فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء أعلام ورجالات وعوائل

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3384.92
إعلانات


«سعد الدين الشاذلي».. حارب.. فانتصر.. فسجن.. فرحل ***رحمك الله أيها البطل

«سعد الدين الشاذلي».. حارب.. فانتصر.. فسجن.. فرحل «سعد الدين الشاذلي».. حارب.. فانتصر.. فسجن.. فرحل

حسن عاشور الأربعاء, 10 فبراير 2016 20:52

في ميدان الحرب قاتل ومن ميدان الثورة شيعت جنازته.. حارب فانتصر وعارض فسجن واعترض فحرم.. فكرمه التاريخ وحفظه بين صفحاته. إنه الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر، الذي لم يشفع له تاريخه العسكري الكبير بعد أن عارض الرئيس الأسبق أنور السادات فنفاه، ولم ينصفه خلفه حسني مبارك بل سجنه.. فشاءت الأقدار وتبدلت الأحوال، ففي نفس الميدان الذي خرج فيه الملايين للهتاف ضد مبارك شيع جثمانه. كانت حياة الشاذلي العسكرية مليئة بالأحداث والمفارقات الكبيرة، وقد أطلق عليه "مهندس حرب أكتوبر" و"روميل العرب" و"ديان مصر"، وقد وصفه القادة الإسرائيليون في مذكراتهم أنه قائد مصري كفء وقادر على رسم وتنفيذ خطط عسكرية بالمستوى العالمي المتعارف عليه في الأكاديميات العسكرية. ولد الشاذلي بقرية شبراتنا مركز بسيون في محافظة الغربية في 1أبريل 1922 في أسرة فوق المتوسطة كان والده من الأعيان، وكانت أسرته تملك 70 فدانًا، أبوه هو الحاج الحسيني الشاذلي، وأمه السيدة تفيدة الجوهري وهي الزوجة الثانية لأبيه، وسمىّ على اسم الزعيم سعد زغلول، كان والده أحد ملاك الأراضي الزراعية التحق بالكلية الحربية في فبراير 1939، وكان أصغر طالب في دفعته وتخرج منها في يوليو 1940 ملازما في سلاح المشاة، ثم تم انتدابه إلى الحرس الملكي، ثم شارك في الحرب العالمية الثانية وفي حرب فلسطين 1948، ثم قام بتأسيس أول فرقة مظلات شاركت في العدوان الثلاثي على مصر. وفي عام 1960، أرسله جمال عبد الناصر إلى الكونغو كأول قائد عربي يشارك مع قوات حفظ السلام لمنع بلجيكا من استعمار الكونجو مرة أخرى، بعد الحصول على استقلالها، ثم شارك في حرب اليمن قائدا للواء أول مشاة، ثم قائدا للقوات الخاصة بعد دمج المظلات والصاعقة لتصبح اسمها "القوات الخاصة المصرية" ثم قائدا لمنطقة البحر الأحمر. شغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في الفترة ما بين 16 مايو 1971 وحتى 13 ديسمبر 1973 ومؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر، وأمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشئون العسكرية، وسفير سابق لدى إنجلترا والبرتغال، ومحلل عسكري، يعتبر من أهم أعلام العسكرية العربية المعاصرة، ويوصف بأنه الرأس المدبر لحرب أكتوبر أو كما يطلق عليه "مهندس حرب أكتوبر". هو صاحب خطة المآذن العالية، أو "عملية بدر" لعبور القناة، وكان المخطط لتنفيذها في 1971 ولكن القوات الجوية والدفاع الجوي كان ينقصهما بعض الأسلحة للتفوق على الإسرائيليين ومنعهم من الاقتراب لمسافة 10 كيلو متر من القناة بعد عبور القوات المصرية. يوم 12 أكتوبر، أرسلت القيادة العسكرية السورية مندوبًا للقيادة الموحدة للجبهتين التي كان يقودها المشير إسماعيل تطلب زيادة الضغط على القوات الإسرائيلية على جبهة قناة السويس لتخفيف الضغط على جبهة الجولان، فطلب السادات من إسماعيل تطوير الهجوم