شخصيات إسلامية سفير الإسلام إلى قائد الفرس
شخصيات إسلامية سفير الإسلام إلى قائد الفرس
د.محمد الشحات الجندى
كانت هناك حوارات وسفارات تتم بين المسلمين وغير المسلمين قبل نشوب الحرب والالتحام فى ميادين القتال، والغرض منها تعريف الأعداء بالإسلام والالتقاء على كلمة سواء استجابة لنداء الأديان : «قل ياأهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله» ومنعا من إراقة الدماء وإزهاق الأرواح :«ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق» فالحرب فى الإسلام لرد العدوان. ودعوة الإسلام للمخالفين له، دعوة سلام وأمان، منعا للصراع، وطلبا للتعايش والسلام وقبول الآخر. وتولى هذه المهمة رسل ومبعوثون من خلال رسالته فى عبادة الله وتحرير الإنسان قلبا وعقلا ووجدانا وسلوكا . وهذا المعنى أكده ربعى بن عامر رسول المسلمين إلى الفرس.
وتحكى الأخبار أن ربعى بن عامر ذهب الى قائد الفرس بعزة الإسلام حيث دخل على الوسائد، واللآلىء الوثيقة والزينة العظيمة غير عابئ بمظاهر الأبهة والملك. وقد رأى رستم قائد الفرس جالسا على سرير ذهب فدخل ربعى راكبا فرسه ومعه سلاحه مرتديا ثيابا صفيقة (مبتذلة) وربط فرسه فى إحدى الوسائد ودخل معه سلاحه. فقالوا له: ضع سلاحك، فقال لهم: إنى لم آتكم، وإنما أنتم دعوتمونى، فإن تركتمونى على هذه الحال و إلا رجعت. فقال رستم: ائذنوا له.
ووجه حديثه إليه: ما جاء بكم؟ فقال: إن الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد، إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا الله بدينه إلى خلقه لندعوهم إلى هذا الدين، فمن قبل ذلك رجعنا عنه. قال رستم: سمعت مقالتكم، فهل لكم أن تؤخروا لننظر فى هذا الأمر حتى نتدبر ما فيه. ثم قال له رستم: أسيدهم أنت، قال لا، ولكن المسلمين كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم. لقوله صلى الله عليه وسلم :المسلمون تتكافأ دماؤهم , ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على ما سواهم «، فاجتمع رستم برؤساء قومه. وقال لهم: هل رأيتم قط أعز وأرجح من كلام هذا الرجل. فأبى الفرس الإسلام، ودعوة المسلمين لهم إلى السلام. ثم قالوا متهكمين: أما ترى إلى ثيابه إشارة إلى أنها مبتذلة وغير لائقة. فقال رستم: ويلكم لا تنظروا إلى الثياب وانظروا إلى الرأى والكلام والسيرة، إن العرب يستخفون بالثياب ولكنهم يصونون الأحساب .
من مقالات د.محمد الشحات الجندى