فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1773.42
إعلانات


قبلة السقوط .. وبصلة الصعود


قبلة السقوط .. وبصلة الصعود
عبدالرحمن سعد


"أربعون سببا في سقوط الأندلس" ذكرها الدكتور عبدالحليم عويس، يرحمه الله، في مؤلفه بهذا العنوان، نحتاج إلى استذكارها، وتدبرها، حتى نتجنب وقوع الأمة فيها، التماسا للنجاة، بسلوك الصحابة، والاقتداء بهم، وبالتابعين، وبالسلف الصالحين.

أبرز هذه الأسباب التي أدت إلى سقط الأندلس كان: ضعف العقيدة والإيمان، وضياع الغيرة، وفقدان الولاء، وهبوط الشعور الإسلامي العام، واختراق الأعداء للقلب الإسلامي، وسيطرتهم على بعض مواقع التأثير.

"عويس" أخذ على المسلمين في الأندلس حينها أيضا أنهم تركوا الجهاد في سبيل الله على أساس أنه فرض عين وكفاية عامة، وتركوا معه الإعداد للجهاد، ووسائله المادية والمعنوية، علاوة على خيانة بعض العلماء والحكام للمسئولية الإسلامية العامة، وانتشار الفساد، والانحلال.

ومن ذلك أن "ولادة بنت المستكفي" قالت شعرا: "وأمكن عاشقي من صحن خدي.. وأعطي قبلتي من يشتهيها"!

كذلك جاء في الأسباب: تعويق حركة الدعوة، والتكاثر المادي، وتبديد طاقة الأمة في وسائل الزينة والراحة والدعة، وفساد القلوب والضمائر، وانتشار الأمراض القلبية من: حقد وبغضاء، وآفات اللسان من: غيبة ونميمة.

ذلك كله جاء نتيجة تفكك الأخلاق الإسلامية، وضعف العقيدة، وذيوع الهوى، والتكالب المادي، وعبودية الدنيا، والزهد في الآخرة، وانتشار اللهو والغناء الموسيقى والانحلال والخمور وشتى صور الفساد، بحسب عويس.

الآن، قارن بين هذه الروح الانهزامية، وحالة الأمة الزاهية في أيام الصحابة، إذ لم يتركوا كبيرة، ولا صغيرة، إلا واجتهدوا في التقرب إلى الله تعالى بها.. فشتان بين الثرى والثريا.

رُوى أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، خرج في سواد الليل فرآه طلحة فذهب عمر فدخل بيتا آخر فلما أصبح طلحة، ذهب إلى ذلك البيت، فإذا بعجوز عمياء مقعدة.. فقال لها: ما بال هذا الرجل ببابك؟ قالت: "إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا.. يأتيني بما يصلحني، ويخرج عني الأذى"، فقال طلحة: "ثكلتك أمك يا طلحة.. أعثرات عمر تتبع؟".

ورُوى عن مولاة لأبي أمامة الباهلي قالت: "كان أبو أمامة رجلا يحب الصدقة، ويجمع لها من بين الدنانير، والدراهم، والفلوس، وما يأكل.. حتى البصلة، ونحوها، ولا يقف به سائل إلا أعطاه ما تهيأ له في يومه وساعته حتى يضع في يد أحدهم "البصلة".

ولاحظ هنا تخطيط الصحابة والتابعين والسلف الصالح ليومهم وغدهم، وحسن تدبيرهم لمواردهم، ومعايشهم، وتقديمهم الآخرة على الدنيا، وتقديمهم العمل الصالح حتى لو كان "بصلة"، وفي زماننا المعاصر يمكن أن نقول: "أو ليمونة"، بعد ارتفاع سعره، وتفوقه على أسعار جميع أنواع الفواكه المحلية، والمستوردة.

نفعل ذلك تأسيا بحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذي رواه البخاري ومسلم: "عن عدي بن حاتم، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر النار فأشاح بوجهه فتعوذ منها، ثم ذكر النار فأشاح بوجهه فتعوذ منها، ثم قال: "اتّقُوا النّارَ ولَو بشِقّ تَمرَة (نصف تمرة)، فمَن لم يجِدْ شِقّ تَمرَة فبكَلِمةٍ طيّبَة".

abdelrahmansd@gmail.com
عبدالرحمن سعد


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة