الحذف في باب كان وأخواتها
الحذف في باب (كان) وأخواتها:
يقول ابن مالك:
ويحذفونها ويبقون الخبر..... وبعد إن ولو كثيرا ذا اشتهر
- تحذف كان مع اسمها ويبقى خبرها كثيرا بعد (إن)؛ كقوله:
قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا..... فما اعتذارك من قول إذا قيلا
التقدير: إن كان المقول صدقًا، وإن كان المقول كذبًا.
- وبعد (لو) كقولك: ائتني بدابة ولو حمارًا؛ أي: ولو كان المأتي به حمارًا.
- وقد شذ حذفها بعد (لدن) كقوله: (من لد شولا فإلى إتلائها)،
التقدير: من لد أن كانت شولا.
ويقول ابن مالك:
وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب .....كمثل أما أنت برا فاقترب
ذكر في هذا البيت أن كان تحذف بعد أن المصدرية، ويعوض عنها (ما)، ويبقى اسمها وخبرها نحو: (أما أنت برًا فاقترب)، والأصل: أن كنت برًا فاقترب. فحذفت (كان)، فانفصل الضمير المتصل بها وهو التاء، فصار (أن أنت برًا) ثم أتى(بما) عِوضًا عن (كان)، فصار(أن ما أنت برًّا) ثم أدغمت النون في الميم، فصار (أمَّا أنت برا)، ومثله قول الشاعر:
أبا خراشة أما أنت ذا نفر..... فإن قومي لم تأكلهم الضبع
فأن مصدرية وما زائدة عوضًا عن كان، و(أنت) اسم كان المحذوفة، و(ذا نفر) خبرها، ولا يجوز الجمع بين كان وما لكون ما عوضا عنها ، ولا يجوز الجمع بين العوض والمعوض عنه، وأجاز ذلك المبرد فيقول (أمَّا كنت مُنطلقًا انطلقت)، ولم يسمع من لسان العرب حذف (كان) وتعويض ما عنها وإبقاء اسمها وخبرها إلا إذا كان اسمها ضمير مخاطب كما مثل به المصنف.
ولم يسمع مع ضمير المتكلم نحو (أمَّا أنا مُنطلقًا انطلقت)، والأصل (أن كنت مُنطلقا)، ولا مع الظاهر نحو (أمَّا زيدٌ ذاهبًا انطلقت)، والقياس جوازهما كما جاز مع المخاطب، والأصل (أنْ كان زيدٌ ذاهبًا انطلقت)، وقد مثل سيبويه- رحمه الله- في كتابه (بأما زيدٌ ذاهبًا).