوصا بعد انتشار انواع جديدة تستهلك كميات كبيرة جدا من الماء ما اصاب المزارعين بسعار البحث عن الماء، وفي هذا السياق عرفت المنطقة استقرار عددا كبيرا من الأكراد و السورين الذين ينقبون عن الماء باستعمال تقنية " الصوندا " التي تعتبر السبب الحقيقي للوضع الذي نعيشه حاليا ، فبعد انتشار ثقوب الصوندا كالفطر في كل مكان )مادام التنقيب بهذه الآلة المدمرة يتم دون حسيب و لا رقيب ( جفت العيون أو العناصر كما نسميها محليا و التي كانت المزود الأساسي للسكان بهذه المادة الحيوية ،ومن طرائف الموضوع ظهور صراع بين أصحاب الحفر فبمجرد حفر ثقب جديد يجف الثقب القديم فيلجأ صاحبه الى زيادة عمقه فيجف الثقب الأخر وهكذا دواليك حتى دخل المزارعون في دوامة من الصراعات وصلت الى المحاكم احيانا.
و بالرجوع إلى مرسوم تحديد منح التراخيص و الامتيازات المتعلقة بالملك العام المائي ، في فصله الثاني و المتعلق بالبحث العلني ، نجد في المادة 4 و من خلال الفقرة 2 من المادة 36 من القانون رقم 10-95 ، يحدد لجنة المعاينة قبل منح الترخيص في :
- ممثل السلطة الإدارية المختصة رئيسا.
- ممثل وكالة الحوض المائي المعنية.
- ممثل مصالح العمالة أو الإقليم التابع للسلطة الحكومية المكلفة بالماء.
- ممثل أو ممثلي مصالح العمالة أو الإقليم التابعة للوزارة أو الوزارات المنتمي إليها القطاع المستعمل للماء.
- ممثل المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي.
- ممثل الجماعة أو الجماعات المعنية.
الأمر الذي يدفعنا طرح العديد من الأسئلة الجوهرية :
ــ من أين دخل السوريون و الاكراد ومن اين جاؤوا بكل هذه الاليات ؟
ــ لماذا لا يتم تعيين هذه اللجنة بعينها للبث في منح تراخيص التنقيب عن الماء ؟
ــ لماذا لا تتدخل الجهات المعنية لوقف هذه الجريمة البيئة ؟
ـــ ومادام الحفر بلا ترخيص يتم امام اعين الجميع فلماذا شرع هذا القانون؟
بمرارة أعيش عن قرب ما يقع و أحمل المسؤولية للجميع لأن الكل مشارك في هذه الجريمة البيئية المرتكبة في حق الفرشاة المائية و في حق الانسان و الحيوان و البيئة بشكل عام .
في انتظار رد فعل اجابي لوقف هذا النزيف وابعاد العطش عن سكان الجبال ، املي الوحيد ان يبقى عنصر زاغو(من انجازات الاستعمار الفرنسي بالدوار 1953 ) صامدا في وجه غطرسة الانسان و قساوة الطبيعة لانه جزء من ذاكرتي ويذكرني بالكثير من تفاصيل حياتي الطفولية بالدوار.