بحر الرجز
بحر : الرجز
تدخل تغييرات عدة على تفعيلة هذا البحر مما جعله ذا فائدة كبيرة للمسرح الشعري، ولكن كثرة هذه التغييرات جعلته أقرب إلي النثرية، ولقد سمي هذا البحر بمطية الشعراء أو حمار الشعراء، ولقد تحاشى كبار الشعراء الكتابة عليه لكونه سهل الترخيصات والقيود.
وقد اشتهر هذا الوزن في المنظومات التعليمية مثل منظومة ألفية ابن مالك في النحو، وقد أكثر استخدامه الشعراء الجدد فيما يسمى "الشعر الحرّ".
ويذكر أن مشطور هذا البحر وبعض صوره تجعله مختلطًا في بعض الأحيان ببعض بحور مشتركة في إطاره لا تختلف عنه، فكم من قصائد للبحر السريع حسبت على أنها من بحر الرجز، وكم من قصائد للبحر المنسرح حسبت على أنها من بحر الرجز أيضًا.
1 ـ الرجز التام:
وزنه: مستفعلن مستفعلن مستفعلن... مستفعلن مستفعلن مستفعلن
صوره: الرجز التام له صورتان على النحو التالي:
الصورة الأولي: العروض صحيحة (مستفعلن) والضرب مثلها:
ومنه قول أبي العتاهية:
من لم يعظهُ الدهرُ لم ينفعه ما .... راح به الواعظُ يومًا أو غدا
من لم تفيده عبر أيامه .... كان العمى أولى به من الهدى
ومنها قول عنترة بن شداد يتوعد بني شيبان :
مدت إليَّ الحادثاتُ باعَها ....وحاربتني فرأت ما راعها
يا حادثات الدهر قرِّي واهجعي.... فهمَّتي قد كشفت قناعها
ما دُسْتُ في أرض العداةِ غدوةً ....إلا سقى سيل الدما بقاعها
ويلٌ لشيبان إذا صبحتها....وأرسلتْ بيض الظبا شعاعها
وخاض رمحي في حشاها وغدا....يشكُّ مع دروعها أضلاعها
الصورة الثانية : العروض صحيحة ( مستفعلن) والضرب مقطوع :
ومن ذلك قول الشاعر :
من ذا يداوي القلب من داء الهوى....إذ لا دواء للهوى موجود
أم كيف أسلو غادةً , ما حبها ....إلا قضاء ما له مردود
القلبُ منها مستريحٌ سالمٌ....والقلبُ مني جاهدٌ مجهودُ
تقطيع البيت الأول :
من ذا يداوي القلب من داء الهوى .... إذ لا دواء للهوى موجود
من ذا يدا / ولقلب من / داء لهوا .... إذ لا دوا / ء للهوا / موجودو
/ه/ه//ه /ه/ه//ه /ه/ه//ه .... /ه/ه//ه /ه/ه//ه /ه/ه//ه
مستفعلن / مستفعلن / مستفعلن.... مستفعلن / مستفعلن / مستفعلُ
صحيح / صحيح / صحيح .... صحيح / صحيح / مقطوع
ومنها قول صفي الدين الحلي :
لا بلغ الحاسد ما تمنى ....فقد قضى وجدًا ومات مِنَا
ولا أراه الله ما يرومهُ .... فينا ولا بُلِّغَ سوءًا عنَّا
أراد يرمي بيننا لبيننا .... فجاء في القول بما أردنا
أبلغكم أني جحدتُ حبكمُ ....أصاب في اللفظ وأخطا المعنى
ظن حبيبي راضيًا بسعيه ....فشن غارات الأذى وسنَّا
ومنها قول العقاد تحت عنوان ( قربى ) :
تقرَّبي لله بالدعاءِ ....أنتِ قُرْبَى الأرض للسماء
ليس مكانٌ في السماء كلها ....عن شاعر أو عاشق بناء
ربَّ صلاة علمت مصليًا ....إجابة الصلاة والرجاء
ورفعت من طينة الأرض إلى....عرش السماء سلم ارتقاء
2 ـ الرجز المجزوء
وهو الذي يتكون من تفعيلتين في كل شطر من البيت .
وزنه : مستفعلن مستفعلن ... مستفعلن مستفعلن
صورته : العروض صحيحة ( مستفعلن ) والضرب مثلها :
ومنه قول البهاء زهير :
وجاهلٍ لا زمني... لقيت منه عنتا
وكأنما حم عليـ...ـه الدهر ألا يسكتا
أُنْسي به إذا نأى...ووحشتي إذا أتى
طالت بي بليتي... يا رب ما أدري متى ؟
تقطيع البيت الأول :
وجاهلٍ لا زمني ... لقيت منه عنتا
وجاهلن / لازمني ... لقيت من / هو عنتا
//ه//ه /ه///ه ... //ه//ه /ه///ه
متفعلن مستعلن ... متفعلن مستعلن
ومنه قول شوقي :
لي جدةُ ترأف بي... أحنى علىَّ من أبي
وكل شيء سرني... تذهب فيه مذهبي
إن غضب الأهل عليَّ... كلهم لم تغضبِ
مشي أبي يومًا إليَّ... مشية المؤدبِ
غضبان قد هدد بالضـ...ـربِ وإن لم تغضبِ
فلم أجد لي منه غيـ... ـــر جدتي من مهربِ
فجعلتني خلفها...أنجو بها وأختبي
وهي تقول لأبي... بلهجة المؤنبِ
ويحٌ له ويحٌ لهـ ... ـذا الولد المعذبِ
ألم تكن تفعل ما... يفعل إذ أنت صبي
ومنه قول البهاء زهير :
أيها الجاهلُ قل لي... كيف لا تكتم سرَّك
أنا في أمرٍ مريبٍ... كلما حققت أمرك
لا جزاك الله خيرًا... وكفانا الله شرك
3 ـ الرجز المشطور :
وهو ماكان علي ثلاث تفعيلات ، وعروضه هي ضربه ؛ لأنه على شطر واحد .
وزنه : مستفعلن مستفعلن مستفعلن
ومنها قول البهاء زهير :
يا ربِّ ما أقربَ منك الفرجا
أنت الرجاءُ وإليك الملتجا
يا ربِّ أشكو لك أمرًا مزعجا
أبهم ليل الخطب فيه ودجا
يا ربِّ فاجعل لي منه مخرجا
ومنها قول عمرو بن أبي ربيعة :
خانك من تهوى فلا تخنه
وكن وفيًا إن سلوت عنه
واسلك سبيلَ واصله وصنه
إن كان غدارًا فلا تكنه
عسى تباريح تجئ منه
فيرجع الوصلُ ولم تشنه
تقطيع البيت الأول :
خانك من تهوى فلا تخنه
خانك من / تهوا فلا / تخنهو
/ه/ه//ه /ه/ه//ه //ه/ه
مستفعلن / مستفعلن / متفعلْ
ومنه قول الحطيئة :
الشعر صعبٌ وطويلٌ سلمه
إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه
زلت به إلي الحضيض قدمه
يريد أن يعربه فيعجمه
ومنه قول الناقد :
الشعراء فاعلمن أربعه
فشاعر لا يرتجى لمنفعه
وشاعر ينشد وسط المعمه
وشاعر آخر لا يرجى معه
وشاعر لا تستحي أن تصفعه
ومنه قول البهاء زهير :
وصاحبُ جعلته أميري
أسكنته في داخل الضمير
أودعته الخفي من أموري
فكان مثل النار في البخورِ
صحبته ولم يكن نظيري
قدمته وهو يرى تأخيري
ومنه قول الشاعر :
يا أيها المشغوف بالحب التعب
كم أنت في تقريبِ ما لا يقترب
دَعْ وِدَّ مَنْ لا يرعوي إذا غضب
ومن إذا عاتبته يومًا عتب
إنك لا تجني من الشوك العنب
4 ـ الرجز المنهوك :
وهو ما كان على تفعيلتين ، سواءً كتبنا كل بيت منهفي شطر على حدة أم جعلنا كل بيتين في سطر واحد
وزنه : مستفعلن مستفعلن
ومنه قول الشاعر :
حسبي بعلمي إن نفع
ما الذل إلا في الطمع
من راقب الله رجع
عن سوء ما كان صنع
ما طار طيرٌ وارتفع
إلا كما طار وقع
ومنه قول أبي نواس :
إلهنا ما أعدلك
ملِيك كل من ملك
لبيك قد لبيتُ لك
ما خاب عبدٌ سألك
أنت له حيث سلك
لولاك يا ربِّ هلك
لبيك إن الحمد لك
والملك لا شريك لك
اعمل وبادر أجلك
واختم بخير عملك
لبيك إن الحمد لك
والملك لا شريك لك
والليل لمَّا أن حلك
والسابحات في الفلك
*****