شرقًا لتخفيف الضغط على سوريا. عارض الشاذلي الفكرة بشدة قائلاً إن أي تطوير خارج نطاق الـ12 كيلو التي تقف القوات فيها بحماية مظلة الدفاع الجوي، وأي تقدم خارج المظلة معناه أننا نقدم قواتنا هدية للطيران الإسرائيلي، ومازالت القوات الجوية الإسرائيلية قوية وتشكل تهديداً خطيراً لأية قوات برية تتحرك في العراء دون غطاء جوي. اتصل اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثاني الميداني بالقيادة العامة طالباً مكالمة الشاذلي ليخبره باستقالته ورفضه تنفيذ الأوامر، وبعدها بدقائق اتصل اللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث الميداني بالقيادة وأبدى معارضة شديدة لتلك التعليمات التي أرسلتها القيادة العامة إليه والمتعلقة بتطوير الهجوم، وقال «الفريق الشاذلي» لهم إنه نفسه معترض على تطوير الهجوم لكنه أجبر على ذلك فاتح الفريق الشاذلي المشير أحمد إسماعيل مرة أخرى في الموضوع وأبلغه باعتراضات قائدي الجيشين وتقرر استدعاء اللواء سعد مأمون واللواء عبد المنعم واصل لحضور مؤتمر بالقيادة العامة مساء اليوم نفسه، وخلال هذا المؤتمر الذي عقد من الساعة 6 إلى الساعة 11 مساءً، كرر كل منهم وجهة نظره مراراً وتكراراً، لكن كان هناك إصرارا من المشير أحمد إسماعيل قائلا إن «القرار سياسي، ويجب أن نلتزم به، والشيء الوحيد الذي تغير هو تأجيل الهجوم من فجر يوم 13 أكتوبر إلى فجر يوم 14 أكتوبر كما كان محددا وتم سحب الفرقتين 21 و4 المدرعتين وتم دفعهما نحو المضايق مما تسبب في اصطدامها بالقوات الجوية والمدرعة الإسرائيلية، والتي أدت إلى خسارة مصر 260 دبابة من القوة الضاربة في الحرب. ثم حاول الشاذلي تجميع الفرقتين المدرعتين 21 و4 مرة أخرى للقيام بمهامهما شرق القناة، إلا أن المشير أحمد إسماعيل اعترض بشدة؛ مما ساعد في تفوق القوات الإسرائيلية وتسبب في ثغرة الديفرسوار، وهنا وصلت الأمور بين الرئيس السادات والفريق الشاذلي إلى منتهاها فقام السادات بإقصائه وتولي الفريق الجمسي منصبه ليقوم بالتعامل مع الثغرة. وأرسل إليه السادات المشير أحمد إسماعيل لإبلاغه بترك الخدمة، وتعيينه سفيرا لمصر في لندن في 13 ديسمبر 1973 ولكنه رفض وقال له: "لو كان هذا عقابًا لي فأفضل أن يكون في بلدي وإذا كان مكافأة فأنا أرفضها". ولكن السادات أقنعه بنفسه، وتولى منصب سفير مصر في لندن عام 1974 بحجة أنه سيتم إعادة بناء القوات المسلحة مرة أخرى وأنه سيكون بالقرب من ألمانيا لتسهيل صفقات السلاح السرية معها. وبعدها، قام السادات بنشر كتابه الشهير "البحث عن الذات" الذي اتهم فيه الشاذلي بالتخاذل، مما أغضب مهندس أكتوبر جدا، لأنه الوحيد الذي يعرف أن السادات هو السبب في الثغرة فرد عليه بكتابه "حرب أكتوبر"، الذي اتهم فيه السادات بعدم تنفيذ الخطط العسكرية والاستماع إلى العسكريين مما أدى إلى الثغرة ودخول القوات الإسرائيلية إلى غرب القناة واتهم الرئيس بالتنازل عن النصر والانسحاب وتدمير القوات والقبول بمعاهدة كامب ديفيد التي عارضها الشاذلي. وأنهى كتابه بالبلاغ للنائب العام عن السادات بشدة؛ مما أثار ذلك الرئيس السادات الذي أمر بسحب كل صوره التي كان يظهر فيها إلى جواره في مركز العمليات ووضع صور الجمسي مكانها.. وتم اتهامه بنشر أسرار عسكرية وتم الحكم عليه بـ 3سنوات سجنا. بعد توقيع السادات لمعاهدة "كامب ديفيد" عام 