فضاءات شنهور

شنهور

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
الطيب سيد أحمد محمد
مسجــل منــــذ: 2011-02-13
مجموع النقط: 1458.41
إعلانات


المواعظ والسامع

( المواعظ والسامع )

قد يعرض عند سماع المواعظ للسامع يقظة، فإذا انفصل عن مجلس الذكر، عادت القسوة والغفلة، فتدبرت السبب في ذلك، فعرفته. ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك، فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفته من اليقظة عند سماع الموعظة وبعدها؛ لسببين:

أحدهما: أن المواعظ كالسياط، والسياط لا تؤلم بعد انقضائها، وإيلامها وقت وقوعها والثاني: أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مزاح العلة1، قد تخلى بجسمه وفكره عن أسباب الدنيا، وأنصت بحضور قلبه؛ فإذا عاد إلى الشواغل، اجتذبته بآفاتها، فكيف يصح أن يكون كما كان؟!

وهذه حالة تعم الخلق؛ إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر، فمنهم من يعزم بلا تردد، ويمضي من غير التفات، فلو توقف بهم ركب الطبع، لضجوا، كما قال حنظلة عن نفسه: نَافَقَ حَنْظَلَةُ2.

ومنهم أقوامٌ يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحيانًا، ويدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحيانا، فهم كالسنبلة تميلها الرياح3.

وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه، كماء دحرجته على صفوان4.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 مزاح العلة: خليٌّ عن الشواغل التي تصرفه عن التأثير بالمواعظ.

2 روى مسلم "2750" عن حنظلة الأسيدي -وكان من كتّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة. قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرًا، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما ذاك"؟ قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، إن لو تدومون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم، وفي طرقكم. ولكن يا حنظلة ساعة وساعة" "ثلاث مرات".

3 عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن مثل السنبلة، تميل أحيانًا، وتقوم أحيانًا" رواه أبو يعلى "2/ 83" وغيره.

4 الصفوان: الصخر الأملس.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من كتاب صيد الخاطر

الإمام ابن الجوزي


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة