أورتزاغ :من ينصف عبد الله وعبد السلام؟؟
أورتزاغ :من ينصف عبد الله وعبد السلام؟؟
×××××
العياشي كيمية
لعل أهم مطلب كل مواطن ومواطنة في كل بلد من بلدان العالم هو تمتعه بالحقوق التي تكفل له حق العيش الكريم ،وتعطيه تلك القيمة الإنسانية المقدسة لوجوده ، سواء كان معافى أو مريضا ،أو حتى بعد أن يوارى التراب.
فتلك الحقوق تكفلها الأعراف والدساتير،وتؤكدها الشرائع السماوية .وقد ناضلت البشرية من أجل بلورتها إلى حقوق لا يجب تخطيها ،ويعاقب كل من قصر أو حط من قدرها ،لأنها حقوق ترتبط بوجود الإنسان كمخلوق مقدس.
ويعتبر احترام تلك القوانين أو الإعتداء عليها مؤشرا لمعرفة مستوى تحضر المجتمع ،ومعيارا لقياس نضج الأنظمة الحاكمة ومدى مسايرتها للتطور الحقوقي التي تعرفه الإنسانية.
وفي هذا السياق أصبحت المواطنة بمفهومها الأخلاقي والقانوني ؛هو مدى تمتع المواطنين بحقوقهم التي تضمنتها دساتيرهم التي استفتوا بشأنها ، وقبلوا بها كإطار مرجعي وميثاق مجتمعي يزاوج بين الحق والواجب ، حفاظا على وحدة المجتمع وديمومته.
ولعل المغرب من البلدان التي اختارت أن تساير الركب الحضاري ،وتتمثل تلك الحقوق كما تنص عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ،ويعتبر دستور2011 تعبيرا عن تلك الإرادة ،نظرا لما يحويه من نصوص راقية في هذا الإطار .مما يجعلنا نتساءل عن الأسباب التي تجعل تلك النصوص حبيسة الرفوف ، أو كلاما إنشائيا للتباهي في المتديات الدولية ، أو مادة دسمة يرفعها تجار السياسة من أجل كسب ود الناخبين التواقين إلى الحرية والكرامة .
لم يكن غرضي من هذه المقدمة هو الغوص في مضامين الدستورالمغربي، كوثيقة قانونية، أوالنبش في الواقع المعيش للمواطن المغربي في علاقته بمؤسسات الدولة ، وإنما كان هدفي أن أثير انتباه الرأي العام المحلي والإقليمي والوطني إلى حق فئة من المغاربة تعيش التهميش والإقصاء العمد من طرف مؤسسات الدولة ، والتنكر من قبل المجتمع. إنها فئة المشردين الذين لاذنب لهم سوى أنهم كانوا مواطنين مثلي ومثلك ،ولسبب من الأسباب وجدوا أنفسم في الشارع يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، يلفحهم حر الصيف ويقتلهم قر الشتاء ،قوتهم ماتجود به يد محسن أو ما تبقى من فتات على مائدة ميسور.يوجد هؤلاء في كل قرية أو مدينة ،تراهم أعين القائد والباشا ورئيس المجلس والبرلماني ،لكن ماداموا لا يستطيعون رفع الشعارات ولا يتظاهرون على أبواب المؤسسات ،فمصيرهم النسيان إلى أن تجمع جثثهم ،كباقي الكائنات الدنيا، إلى مثواهم الأخير.
هذه الظاهرة اللاإنسانية لم تعد تخدش الضمير الإنساني ،أو تعبر عن القصور في تفعيل قوانين حقوق الإنسان التي يتضمنها الدستور المغربي فقط ؛ كعدم التمييز في الحقوق بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد ....أو الإعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان ،أو الحق في الحياة كما ينص الفصل 20،أو الحق في السلامة الشخصية الفصل 21 ،بل أصبحت تشكل خطرا على أبنائنا وبناتنا الدين يرون هذه المظاهر صباح مساء .إنها رسائل سلبية، نقدمها لهم، عن قيمة الإنسان في مجتمعنا ،خلافا لما يتلقونه من قيم إسلامية وإنسانية ووطنية في مؤسساتنا التعليمة.
إن هذه المظاهر وغيرها التي تحط من قدر الإنسان ،تجعلنا جميعا خائفين من المجهول إذا ناب بنا الزمن وفقدنا القدرة على العيش بشكل طبيعي ، بسبب مرض أو عوز .....إلخ.
في قريتي أورتزاغ رجلان ينطبق عليهما كل ما ذكرته،إنهما عبد الله وعبد السلام.لما تراهما يخال إليك أنهما إنسانان من عالم آخر ،مظهرهما تقشعر له الأبدان،وتهتز لهوله الضمائر الحية.غزت الأمراض الخطيرة جسميهما البريئين ،وأصبحت التقرحات السمة الظاهرة عليهما ، ورائحتمها تزكم الأنوف .يقتاتان على ما تجود به يد المحسنين ، بل وكثيرا ما تراهما يلتقطان الأطعمة من صناديق القمامة كالقطط والكلاب الضالة.
كل هذا يحدث على مرأى ومسمع من مسؤولي الجماعة والسلطة المحلية ،علما أن ملف هذين المواطنين سبق أن أثرناه داخل المجلس الجماعي السابق،ونبهنا المسؤولين المحليين إلى وضعهما المأساوي ،وعرفنا بحالتهما من خلال مقال معنون ب " لك الله يا عبد الله"،كما أثارت جمعية اللواء القضية من خلال مراسلة السيد وكيل الملك بابتدائية تاونات،لكن لا أحد حرك ساكنا ،ولا جهة تحملت مسؤوليتها الوطنية اتجاههما.
عبد الله وعبد السلام ياسادة ،لايزاحمانكم كراسيكم التي عشقتموها حتى جعلتموها صنما يعبد ، ولا يطالبان بسيارة رباعية الدفع من أجل التباهي والتفاخر ،ولا يريدان فيلا كما بنيتم وتبنون لأنفسكم من أموال الشعب المظلوم ،ولا يريدان وظيفة ولا ولا ....،إنما يريدان الإنصاف والإهتمام بهما كمواطنين لهما الحق في أن يكونا لهما ملجأ يأويهما وأكلا يسد رمقهما ،كي يعيشا ولو في المستويات الدنيا للإنسانية.
اعلموا ياسادة أن ماتفعلونه بعبد الله وعبد السلام إنما تقتلون فينا إنسانيتنا وتميتون ما بقي في نفوسنا من وطنية ، وتجعلون منا غرباء في أرض احتضنت آباءنا وأجدادنا ،وتزرعون بتقصيركم وشططكم أسباب الغضب في قلوبنا.
أملي أن تجد هذه الكلمات صدى لدى مسؤولينا محليا ووطنيا وإقليميا ، عسى ضمائرهم تستيقظ ،ويدركون أن هذه الشريحة من المجتمع لها الحق كغيرها من أبناء الوطن في العيش الكريم ،وأن التخلي عنها يعد جريمة إنسانية وخيانة للمسؤولية .