1978، انتقد الفريق الشاذلي بشدة تلك المعاهدة وعارضها علانية، وهاجم الرئيس واتهمه بالديكتاتورية واتخذ القرار بترك منصبه سفيراً لدى البرتغال والذهاب إلى الجزائر كلاجئ سياسي، عرض عليه العديد من الرؤساء والملوك الإقامة عندهم، لكنه اختار الجزائر، وبرر اختياره أنها دولة تقوم على مبدأ الحكم الجماعي وليس الحكم الفردي. تسبب كتاب "مذكرات أكتوبر "في محاكمة الفريق الشاذلي غيابيًا في عهد حسني مبارك عام 1983 بتهمة إفشاء أسرار عسكرية وحكم عليه بالسجن 3 سنوات مع الأشغال الشاقة ووضعت أملاكه تحت الحراسة، كما تم حرمانه من التمثيل القانوني وتجريده من حقوقه السياسية. في مساء 14 مارس 1992، عاد الفريق الشاذلي إلى مصر بعد أن قضى 14 سنة منفيًا في الجزائر منها سنتان في عهد السادات، و12 سنة في عهد مبارك، وقبض عليه فور وصوله مطار القاهرة وصودرت منه جميع الأوسمة والنياشين وأجبر على قضاء مدة الحكم عليه بالسجن الحربي لأن الأحكام العسكرية ليس بها استئناف ولا نقض ولا تسقط بالتقادم. ظهر للمرة الأولى بعد خروجه من السجن على قناة "الجزيرة" في برنامج "شاهد على العصر" في 6 فبراير 1999، وظهر بعدها في بعض القنوات الفضائية كمحلل عسكري وفى البرامج التي تناولت حرب أكتوبر في أواخر التسعينيات القرن الماضي، حتى تُوفي "الشاذلي" في 10 يناير 2011، بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة، عن عمر بلغ 89 عامًا. ظل الفريق الشاذلي منسيًا لمدة 19 سنة بعد الإفراج عنه ولم يتم دعوته إلى أي نوع من الاحتفالات الخاصة بحرب أكتوبر لحين وفاته في خضم ثورة 25 يناير 2011. بعد ثورة 25 يناير أعاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة نجمة سيناء لأسرة الفريق الشاذلي عام 2011 بعد تنحي الرئيس حسني مبارك بأسبوعين وفي 3 أكتوبر 2012 منحه الرئيس محمد مرسى قلادة النيل العظمى لدوره الكبير في حرب أكتوبر. وفي 11 فبراير 2011 وفي جنازة عسكرية وشعبية مهيبة شيعت بعد صلاة الجمعة جنازة الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر المجيدة. وحمل النعش الملفوف بعلم مصر على سيارة عسكرية وبجواره رجال القوات المسلحة وخلفهم حملة النياشين والأنواط التي حصل عليها الفقيد خلال مسيرة حياته في القوات المسلحة ، وسار خلف النعش المشيعون يتقدمهم بعض قادة القوات المسلحة وأسرة الفقيد والعديد من أصدقائه في القوات المسلحة والحياة المدنية. وردد بعض المشيعين هتافات تعدد مآثر الفريق الشاذلي حيث هتف بعض الشباب "خدنالك حقك يا شاذلي"، وهتف آخرون "الله يرحمك يا سعد الدين.. الله يرحمك يا صلاح الدين"، وذلك في أشارة للدور الكبير الذي لعبه الفريق الشاذلي في نصر أكتوبر. وقد تقدم المشيعين الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية في السويس إبان حرب 73، وكان أمام المسجد قد تجاهل اسم الفريق الشاذلي طوال الخطبة وحتى عند دعوته لصلاة الجنازة لم يذكر اسم الفريق، مما جعل الشيخ حافظ سلامة يهتف الشاذلي هو البطل الحقيقي لحرب أكتوبر مما اضطر أمام المسجد بأن يذكر أن الجنازة هي للراحل سعد الدين الشاذلي. وقد خطب في المشيعين الشيخ حافظ سلامة بعد تحميل الجثمان على عربة عسكرية قائلا :"إن الفريق الشاذلي أفنى حياته من أجل هذا الوطن وأننا مدينون له بالكثير".


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة