بويزكارن (البلدية)

قصة قصيرة : الثعلب الماكر
كان في الغابة ثعلب جبار، وكان ملكا عليها منذ أمد بعيد، بعدما تحايل ومكر بالأسد الملك القديم، و بعد حرب ضروس،استطاع أن ينتصر فيها على الأسود، فلما استوى له الحكم ، أصدر الثعلب أمرا بقطع لسان كل أسد تسول له نفسه استرجاع مجد أبيه أينما كان، حتى لا يجتمع لها أمر بعد ذلك. وجعل لذلك الأمر حراسا، وكان يساعده في تحكيم قبضته على مختلف الحيوانات ذئاب وقردة.
فاستمر له الحكم والسيطرة على ربوع الغابة الواسعة، لكنه كان ظلوما ماكرا، وكان لا يرحم حيوانات مملكته، ويسلبها أرزاقها ، ويجوعها. فأصبح يتصرف في الحيوانات كيفما يشاء، وكأن الغابة لم تخلق إلا له.
فشكت الحيوانات الأمر للأسود، لكن هذه الأخيرة لا حول لها ولا قوة، وكانت تهمس لهم في كل حين حتى لا يسمع صوتها :
-تعلمون أننا وإياكم سواء، لا نملك من الأمر شيئا ! لكننا لن نصبر على هذا طويلا ؟.
قالوا : لابد أن ندبر أمرا يخرجنا من قبضة هؤلاء الفسدة، ويعيد العدل إلى ربوع غابتنا.
- قال أمير الأسود : لابد ! لكن احذروا العيون لأنها تتنقل من غصن لآخر؟
كانت لحظة شبه مطمئنة، لكنها كانت خاطفة، وانفض الاجتماع السري لتلك الأسود وباقي الأسرة الغابوية، وكل على حذر من عيون الحاكم وبطشه.
عاثت الثعالب والذئاب والقردة في الغابة فسادا، وضاقت هذه الأخيرة بكل الحيوانات ضرعا.
فكرت الحيوانات والأسود في تجميع الشتات وإصلاح ذات البين، حتى يتسنى لها استرجاع المجد والعدل، وتثبيت الأمن بالمعمورة.
فقال أمير الأسود : تعلمون أن ما أصابنا، إنما كان بسبب الطمع والجشع وتفرق الجمع،
ولا يمكن استرجاع المجد والعدل إلا بإصلاح الأحوال وتوحيد الأقوال وتصديق الأفعال.
قالوا كلهم : بلى يا أمير، هو كذلك، وإنما جئنا اليوم مجتمعين وموحدين حتى لا نسقط في نفس الخطإ، حتى سلب منا المجد والعدل، وكان من أمرنا ما كان.
فرح الأمير وسار بجيش عرمرم، يموج موج البحر، ويحكي صوته. فلما رأى حاكمو الغابة هذا المشهد، تفرق جمعهم، ولاذوا بالفرار، من غير ما صمود ولا مقاومة.
فقالت الأسود : ما أضعف كيد الثعالب والذئاب ! ظننا دائما بهم القوة والمنعة، وإنما كان ذلك من ضعفنا.

×××××