بشار

كلمات من رمضان!

كلمات من رمضان! الأحد, 12 يونيو 2016 16:46 د. محمد مصطفى فرج

كانت تلك هى المرة الأولى التى قادنى فيها القدر لأزور ذلك المطعم الصينى المسلم والذى يقع بالقرب من جامعتى حيث كنت أدرس بالصين .. اتسعت عينى فى انبهار عندما وقع بصرى على والد صاحب المطعم وكان شيخا مسنًا جاوز الثمانين من العمر وله لحية بيضاء طويلة زادته بهاء ونوراً.. كان يجلس فى نهاية المطعم وأمامه مصحف يقرأ فيه .. لم يكن مبعث دهشتى قراءته للقرآن فقط وإنما لعمره المديد الذى يدل على أنه حافظ على إسلامه بعد ما رأى من صنوف البلاء والاضطهاد فى دينه الكثير بداية من احتلال تركستان الشرقية (حيث يتركز المسلمون بالصين) وضمها للصين.. مروراً بما عرف بالثورة الثقافية فى الصين والتى امتدت لمدة عشر سنوات هدمت فيها المساجد وحولت لمصانع ومنعت فيها كل أشكال الدين والتدين بقسوة لا مثيل لها .. ألقيت عليه السلام ثم جلست على الطاولة.. نظر لى ملياً فعرف أنى عربى.. أتى لى وطلب منى مساعدة.. ذهبت معه.. جلس ثم فتح القرآن الكريم على عدة آيات وطلب منى قراءتها.. قرأتها له مجودة.. فأخذ يعيد ورائى القراءة حتى اطمأن لنطقها نطقاً صحيحاً .. شعرت بنفسى كالقزم بجوار ذلك الرجل الشامخ الذى لا يزال يصحح التلاوة رغم عمره.. حمدت الله من أعماق قلبى على نعمة اللغة العربية والتى دائماً ما وضعتنى فى الصدارة كميزة لافتة بين كل جنسيات المسلمين غير العرب .. عدت لمقعدى.. أنهيت طعامى.. ذهبت لأدفع حسابى.. فوجدته يبتسم لى ابتسامة رائعة ويردد قائلا: فى سبيل الله .. قبلت هديته لكى لا أفسد فرحته.. شكرته ومضيت ودموع قلبى تنساب حارة فى أعماقى .. شعرت وقتها بنعمة أنى مسلم.. وكيف أن الإسلام جمع بين قلوب اختلفت ألسنتها وجنسياتها .. شعرت بقيمة الكنز الذى أحمله.. اللغة العربية وكونها لغة القرآن الكريم .. شعرت كم أنا قليل بنفسى .. كثير بهذا الدين .. فاللهم لك الحمد حتى ترضى.. ولك الحمد بعد الرضا.. ولك الحمد أبداً أبدا ..