فضاءات بويزكارن (البلدية)

بويزكارن (البلدية)

فضاء أعلام ورجالات وعوائل

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
mohamed arejdal
مسجــل منــــذ: 2012-05-28
مجموع النقط: 1336.05
إعلانات


القايد الناجم الأخصاصي

×××××

يعرف الجميع الثائر بوحمارة، بينما قلة تعرف آسره. ويعرف الجميع أحمد الهيبة، وقلة سمعت بقائد جيوشه. حتى الفرنسيون أنفسهم أخطؤوا نسبه فأسموه “الثائر الناجم بن مبارك أخ الهيبة”، بينما هو في الحقيقة ليس إلا “عبدا” بيع في سوق النخاسة، قبل أن يصبح محاربا فذا، وقائدا في الجيش المخزني.

لولا ما دونه العلامة المختار السوسي في الجزء العشرين، والأخير، من كتابه «المعسول» لما احتفظ التاريخ برجل اسمه الناجم الأخصاصي. حارب هذا الرجل بوحمارة سنين طويلة في منطقة شاسعة تمتد من فاس إلى وجدة ثم الريف، إلى أن أطاح به وقاده أسيرا على ظهر جمل إلى فاس. ولما سقط المغرب تحت الاحتلال انقلب ثائرا، فقاد حركة المقاومة في سوس تحت راية أسرة ماء العينين مدة 22 عاما. على أنه لم يكن في أول أيامه سوى مسخَّر يتنقل خادما بين الدور الكبيرة في الجنوب، قبل أن يمسك المجد من طرفيه. في سن الثانية والتسعين، جلس القائد الناجم الأخصاصي، بين يدي علامة سوس يحكي سيرته، «جلوسَ الشاب اللقِن الذي يستحضر كل ما مر به، فلا ينسى موقفا ولا شخصا ولا حديثا كأنما في صدره مسجِّل (مانيطوفون) عتيد، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها». كان ذلك في أواخر سنة 1958، واستمر تدوين المذكرات قرابة شهر ونصف.
يقف المختار السوسي مشدوها أمام هذه «الشخصية العصامية الغريبة […] التي نشأت في اليتم والفقر، وفي الأمية وفي مسارح الغنم، ثم لم يدر عليها الفلك إلا قليلا حتى صار صاحبها من أبطال الجندية المقاديم […] ثم رأيناه لا يزال يعشق الحرب في كهولته كما كان يعشقها في شبيبته، فيطير إليها كلما سمع هيعة (صيحة حرب)، إلى أن جلله الشيب بين الصفوف وتحت بوارق السيوف، ثم لم يهدأ حتى لم يجد بعدُ معتركا بعد سبعين سنة من عمره».
تستغرق مذكرات الناجم الأخصاصي معظم الجزء العشرين من «المعسول» (170 صفحة). وقد أملاها شفهيا على المختار السوسي. وتحكي سيرته من ولادته بقبيلة الأخصاص قرب تزنيت، فصباه وتدرجه في خدمة قواد الجنوب قبل أن ينخرط في سلك الجندية، ثم حربه مع بوحمارة، وانضمامه لحركة أحمد الهيبة، وأخيرا استقراره بين قبائل آيت باعمران، وقد قارب السبعين عاما، إلى أن شاهد بأم عينيه استقلال المغرب. وتتوقف المذكرات في حدود 1958، تاريخ إملائها، لكن الناجم الأخصاصي عاش بعد ذلك ردحا من الزمن إلى أن توفي سنة 1964 وقد جاوز عمره 97 عاما.

خالد الغالي (((( منقول من جريدة زمان))))


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة