يعطي الفقراء ويمنع الشعراء
يعطي الفقراء ويمنع الشعراء:
دخل الشاعر جرير على الخليفة عمر بن عبدالعزيز فأنشد يقول:
إن الذي بعث النبي محمداً .. جعل الخلافة في الإمام العادل
وسع الخلائق عدله ووقاره .. حتى ارعووا وأقام ميل المائل
إني لأرجو منه خيراً عاجلاً ..والنفس مولعة بحب العاجل
والله أنزل في الكتاب فريضة ..لابن السبيل وللفقير العائل
فقال له الخليفة: اتق الله ولا تقل إلا حقاً، فأنشأ يقول :
كم باليمامة من شعثاء أرملة ..ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر
ممن بعدلك يكفي فقد والده ..كالفرخ في العش لم يدرج ولم يطر
أأذكر الجهد والبلوى التي نزلت ..أم قد كفاني ما بلغت من خبري
إنا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا ..من الخليفة ما نرجو من المطر
إن الخلافة جاءته على قدر.. كما أتى ربه موسى على قدر
هذي الأرامل قد قضيت حاجتها ..فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر
الخير ما دلت حيا لا يفارقنا ..بوركت يا عمر الخيرات من عمر
فقال عمر : والله يا جرير لقد وافيت الأمر، ولا أملك إلا ثلاثين ديناراً فعشرة أخذها عبدالله ابني، وعشرة أخذتها أم عبدالله، ثم قال لخادمه : ادفع إليه العشرة الثالثة . فقال : والله يا أمير المؤمنين إنها لأحب مال اكتسبته، ثم خرج فقال له الشعراء : ما وراءك يا جرير ؟ فقال : ورائي ما يسوءكم خرجت من عند أمير يعطي الفقراء ويمنع الشعراء، وإنني عنه لراض، ثم أنشأ يقول :
رأيت رقى الشيطان لا تستفزه .. وقد كان شيطاني من الجن راقيا